بقلم : الدكتور سداد الرجوب
كاتب سياسي
جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم في الأمم المتحدة كصرخة حق ونداء صدق، تجاوز حدود الدبلوماسية التقليدية ليصبح مرآةً لضمير الشعوب، ولسان حال الأمة التي أنهكتها الأزمات وأرهقتها الحروب والمؤامرات.
لم يكن خطابًا عابرًا ولا مجرد كلمات تُلقى في قاعة كبرى، بل كان موقفًا تاريخيًا يضع النقاط على الحروف ويعيد القضايا المصيرية إلى موقعها الصحيح في جدول الاهتمام الدولي.
لقد تحدث جلالة الملك بجرأة ومسؤولية، فعبّر عن نبض الشارع العربي والإسلامي، وعن مشاعر الملايين الذين يتطلعون إلى كلمة حق تقال في وجه الظلم والهيمنة. وحينما شدد على أن الشجب والاستنكار وحدهما لا يكفيان، كان يوجه رسالة واضحة إلى العالم: إن وقت الأقوال الفارغة قد انتهى، وحان زمن الأفعال والمواقف الملموسة التي تصون الحق وتحمي الإنسان.
خطاب جلالة الملك لم يكن رسالة إلى الحكومات وحدها، بل إلى شعوب العالم أجمع، ليذكرهم بأن هناك شعبًا يُعاني تحت الاحتلال، وأمةً ما زالت تتمسك بحقها في الحرية والكرامة.
لقد جسّد الخطاب المعادلة الصعبة: قوة المنطق وبلاغة الموقف، واستنهاض الضمير العالمي كي يعود إلى جادة العدل.
إنها لحظة فاصلة حين يتحول خطاب قائد إلى وثيقة أخلاقية وسياسية في آن واحد، وحين يجد الناس في كلماته انعكاسًا لآمالهم وآلامهم.
ومن هنا، فإن خطاب الملك في الأمم المتحدة ليس مجرد حدث سياسي عابر، بل علامة فارقة تؤكد أن الأمة ما زال لها صوت واحد يعلو، وراية واحدة ترفرف، ورسالة خالدة لا تسقط بالتقادم
: فالحق لا يُهزم وإن طال الزمن