كلمة ملكية في منصة أممية… خطاب بحجم الأمة

36 ثانية ago
كلمة ملكية في منصة أممية… خطاب بحجم الأمة

بقلم المحامي حسين احمد الضمور
في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ليُلقي خطاباً حمل بين كلماته عمق الرسالة الأردنية، وصدق الانتماء العربي، ووضوح الرؤية السياسية. لقد كان خطاباً واضحاً وصريحاً، بعيداً عن التجميل اللغوي، قريباً من وجدان الشعوب، ومعبّراً عن ضمير الأمة.

لم يتحدث جلالته من موقع السياسة الباردة فحسب، بل من موقع القيادة الواعية التي عاشت تفاصيل المعاناة في منطقتها، وشهدت صراعاتها وأزمات شعوبها. فجاءت كلماته بمثابة خارطة طريق أخلاقية وسياسية، تُذكّر العالم بمسؤوليته تجاه القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، وتُعيد التأكيد على مركزية القدس ومكانتها في ضمير المسلمين والمسيحيين على حد سواء.

لقد حمل الخطاب أبعاداً سياسية مهمة:

أولها: تثبيت الموقف الأردني الثابت تجاه القضية الفلسطينية بوصفها القضية المركزية، ورفض كل محاولات تجاوزها أو الالتفاف عليها.

ثانيها: التأكيد على دور الأردن في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، انطلاقاً من الوصاية الهاشمية التاريخية.

ثالثها: دعوة المجتمع الدولي للتحرك الجاد نحو حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد القابل للحياة.

رابعها: الإشارة إلى التحديات العالمية التي تحتاج إلى تعاون حقيقي، مثل التغير المناخي، وأزمات اللاجئين، والفقر، باعتبارها قضايا لا تخص بلداً دون آخر.

أما في الداخل الأردني، فقد لقي الخطاب أصداء واسعة. فقد عبّر الشارع الأردني بكل أطيافه عن اعتزازه بما قاله جلالة الملك، ورأى فيه صوت الحق والكرامة الوطنية. الإعلاميون والمحللون وصفوا الخطاب بأنه الأكثر وضوحاً في هذه الدورة الأممية، بينما اعتبره المواطنون تجديداً للثقة بدور الأردن الريادي الذي يفوق حجمه الجغرافي والإمكانات الاقتصادية، لكنه يرتكز إلى شرعية تاريخية وموقف ثابت وشجاعة في قول الحق.

إن كلمة جلالة الملك في الأمم المتحدة لم تكن مجرد خطاب سياسي بروتوكولي، بل كانت رسالة الأمة الأردنية والعربية إلى العالم، بصوت قائد حمل الأمانة وأدّاها بأمانة. إنها كلمة ستظل تُقرأ في سياق المواقف الثابتة، وسيظل الأردنيون يرفعون رؤوسهم اعتزازاً بأن قائدهم يتحدث بلسانهم، وبثبات مبدئهم، وبشجاعة لا تعرف المواربة.