المزيفون… حين يكرهون الصدق

42 ثانية ago
المزيفون… حين يكرهون الصدق

بقلم: حسين أحمد عطا الله الضمور

في كل مجتمع، يظل الصدق معيارًا أصيلًا يقيس به الناس نقاء النفوس وصلابة القيم. غير أن هناك فئة لا تحتمل بريق الحقيقة، فالمزيفون يكرهون الصدق، لأنه يكشف هشاشتهم، ويُسقط الأقنعة التي يخفون بها خواءهم. الأكاذيب هي ملاذهم الآمن؛ بها ينسجون أوهامًا تجعلهم يرضون عن أنفسهم، ولو للحظة قصيرة.

هؤلاء لا يعادون الصدق لأنه يجرح مشاعرهم فقط، بل لأنه يهدد بنية كاملة من الادعاءات التي بنوا بها مكانتهم الزائفة. كل كلمة صادقة بالنسبة لهم مرآة قاسية تعكس قبح ما يحاولون طمسه؛ لذلك يسعون لإسكات الأصوات النزيهة، ويشيطنون من يجرؤ على قول الحقيقة.

إن أخطر ما في الزيف أنه لا يتوقف عند صاحبه، بل يسعى لجرّ الآخرين إلى مستنقعه. يُغريهم بتبديل المبادئ، ويُقنعهم بأن الحقائق نسبية، وأن تزيين الباطل مهارة تستحق الاحترام. لكن التاريخ أثبت أن الصدق، مهما حوصر، يملك قدرة استثنائية على البقاء، وأن القيم الأصيلة لا تفنى أمام ضجيج الادعاء.

واجب الشرفاء هو أن يثبتوا على وضوحهم، وألا يتركوا الساحة للمضللين. فالحقيقة لا تحتاج تبريرًا طويلًا، يكفي أن تقال بصفاء لتتوهج. أما الأكاذيب فتستهلك أصحابها وهم يحاولون ترقيعها كل يوم، حتى ينهار بناؤهم تحت وطأة التناقضات.

فلنتمسك بالصدق، لا لأنه الأسهل – بل لأنه الأعمق أثرًا والأبقى أثرًا. فالمزيفون قد يعيشون زمنًا بأوهامهم، لكنهم يسقطون أمام أول امتحان جاد. أما من جعل الصدق منهجه، فيمضي ثابتًا، محاطًا باحترام حتى ممن يختلفون معه، لأن الحقيقة هي وحدها التي تملك حق البقاء.