د. محمد عبدالله القواسمة – منا أم منهم؟… قصة قصيرة

دقيقة واحدة ago
د. محمد عبدالله القواسمة – منا أم منهم؟… قصة قصيرة

د. محمد عبدالله القواسمة

كنا أربعة من الأدباء ننتمي إلى جماعة القلم الحر عدا الأديب المعروف حسان النعيم. سألناه عن عدم التحاقه بالجماعة. لم يجب. ألححنا عليه بالسؤال، وقلنا إذا كان جوابه مقنعًا فنحن سنعلن استقالتنا عن الجماعة؛ لأنه قدوة لنا جميعًا، ولا يصح أن نكون بعيدين عنه في مواقفنا وانتماءاتنا.

اعتدل النعيم في جلسته. قال إنه قدم طلبًا للانتساب لجماعة القلم الحر وفق القواعد التي ينص عليها نظامهم الداخلي، مرفقًا الطلب بأعماله الأدبية.

ثم تابع قوله:

كنت في مقر الجماعة عندما جاءت لجنة العضوية، وبدأت تنظر في الطلبات المقدمة.

لأول وهلة تبين لي بأنهم واثقون بصحة عملهم ونزاهته، وقدرتهم على تمييز من يستحق العضوية من غيره من المتحذلقين والكتبة. طرح سكرتير اللجنة الاسم الأول، وهو شاعر له ثلاث مجموعات شعرية، صوت الجميع بقبوله. ثم قرأ اسم أديب آخر له رواية وعدة مقالات في الصحف والمجلات. قال رئيس اللجنة إنه لا يعرف انتماءه هل هو منا أم منهم؟ قال السكرتير:

– إنه منهم.

قال العضو الثالث:

– ما شأننا في انتمائه السياسي، أو الحزبي، أو الطائفي؟ ما يهمنا هل هو أديب يستحق العضوية في جماعتنا أم لا يستحق؟

قال الرئيس:

– بل يهمنا يا صديقي فالانتخابات على الأبواب، ولا نسمح بأن نفقد الأغلبية فيها.

لم أستطع الاحتمال؛ طلبت أن أبدي رأيي. سمح الرئيس وهو يبتسم:

– تفضل فأنت لست منهم.

– لا أدري من نحن ومن هم. أعرف بأننا كلنا أدباء، نمتهن الأدب شعره ونثره، ولسنا سياسيين، أو حزبيين، أو طائفيين. نحن أدباء وبضاعتنا التعبير عما في قلوبنا وعن واقعنا، وعن أحلام الناس وأمنياتهم وطموحاتهم، ونحن من رواد الوحدة المجتمعية، نتبنى الدفاع عن القيم الإنسانية والمثل العليا، ولا ننشد سوى العدل والمساواة بين الناس، لا نميز بين أديب وآخر، ونترك للجميع التعبير عن آرائهم بحرية واحترام.

يبدو أن الرئيس فوجئ بما سمع، وأني لست مع أحد لا منا ولا منهم، بل مع الكتابة الصادقة والحرة. فشعر بأنه في موقف حرج. صمت قليلًا ثم جمع أوراقه ووقف قائلًا:

– على كل حال، سنؤجل النظر في طلبات العضوية إلى وقت آخر؛ فما زال لدينا الوقت الكافي لدراسة الطلبات بدقة قبل الانتخابات.

هكذا انتهى الاجتماع، وسرى بي القلق بأن اللجنة قد لا تعتمد مقاييس الإبداع والقدرة على الكتابة والتأليف في قبول الأعضاء، وخاصة مع اقتراب انتخابات هيئة إدارية جديدة.

بعد أيام قليلة أعلن عن أسماء مجموعة من الأدباء والكتاب، الذين قبلتهم لجنة العضوية، ولم يكن اسمي من بينهم. وظهرت أسماء من بينهم اسم عامل الشاي والقهوة في مقر الجماعة، وبعض ممن لا يحملون أية شهادة علمية، وآخرون من كتبة الأحجية، والألغاز، والخواطر الركيكة في الصحف الصفراء.

إزاء هذا الوضع الكارثي، كتبت لرئيس الجماعة رسالة ذكرت فيها حزني؛ لما جرى من تغييب أقلام مبدعة عن الانتساب للجماعة، تحت قاعدة منا ومنهم.

للأسف لم ينظر الرئيس في قرار لجنة العضوية، ولكنه وعد بالنظر في منحي العضوية بعد الانتخابات العامة.

هذا ما حدث لي، ومن ذلك اليوم، لم أفكر في أن أتقدم للعضوية في أية لجان شكلت مع تعاقب الهيئات الإدارية.

هل أنا على حق أم على باطل؟ صارحوني يا أصحابي.
صحنا بصوت واحد:

– معك حق، وهم على باطل!

في اليوم التالي، تصدر وسائل الإعلام الخبر باستقالتنا من أعضاء جماعة القلم الحر.