الكرك تطالب بتعيين رئيس بلديتها… قراءة في دلالات المشهد

45 ثانية ago
الكرك تطالب بتعيين رئيس بلديتها… قراءة في دلالات المشهد

بقلم: المحامي حسين أحمد الضمور

لافتة هي الأصوات المتصاعدة من أبناء الكرك المطالبين بأن يكون رئيس بلديتهم بالتعيين لا بالانتخاب. قد يبدو الأمر للوهلة الأولى مفارقًا لروح الديمقراطية، لكن قراءة أعمق تكشف أن هذه الرغبة وليدة تجربة واقعية مع المجالس المنتخبة.

الناس رأوا في الرئيس المعيَّن الحالي نموذجًا أقرب إلى الحياد في توزيع الخدمات، بعيدًا عن منطق “كنتَ معي أو ضدي” الذي يطلّ برأسه في كثير من الحملات الانتخابية. هم يدخلون عليه بثقة، يناقشونه بلا حرج، ولا يخشون أن يُحسبوا على تيار أو يُعاقَبوا لاحقًا على رأي. لقد لمسوا في إدارة العمل البلدي – حين أُبعدت عن حسابات الأصوات والصناديق – عدالة في الإنارة، ونظافة في الشوارع، ومشاريع توزعت على الأحياء بلا استثناء.

هذا لا يعني أن التجربة الديمقراطية يجب أن تُطوى، لكنّه جرس إنذار يدعونا لإعادة النظر في آليات الانتخابات البلدية؛ فالتنافس الصحي مطلوب، أما التناحر القائم على تحشيد العشائر والمصالح الضيقة فنتاجه تراجع الأداء العام.

إن الكرك – بتاريخها العريق ووعي أهلها – لا ترفض الديمقراطية، بل تبحث عن صيغة تضمن أن تبقى البلديات مؤسسات خدمية لا ساحة لتصفية الحسابات. والكرة الآن في ملعب المشرّع: هل يلتقط الرسالة ويعيد صياغة قانون البلديات بما يحقق التوازن بين حق المواطنين في الاختيار وحقهم في خدمة عادلة؟

إن ما يريده الكركيّون ببساطة هو أن تُصان مصالحهم بعيدًا عن ضوضاء الشعارات، وأن يظل الرئيس البلدي – أياً كان مصدر تكليفه – خادمًا للمدينة لا زعيمًا على الناس.