قانون الكهرباء لعام 2025: لا يجوز نقل ملكية عقار إلا بعد صدور براءة الذمة من شركة الكهرباء

دقيقة واحدة ago
قانون الكهرباء لعام 2025: لا يجوز نقل ملكية عقار إلا بعد صدور براءة الذمة من شركة الكهرباء

بقلم : المحامي بشار محمد البطـوش
صدر قانون الكهرباء العام الجديد رقم 10 لسنة 2025، ودخل حيز النفاذ قبل أيام قليلة، حيث تضمن أحكام جديدة طالت مختلف جوانب قطاع الكهرباء، ومن ضمنها المادة 21/د وتنص (على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر، لا يجوز إجراء معاملة نقل الملكية لأي عقار إلا بعد الحصول على براءة ذمة خاصة بالعقار من المرخص له بالتزويد بالجملة أو المرخص له بالتزويد بالتجزئة).
يلاحظ من هذا النص، بأن دائرة الأراضي والمساحة لن تجيز تنفيذ معاملة نقل ملكية عقار إلا بإحضار براءة ذمة من المرخص له بالتزويد بالجملة، أو بالتزويد بالتجزئة، أي (شركة الكهرباء) التي تزود العقار بالطاقة الكهربائية، وقد عرفت المادة 2 بالقانون المرخص له (بأنه الشخص الحاصل على الرخصة من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، للقيام بالتوليد أو بتخزين الطاقة أو النقل أو تشغيل نظام النقل أو التزويد بالجملة أو التزويد بالتجزئة، أو بالتوزيع أو تشغيل وصيانة مرافق نظام التوزيع، أو تشغيل وصيانة مرافق التوليد أو مرافق محطة التخزين حسب مقتضى الحال)، وعرفت المزود بالجملة (هو المرخص له بيع الطاقة الكهربائية بالجملة إلى المرخص له للتزويد بالتجزئة، أو بيعها للمستهلك الرئيسي)، والمزود بالتجزئة (هو المرخص له بيع الطاقة الكهربائية إلى المستهلك).
إذن، أصبح هناك متطلب جديد – إلى جانب براءة ذمة من الضرائب والرسوم والعوائد والبلدية – يجب تقديمه أمام دائرة الأراضي لإجراء معاملة نقل الملكية، هو براءة ذمة بتسديد ما على العقار المبيع من فواتير كهرباء، وبخلاف ذلك لن تتم معاملة البيع.
وحيث أن النص جاء على عدم جواز إجراء معاملة نقل ملكية، فمن المتوقع عند التطبيق، شمول معاملات التنازل عن الملكية، والتخارج، والهبة بعوض وبغير عوض، وكل ما في حكمها مما يؤدي لإنتقال الملكية، أو تغيير المالك، ولا يستبعد شمول الإستملاك بهذا النص، بحيث يتم خصم قيمة فاتورة الكهرباء المستحقة من بدل الإستملاك.
إن هذا النص سيشكل تحدٍ لمستثمري العقارات بالتأجير، فالكثير منهم يبقوا ساعات الكهرباء بأسمائهم، ويتفاجئوا عند خروج المستأجر من العقار بعدم تسديد الفواتير، فيجبر المالك على السداد لبقاء العقار مخدوم بالطاقة، وليتجنب مقاضاة شركة الكهرباء له كون الساعة بإسمه، والبعض الآخر من المالكين، يقوم فور توقيع عقد الإيجار بنقل ساعة الكهرباء على إسم المستأجر، تجنباً لمقاضاة شركة الكهرباء له كونه ليس المستهلك للطاقة، فالنص الجديد، جاء ليتجاهل من بإسمه الساعة، أو مستهلك الفعلي، ومنع إجراء معاملة إنتقال ملكية العقار إلا بعد تسديد الفواتير لشركة الكهرباء، بالمقابل فهذا التوجه، سيدفع المالك لمطالبة المستأجر بضمانات مالية مسبقاً تجنباً لتراكم الفواتير غير المسددة عند خروجه.
ولكن قد يكون هناك سرقة أو إستجرار للكهرباء بطريقة غير مشروعة من غـيـر المستأجر أو المالك، فما هو ذنب المالك الراغب ببيع عقاره بقيمة تلك الفواتير؟! بحيث يتم وقف معاملة نقل الملكية لحين إبراء ذمة العقار من قيمتها، أو يكون العقار خالٍ ومالكه خارج البلاد، لتفاجئ بعد عودته وعند بيع العقار بوجود سرقة كهرباء وذمم مالية عليه، رغم أنه ليس المستهلك لها، ففي هذا إحجاف بحقه، فبدلاً من أن تبحث شركة الكهرباء عن المعتدي وتحصّل منه حقوقها قضائياً، سوف تحصلها من المالك الذي لم ينتفع بالطاقة وكان خارج البلاد، ففي هذا تحصيل للفاقد الكهربائي من شخص ليس له علاقة به.
إن هذا التوجه التشريعي؛ وإن كان إيجابياً للقضاء ويخفف من القضايا المحتمل إقامتها من الشركات على المستهلكين لتحصيل حقوقها، ولكنه ينحاز بوضوح لشركات الكهرباء المملوكة للقطاع الخاص، بما يحفظ حقوقها بمواجهة المستهلكين، وهو توجه جديد لم يسبق طرحه، بل أنه عطل تطبيق أي نص قانوني يخالفه، مما يشكل قيد على حرية التصرف بأملاك المواطنين، وفحق الملكية من الحقوق العينية الأصلية بالقانون المدني، والتي تخول صاحبها الإستعمال والإستغلال والتصرف بحرية، فلا يجوز أن يسلط قانون على قانون، ولا يستبعد لاحقاً، تعديل تشريعات المياة والإتصالات، وإدراج نصوص بذات التوجه الوارد بقانون الكهرباء، لحفظ حقوق شركات المياه والإتصالات، بما يحول التشريعات الوطنية لأدوات تحصيل حقوق الشركات الخاصة، كما لو كانت أموال أميرية وحقوق خزينة، بالختام، نعود للقول، بأن من الضروري إخضاع تشريعاتنا لدراسات تقييم الأثر التشريعي أو التنظيمي؛ لضمان جودتها، وديمومتها، والتشاور بخصوصها، لتحقيق أهدافها بحيادية، وعلى رأسها المصلحة العامة، بما يتطلب تفعيل نظام التنظيم الجيد وتقييم الأثر للتشريعات والسياسات رقم 16 لسنة 2025.