القصاص حياة إلى متى يظل الدم رخيصا

دقيقتان ago
القصاص حياة إلى متى يظل الدم رخيصا

د. هاني العدوان

في رحيل الشيخ الدكتور موسى أبو سويلم النائب السابق الرجل التقي الورع، العالم صاحب الخلق والدين، ومعه نجله أيمن، ارتقيا شهيدين على يد رعناء مرتجفة لا تعرف لله حرمة ولا للإنسانية قيمة، لقد خسرنا قامة علمية راسخة ورمزا من رموز الصدق والإخلاص، وفقدنا شابا في مقتبل العمر كان كغصن غض أخضر ملتزما بدينه، نقي السيرة، كريم الخلق، تربى في بيت عالم جليل ونهل من نبع الورع والتقوى، وترك خلفه أطفالا أيتاما يختصرون مأساة الفقد ووجع الغياب، إن رحيله ليس عن أسرته فحسب بل جرحا ينزف في قلب وطن بأكمله

هذه الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ما دام صوت السلاح يعلو على صوت الحكمة وما دمنا نصر على إقصاء شريعة الله التي هي العدل المطلق قال تعالى””ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”” فهل من عاقل يعي

إلى متى هذا التهاون
إلى متى تُسفك الدماء ثم تطوى الملفات تحت بساط “العطوة” و”الجاهات”
إلى متى يصبح دم العالم والفقيه، ودم الشاب والطالب رقم يطوى في سجلات الجرائم

من أمن العقوبة تجرأ على الدماء وحين يفلت المجرم من العقاب يسترخص الدماء ويستسهل الجريمة، إن غياب القصاص هو الذي يحول الأيادي المرتجفة إلى أياد قاتلة ويجعل الأرواح البريئة وقودا لرعونة لا تعرف وازع دين ولا رادع ضمير

إن السكوت على هذه الجرائم خيانة لكتاب الله وخيانة لأرواح الشهداء وخيانة للأمة بأسرها، لسنا بحاجة إلى جاهات وعطوات ومجالس تتغنى بالشعارات بل إلى عدل رباني قاطع يردع الجناة ويحمي الأبرياء

القصاص ليس انتقاما، بل حياة للأمة كلها، القصاص رسالة للقاتل قبل أن يفكر بجريمته، وإنك ستحاسب حسابا عسيرا ولن تجد وساطة ولا وجاهة تنقذك من عدل الله

إن دماء الشيخ موسى أبو سويلم ونجله أيمن أمانة في أعناقنا وصوت صارخ في وجوهنا جميعا، كفى صمتا، كفى تهاونا، كفى دفنا للرؤوس في الرمال فإما أن نقيم حدود الله وإما أن يظل الدم الأردني نزيفا مفتوحا لا يوقفه سوى عدل السماء

فيا أصحاب القرار إن لم يوقفكم وجع الفقد، فلتوقفكم آية الله المحكمة””ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب

فالقصاص حياة، والعدل حياة، والسكوت موت