فادي السمردلي يكتب: لأجل الوطن ضبوا الهبايل ولا تجعلوهم واجهة المشهد

13 ثانية ago
فادي السمردلي يكتب: لأجل الوطن ضبوا الهبايل ولا تجعلوهم واجهة المشهد

بقلم فادي زواد السمردلي

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*

كان المثل زمان يعلم صاحبه بوضوح: “اللي عنده هبيلة يضبه”. الهبيلة كان مثل الثوب الممزق الذي يخفيه صاحبه خلف الباب، أو مثل الخطيئة التي يُسدل عليها ستار كثيف كي لا يراها أحد أما اليوم، فقد صار المشهد مقلوباً لدرجة فاضحة “اللي عنده هبيلة يحطه واجهة ليتصدر” فصار الغباء نفسه واجهة العرض، صارت البلاهة ديكوراً يتم تجميلها ا، صار الفارغ هو بطاقة المرور إلى المقدمة.والأنكى؟ أن بعض المنظومات – أياً كان نوعها – لا تكتفي بتلميع هذا “الهبيلة”، بل ترفعه كتمثال يقتدى، تسجد له الأضواء وتصفق له الجموع الموجهة.

فكم منظومة نراها تتباهى بواجهات فارغة، بوجوه كاريكاتورية تلوك الكلام كالعلكة، لا تُنتج فكرة بل تقتل اي فكرة إيجابية، لا تُحسن حتى تركيب جملة، ومع ذلك تُقدَّم على أنها العنوان الأبرز للجدارة والهيبة؟ والمضحك أن هذه الواجهات غالباً ما تتعامل مع نفسها بجدية مخيفة، وكأنها آلهة صغيرة فالهبيلة يصدق أنه “قائد”، وأنه يلهم الناس، بينما الحقيقة أنه لا يلهم إلا الضحك عليه والسخرية منه.

والأكثر إيلاماً أن بعض المنظومات تفعل هذا عمداً إنها لا تضع الهبيلة في المقدمة لأنها أخطأت، بل لأنها تخشى أن يفضحها العقلاء فالمنظومة المريضة تكره الذكاء، تكره التفكير النقدي، تكره العيون التي ترى ما تحت القشرة لذلك تصنع من الهبيلة واجهة مثالية لا تسأل، لا تفكر، لا تُحرج، مجرد بوق أجوف يردد ما يُكتب له ولهذا السبب تُرفع وتُلمع وتُتوج.

المشهد كله صار سيركاً فالكواليس مليئة بالناس العاقلين المقموعين، لكن الخشبة محتلة من مهرجين يتظاهرون بالوقار والجمهور المرهق يصفق مرغماً أو متبلداً، بينما المنظومة تتخيل أن هذا التصفيق دليل نجاح فأي نجاح هذا؟ نجاح الغباء، نجاح الكاريكاتور، نجاح أن تجعل من الهشاشة أساساً، ومن البلاهة زينة.

إن رفع “الهبيلة” إلى الواجهة هو إعلان إفلاس فاضح فالمنظومة التي تفعل ذلك تقول للعالم نحن لا نملك شيئاً، لذلك نبيعكم الوهم فهي أشبه بدكان فارغ يضع لافتة مضيئة ضخمة على بابه ليغطي على حقيقة أن رفوفه خاوية ولكن لا اللافتة تشبع الجوع، ولا التطبيل يملأ الفراغ.

والأدهى من ذلك أن هذا “الهبيلة” – واجهة العرض – يتحول إلى سوط إضافي على الناس فالمنظومة تفرضها فرضاً على العقول، وتطلب من الجميع أن يصدقوا المسرحية فتُجبر الناس على التعامل مع البلاهة وكأنها حكمة، مع التفاهة وكأنها عمق وهنا الجريمة ليس فقط رفع الغباء إلى مقام القيادة، بل إلزام الناس بالتصفيق له، ومعاقبة من يجرؤ على الضحك أو السخرية.

لكن، لنكن واضحين منظومة تبني نفسها على “هبيلة” لا تبني سوى قبرها فلا شيء ينهار أسرع من واجهة هشة، ولا شيء يفضح أسرع من غباء متصدر إن الواجهة قد تخدع للحظة، لكنها لا تصمد أمام أول اختبار حقيقي وعندما تسقط، لا تسقط وحدها، بل تسحب معها المنظومة كلها.

لقد اصبحنا زمن الواجهات الفارغة، زمن الهبيلة المتوَّجة، زمن بعض المنظومات التي تحتمي بالبلاهة كما يحتمي المهزوم بقناع من ورق ولكن التاريخ لا يرحم فكل واجهة ستنكشف، وكل منظومة راهنت على البلاهة ستنهار، وكل هبيلة رُفع إلى مقام القيادة ستعود إلى مكانها الطبيعي لان النكتة تضحك في آخر المجلس.

وهنا لا بد من التنويه هذا الطرح عام، لا يخص منظومة بعينها وأي منظومة أو شخص يظن أن الكلام مقصود به، فليعلم أن ذلك مجرد صدفة… أو ربما اعتراف غير مقصود بأن “الهبيلة” التي في الواجهة فعلاً تُشبهه…حماك الله يا وطني..ولأجل الوطن بالله علبكم ضبوا الهبايل فنريد مستقبل إصلاحي لا اضحاكي.