بقلم: هشام بن ثبيت العمرو
في زمنٍ كثر فيه الزيف وقلّ فيه الشرف، خرج علينا المدعو خليل الحية، أحد بائعي الوطن على أرصفة الفنادق، ليصف الإنزالات الجوية التي يقوم بها سلاح الجو الأردني لإيصال المساعدات لأهالي غزة بـ”المسرحيات”. أي وقاحة هذه؟! وأي انحدار أخلاقي وسياسي يمكن أن يبلغه من تبلدت ضمائرهم وشبعوا من دماء شعبهم؟!
الحية، ومعه مشعل، وقيادات “حماس الدولية” الذين يتنقلون بين فنادق الدوحة والمنتجعات التركية، لا يمثلون إلا أنفسهم وأجندات أسيادهم. لقد أتخموا بطونهم العفنة من تجارة الموت، وبنوا إمبراطورياتهم على جوع الأطفال في غزة، وعلى دماء الشهداء الذين لم يعودوا يُذكرون إلا في نشراتهم الكاذبة. كل شبر من جسد غزة يصرخ: هؤلاء لم يكونوا يوماً مقاومة، بل كانوا مشروعاً وظيفياً قذراً لتكريس الانقسام وتنفيذ أجندة صهيونية بواجهة إسلاموية.
من يظن أن “حماس” تمثل سلاح مقاومة حقيقي، فهو واهم أو متواطئ. حماس ليست سوى واحدة من أدوات تنفيذ “صفقة القرن الكبرى”، إحدى أذرع مشروع إسرائيل التوسعي، تُستخدم لإشعال الحروب متى شاؤوا، وتهدأ متى أرادوا، مقابل مال، سلطة، وسجادة حمراء تحت أقدام قادتهم في عواصم الرفاه.
لقد أوصلت هذه العصابة المأجورة أهل غزة إلى الحضيض، لا لشيء إلا ليطيلوا عمر حكمهم، وليستمروا في سرقة المساعدات، واحتكار الغذاء، ومقايضة أنفاس الناس في السوق السوداء. لا يهمهم إن مات ألف طفل أو تهدمت ألف بيت، المهم أن يبقى كرسي مشعل في قطر، وجناح الحية في تركيا.
أما الأردن، فبعيدٌ كل البعد عن هذا المستنقع الآسن. الأردن لا يتاجر، لا يُساوم، ولا يمد يده إلّا بالعون والكرامة. الأردن هو من يقف وحده في الميدان العربي المتصدّع، يرسل المساعدات لا الصور، وينقذ الأرواح لا يقتات عليها. الأردن ليس شريكاً في قذارة الحية ومشعل، بل هو فارس الأخلاق في زمن باع فيه كثيرون بوصلتهم، وضاعوا بين أموال النفط ومخططات الموساد.
وسلاح الجو الأردني، الذي ينفذ هذه الإنزالات وسط نيران الاحتلال، لا يحتاج إلى شهادة من دجالي الشعارات، ولا إلى موافقة من جماعة عبثت بالقضية، ودفعت أهل غزة إلى الجحيم ثم انسحبت إلى القصور. هؤلاء الذين يشككون بموقف الأردن – سواء من الخارج أو من أولئك المأجورين في الداخل – هم إما جهلاء أو مأجورون أو حاقدون.
وليعلم الجميع:
أن الأردن لم يكن يوماً تابعاً، ولا خادماً لمشاريع مشبوهة، بل ظلّ صوت الحق في زمن العهر السياسي.
والذين يشتمون اليوم باسم “المقاومة” هم أنفسهم من صافحوا الأعداء تحت الطاولة، وتلقوا المال من الأبواب الخلفية، وباعوا ليس فقط فلسطين، بل على استعداد لبيع الوطن العربي كله مقابل الكراسي.
ختاماً، نقولها بصوتٍ عالٍ:
غزة أكبر من حماس، والمقاومة أشرف من أن تُمثلها عصابة من تجار الدين، والأردن سيبقى كما كان دائماً… رايةً للحق، وخنجراً في وجه كل عميل، وملاذاً لكل حرّ.