الدكتور عطا أبو الحاج يكتب زياد الرحباني وداعا

23 ثانية ago
الدكتور عطا أبو الحاج يكتب زياد الرحباني وداعا

كتب الدكتور عطا أبو الحاج
ارتقت روح زياد الرحباني إلى الرفيق الأعلى أمس وقد تلتقي روحه هناك أو لا تلتقي بجوقة الملحنين وزالموسيقين ومعاشر المطربين والفنانين ,لكنه روح ستعزف هناك لحن الرجوع الأخير وربما يعمله هناك هيصه ودربكه مزيكا.

فزياد أحد أربعة أبناء فيروز الأربعة من زوجها عاصي الرحباني: زياد، وهلي، وليال، وريما.

زياد: وهو ملحن وموسيقي وشاعر لبناني معروف.
هلي: وهو مهندس معماري.
ليال: وهي ابنتها التي توفيت في سن مبكرة.
ريما الرحباني: وهي منتجة ومخرجة.

اليوم الحزن كبير… والقلب مفجوع على وفاة زياد وصبر الله قلب امه فيروز وشقيقه وشقيقتيه ومحبيه

فقدنا فنان وفقدنا عقل، وصاحب فلسفة، وروح، وصوت، كان يحكي بلساننا ويعرفنا ابجدية الحكي بجذل ونعتلي معه نسماتها.

صباح أمس السبت، ٢٦ تمّوز ٢٠٢٥، غاب عن دنيانا الفنان اللبناني الكبير
،عن عمر ناهز ٦٩ سنة، بعد صراع طويل ومرير مع المرض…

والحقيقة، زياد كان عم
يصارع من زمان… يصارع الزيف، الكذب، السطحيّة، السلطة، الطائفية، النفاق…

وكان وحيد بمواقفه… ولم تلن له قناة وما ضعف، وما سكت عن المتسلقين بلا جذور ولهم حساباتهم.

زياد، ابن جارة القمر فيروز، والموسيقار الكبير عاصي الرحباني، خلق سنة ١٩٥٦، بس ما اختبّىء بظلّ أهله…

خلق ليكسر الظلّ، ويعمل ضوّء من نوع ثاني…

من عمر ١٧ سنة، كتب وألّف مسرحية “سهرية”، ومن بعدها بلّش يحفر اسمه بأعمال بتشبه الوطن الجريح:
فيلم أميركي طويل – بالنسبة لبكرا شو – نزل السرور – بخصوص الكرامة – لولا فسحة الأمل – شي فاشل… وغيرها كتير؛ مسرحيات كانت مراية للناس يلي تعبت، وجاعت، ونسوها، وانقهرت.

زياد ما كان فنان عادي…كان ثائرا بلغة الفن، مجنون بلغة العقل، وعاشق بلغة الغضب.

ما حمل سلاح… بس كلمته كانت أقوى من الرصاص، وضحكته المرة كانت توجع أكتر من الخبطة.

لحّن لفيروز أغانٍ ما بتموت: كيفك إنت – ولما ع الباب – يسعد صباحك – أنا مش كافر – بصراحة – عايشة بلا عينيك…

كل وحدة منهنّ فيها قصة شعب، وهمّ وطن، وحُبّ موجوع.

زياد كان بيخاف علينا، بس ما كان بيخاف من شي… حتى بمرضه، بظلّه، بقي شامخا، ساكت، ومتل العادة… مختلف.

اليوم نودعه… ليس فقط بالجسد، نودعه بفكره، بحضوره، بحنيّة غريبة كانت مخبّاية تحت طبقة من السخرية وتشهد له المشاهد الفنية.

نودعه وقلبنا يدقّ نغمة ناقصة… لأنّه في حدا رح يبقى غايب عالسطر.

الله يرحمك يا زياد، يلي زرعت موسيقى ما بتنزرع، ويلي علمتنا إنّه الفن ليس بتصفيق وحركات ، بل مسؤولية وصوت للّي ما عندن صوت.

نطلب من ربنا يغمر روحك بالسلام، ويوسّعلك مطرحك بالجنان،
وتضلّ موسيقاك تعيش وتحكي عنك… لأنّك ما بتموت.

وداعًا يا زياد… بس الحقيقة، إنت باقي.