وطنا اليوم_د. سعيد محمد
منذ تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية بالترويج المكثف لما تصفه بـخطر تهريب السلاح من شبه جزيرة سيناء إلى غزة، سواء عبر الأنفاق أو من خلال الطائرات المسيرة. هذا التناول الإعلامي المكثف لم يكن معزولًا عن أهداف استراتيجية بعيدة المدى، إذ يأتي في سياق التمهيد الإسرائيلي لإعادة تشكيل الجغرافيا الأمنية والسياسية المحيطة بقطاع غزة، وتحديدًا في منطقة رفح الحدودية.
إسرائيل تسعى لتوظيف سردية تهريب السلاح كأداة لتبرير:
– إقامة منطقة عازلة ممتدة على طول الحدود مع مصر.
– تشديد الحصار على قطاع غزة وتحويله إلى كيان مفصول جغرافيًا وعسكريًا.
– *فرض واقع أمني جديد في رفح* يُسهّل الرقابة ويُعقّد العلاقة بين غزة وعمقها العربي.
تضخيم اعلامي:
– بث متكرر لتقارير عن تهريب أسلحة متطورة.
– عرض صور لطائرات مسيرة يُزعم استخدامها لنقل الذخيرة.
– ربط عمليات التهريب بـالتهديد الإيراني لإضفاء بُعد إقليمي.
– تعبئة الرأي العام الإسرائيلي لتقبل إجراءات عسكرية جديدة.
– الضغط على الجانب المصري لتعزيز الأمن في سيناء وتبرير التنسيق العسكري مع إسرائيل.
– إسرائيل لا تتعامل مع ملف التهريب كخطر أمني فقط، بل كفرصة استراتيجية لإعادة رسم الحدود وفق اعتبارات أمنية طويلة الأمد.
الهدف الإسرائيلي
قطع خطوط الإمداد.
عزل قطاع غزة تمامًا عن عمقه المصري.
فرض أمر واقع يضعف خيار الدولة الفلسطينية الموحدة.
كسب تعاطف العالم عبر تقديم نفسها كدولة تحت التهديد الدائم .
تداعياتها على غزة ومحيطها
1. خنق إضافي لغزة: عبر تقييد حركة الأفراد والبضائع وزيادة عزلة القطاع.
2. تحويل رفح إلى شريط حدودي معسكر: يقلل من فرص التنمية أو الحركة الطبيعية.
3. توسيع شرخ العلاقات الفلسطينية-المصرية: نتيجة ضغوط إسرائيلية محتملة على القاهرة.
التوصيات
1. *مواجهة الرواية الإعلامية الإسرائيلية* عبر تعزيز الرواية الفلسطينية التي توضح الأهداف السياسية من وراء هذا التهويل.
2. تحرك دبلوماسي فلسطيني-مصري مشترك لتأكيد أن الأمن الحدودي لا يعني عزل غزة عن مصر.
3. تحذير المؤسسات الدولية من خطورة مشروع المنطقة العازلة كأداة لعزل الفلسطينيين وخلق واقع أمني عنصري.
4. *تعزيز الإعلام الفلسطيني المستقل* لرصد وفهم الأجندات الإسرائيلية خلف هذه الحملات الإعلامية الأمنية.
ختاما
ما يبدو كقضية أمنية متعلقة بتهريب السلاح ليس سوى واجهة لمخطط استراتيجي أوسع. إن التضخيم الإعلامي الإسرائيلي ليس بريئًا، بل يُمهّد لتغييرات ميدانية على الأرض تستهدف تحويل قطاع غزة إلى كيان معزول ومحاصر بالكامل. مطلوب تحرك متكامل لفضح هذه الأجندة، وتعزيز التصور القومي لغزة كجزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية .