د. هاني محمود العدوان
في غمرة النزف الفلسطيني في غزة، وفي خضم الآلام التي تعتصر قلوبنا تجاه أهلنا في فلسطين، وتصاعد آهات التضامن مع قضيتهم العادلة، يبرز من يستغل وجعنا المشترك كستار خادع لإضرام نيران الفتنة في حمى أردننا
إن محاولات النيل من استقرار هذا الثغر الأمين، تحت عباءة نصرة فلسطين، لهي مساع دنيئة تستوجب منا يقظة وصداً حازماً
إن ما نراه من محاولات دنيئة لزرع بذور الشقاق وإذكاء نار الفتنة في ربوع الأردن، متسترين برداء دعم قضية غزة، لهو أمر يستدعي وقفة تأمل وتصدياً بكل قوة ووعي
إن الخروج عن سياج القانون وتجاوز حرمة الأعراف، والاعتداء الآثم على حماة الوطن وسياجه، وتوجيه سهام الإساءة إليهم بأوصاف كاذبة، بل والتطاول على هامة المؤسسة العسكرية الأردنية العريقة، ليس بأي حال تعبيراً عن حرية الرأي أو مظهراً لنصرة فلسطين، بل هو تعد سافر وتمرد صريح على سلطان القانون، ومحاولة لزعزعة أركان بلد ما فتئ سنداً وعوناً لأشقائه العرب، وفي القلب منهم الشعب الفلسطيني
لقد شهد القاصي والداني أن الأردن، كان ولا يزال، السند الذي لا يلين للقضية الفلسطينية، وبذل الغالي والنفيس فداءً لأهلها وحقوقهم المغتصبة، وظل الأردن وسيظل الملاذ الآمن لكل من ضاقت به الدنيا، والواحة الوارفة لكل باحث عن الأمن والاستقرار
لقد احتضن الأردن إخوانه من كل فج عميق، ليغدو بفضل وحدته ملاذاً آمناً في محيط يموج بالاضطرابات
فأي غاية يبتغي هؤلاء الذين يسعون لجر الأردن إلى أتون الفوضى، أيغيظهم أمن هذا الحمى واستقراره، أم يضمرون له شراً ويسعون لتقويضه على غرار ما حل بديار عربية أخرى اكتوت بنار الدمار والنهب وفقدان الأمان، ألم يستبينوا عواقب تلك المنزلقات الخطيرة التي لم تجلب لشعوبها إلا الخراب والشتات
إن هذا الانفلات الأخلاقي والتطاول الوقح على هيبة الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية ليس نصراً لغزة وأهلها الصابرين المحتسبين، إن غزة تنشد الدعم الصادق المتواصل، لا استغلال جرحها النازف لخلق فوضى وبلبلة في بلد ما توانى عن الوقوف بجانبها
إن الهدف الحقيقي من وراء هذه التحركات المشبوهة هو تقويض أمن الوطن وزجه في براثن الفتن والمهالك، وهو ما يستوجب تنبه كل مواطن غيور على ثرى وطنه ومستقبله
إن صون أمن الأردن واستقراره وديعة في أعناق كل فرد في هذا المجتمع الأبي، علينا جميعاً أن نرص الصفوف في وجه كل من تسول له نفسه العبث بأمننا أو النيل من استقرارنا يجب أن نكون سداً منيعاً في وجه كل دعوات التفرقة والتخريب
إن منعة الأردن تستمد قوتها من وحدته الوطنية وتماسك نسيجه الاجتماعي، ومن احترامنا لدستوره وقوانينه، ومن تقديرنا للدور الحيوي لمؤسساتنا الأمنية والعسكرية التي نذرت أرواحها فداءً للوطن والمواطنين
فلنحافظ على أردننا حصناً منيعاً وواحة وارفة، وليبق سنداً وعوناً لأشقائنا وقضايا أمتنا العادلة
إن الحفاظ على هذا الحمى هو أسمى تجليات الدعم لقضية فلسطين ولكل قضايا الحق والعدل