التحديث الإداري المقلوب ،،،

9 أبريل 2025
التحديث الإداري المقلوب ،،،

بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
منذ أن تشكلت هذه الحكومة وهي تعكف على إنجاز منظومة التحديث الإداري ، التزاما بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس النواب ، فعملت من خلال وزير تطوير القطاع العام على إعادة النظر بكافة التشريعات الناظمة لعمل المؤسسات الإدارية والرقابية المشرفة على الدوائر الحكومية الرسمية ، من نظام الموارد البشرية ، وإعادة النظر في تركيبة مفوضي هيئة الخدمة العامة والإدارة بتقليص العدد إلى الرئيس واثنين من المفوضين بدلا من أربعة مفوضين ، وتعيين رئيس جديد للهيئة ، وفصل تبعية معهد الاداره العامه عن الهيئة وربطه مع وزير تطوير القطاع العام ، وتشكيل مجلس أمناء للمعهد ، بالرغم من بعض الملاحظات والتحفظات على تشكيلة أعضاء المجلس مع الاحترام الشخصي لهم، وإعادة النظر في نظام تعيين القيادات الإدارية والذي لم تلتزم به الحكومة ، حيث أقدمت على تعيين مدير عام الجمارك ، وأمين عام وزارة المالية مباشرة بدون اللجوء إلى النظام ، كل هذه الإنجازات تحترم لكن معظمها ضمن التشريعات الصامته ، وفي المقابل هناك بطىء في تحديث القيادات الإدارية في معظم الوزارات والمؤسسات والدوائر الرسمية ممن تجاوزوا مددهم القانونية ، أو أنهم ليسوا ممن يتمتعوا بالكفاءة القيادية والنزاهة والعدالة والمساواة بين موظفيهم، لدرجة أن بعض مؤسسات تطوير القطاع العام تسلل إلى أدائها شبهات الفساد وهي قيد التحقيق ، وهذه المؤسسات الإدارية والتي كانت منارة يشار لها بالبنان من حيث الأداء والسمعة تراجعت سمعتها إلى عقود من الزمن للوراء ، بسبب الشللية والتمييز والمحاباة بين الموظفين ، فكثرت الخلافات الإدارية ، لضعف كفاءة القيادة وسوء التعامل مع الموظفين ومعالجة هذه الخلافات ، وبدلاً من معالجة المرضى الإداريين ممن تعرضوا للظلم ، تم عقابهم بدون سؤال أو استجواب ، لأنه يبدوا أن المطلوب من الموظف أن يظلم، وأن يبقى يعاني من المرض الإداري أو الظلم ويبقى صامتاً دون شكوى أو تذمر ، حتى ولو كانت الشكوى مقدمة للمسؤول الأول المعني بإنصافه، من أجل أن يبقى القائد الإداري الأول أو الداء الإداري إن جاز التعبير يسرح ويمرح في الظلم ، وفي التهديد والوعيد، حتى لو وصل الأمر إلى إنتشار المرض الإداري بين معظم الموظفين، وعليهم البقاء صامتين خوفاً من العقاب ، على الرغم أن بعض قرارات الإدارة كانت غير قانونية ، وفيها تعسف إداري لأنها لم تجر وفق تسلسل الإجراءات القانونية ، ولذلك يعتبر القرار منعدم الإرادة وبالتالي باطلا في حكم الملغي ولا يرتب أثرا إدارياً. لأن بعض القيادات الإدارية ربما مدعومة من متنفذين من بعض كبار المسؤولين في الدولة ، على الرغم أن بعض هؤلاء القيادات الإدارية جاءت بالبراشوت والواسطة والمحسوبية وليس بالكفاءة القيادية والجدارة الإدارية ، فالقائد الإداري الناجح هو من يستطيع احتواء موظفيه بالعدالة والمساواة والشفافية ، وليس بالتهديد والوعيد ، فلا يوجد موظف فاشل إذا أحسنا التعامل معه، وإنما يوجد قائد فاشل ، إذا أساء التعامل في إدارة مؤسسته ، فالأصل أن تعالج المرض، أو تستأصل الداء من جذوره ، وبخلاف ذلك يتوسع الظلم أو الفساد أو التجاوزات الإدارية في المؤسسة، لأن الموظف لن يستطيع التقدم بشكوى أو الإعتراض خوفاً من العقاب ، ويسود نظام تكميم الأفواه ، ولذلك باعتقادي إذا استمر نهج المجاملات الإدارية والطبطبة على بعض التجاوزات والمخالفات لبعض القيادات الإدارية لن نصل إلى مبتغى التحديث الإداري الذي أراده جلالة الملك عبدالله الثاني في خطابه السامي ، وفي أوراقه النقاشية ، على الرغم من القناعة التامة من ضعف بعض هذه القيادات الإدارية في أداؤها وفي قدراتها ونهجها، وهنا أود أن أنصح كل مسؤول تذكر أنه إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس بسلطتك القانونية وهذا مؤشر على ضعفك الإداري، فتذكر قدرة الله عليك بقوته وعظمته، فالله قد يمهل ، ولكن بالتأكيد لن يهمل ، يقول الباري عز وجل ، ” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا ” فالظلم يولد القهر ويضعف الإنتماء والولاء للدولة ، وللحديث بقية