هل أخطأت حماس في تقدير نتائج وتداعيات عملية ‏طوفان الأقصى (7 أكتوبر) أم لا؟

منذ دقيقة واحدة
هل أخطأت حماس في تقدير نتائج وتداعيات عملية ‏طوفان الأقصى (7 أكتوبر) أم لا؟

الكاتب: حسين الرواشدة

تعمدت أن لا أدخل في هذا النقاش على مدى 15 شهراً مضى، قلت : هذا ليس وقته؛ الحرب لم تضع أوزارها بعد، ونتائجها السياسية لم تنضج، الجمهور، أيضا، لا يقبل توجيه أي انتقاد لحماس، وفي بلداننا العربية لا أحد يحاسب مسؤولاً أخطأ، لا في السلم ولا في الحرب، ثمة فرق -بالطبع- بين نقد التقديرات المسبقة للعملية وبين التوافق العام على المقاومة ودعمها، من حق كل فلسطيني أن يقاوم الاحتلال، لكن ثمة فرق، أيضا، بين مقاومة وبين إعلان حرب.

لا أريد أن أخوض في هذه النقاشات الطويلة التي تداولناها على مدى 75 عاماً، ولا نزال، يكفي أن أشير إلى أن إعلان بعض التحفظات على 7 أكتوبر جاء، وللمرة الأولى، على لسان أحد أبرز قادة حماس، ممن لا تنطبق عليهم مقولة لا «يُفتي قاعد لمجاهد» كما لا يمكن أن يُدرجوا على قائمة المثبّطين والمخذّلين، وهذه، بالطبع، مناسبة لإدارة نقاش سياسي صريح، يصب في رصيد القضية الفلسطينية، بعيدا عن منطق المزايدات والاتهامات.

‏في مقابلة مع صحيفة (New York Times ) نُشر أمس الأول (24 /2)، يعترف رئيس المكتب السياسي الاسبق لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، «أنه لم يتم إبلاغه بالخطط المحددة لعملية 7 أكتوبر، وأنه لم يكن ليدعم الهجوم لو كان على علم بالخراب الذي سيحدثه في غزة»، يوضح أكثر ويضيف : «معرفة العواقب تجعل من المستحيل عليه دعم الهجوم «، أقدّر جرأة الرجل وشجاعته، وأتوقع -في سياق تقييم ما جرى – أن أسمع أصواتا أخرى من داخل حماس، لا أقصد، أبداً، إدانة ما جرى، وإنما فهم دروس التجربة والاستفادة منها.

أما الآخرون الذين ركبوا الموجة، ووظفوا العملية لحساباتهم السياسية، فلا انتظر منهم سوى رفع شارة النصر، ثم اتهام كل من يجرؤ على فتح النقاش حول العملية بأنه ضد المقاومة، وربما ضد الدين وفلسطين.

‏الاعتراف بخطأ التقديرات والتداعيات فضيلة، وقد يكون خطوة ضرورية لإعادة الحسابات، سواء بالنسبة للمقاومة في غزة، أو للفلسطينيين في الداخل والخارج، صحيح لا يمكن أن نتصور وجود احتلال بدون وجود مقاومة، صحيح، أيضا، ما حدث في غزة ألهم الكثيرين معاني الصمود والشجاعة والتضحية، لكن الصحيح، أيضاً، أي فعل مقاوم يجب أن يكون في إطار حسابات وتقديرات ومشاورات عسكرية وسياسية دقيقة ومحسوبة، كيف يمكن، مثلا، اعتبار تدمير غزة وقتل وجرح أكثر من 100,000 جريح وشهيد مجرد «خسارات تكتيكية»؟ ثم بأي منطق سياسي نقنع أنفسنا بأننا انتصرنا، فيما نحن أمام نكبة ثالثة، ووعد بلفور (أقصد وعد ترامب) جديد؟

‏حركة حماس اعتبرت التصريحات مجتزأة وغير صحيحة ( أبو مرزوق لم يُعلّق حتى الآن)، طبعا هذا مفهوم في سياق بروز اختلافات داخل قيادات الحركة، في الداخل والخارج، حول العملية وتداعياتها، المهم أن مثل هذه المراجعات، سواء تمت علناً أو بالغرف المغلقة، يمكن أن تضعنا على سكة موقف عربي وفلسطيني موحد، يضمن طرح مخارج سياسية ناضجة، تتبناها قمة القاهرة القادمة، ونستطيع من خلالها مواجهة مشروع تصفية القضية الفلسطينية الذي تدفع واشنطن وتل أبيب لفرضه بالقوة.

‏ما أريد أن أقوله، أي إنجاز سياسي ممكن في ظل المعادلات والتحولات التي جرت بعد 7 أكتوبر (معادلة الصمود والتضحيات ومعادلة اختلال موازين القوى) يحتاج إلى جردة حسابات عقلانية، كيف؟ لا أعرف، لكن يبدو أن التاريخ يُطلّ علينا برأسه من جديد، ما حدث قبل نحو 100 عام (1917 تحديداً) يرُاد له أن يتكرر، ولدينا فرصة لمواجهته إذا تحررنا من عقدة إنكار الواقع، وعقدة الاستسلام للواقع أيضا.