درس في مقاومة الاستبداد

23 فبراير 2025
درس في مقاومة الاستبداد
د. عادل يعقوب الشمايله
على شاشة CNN استضافة مقدمة البرامج  المعروفة كريستيانا المانبور، مساء الخميس الصحفية والكاتبه الروسية  ماشا غيسين التي تعمل حاليا في صحف النيويوركر والنيويورك تايمز  والواشنطن بوست حيث تم عرض كتابها الجديد:
“كيف تنجو من الحكم الاستبدادي” 
لماذا هذا الكتاب مهم؟
رسائل غيسين تتجاوز الحدود الجغرافية، خاصة مع تصاعد المخاوف من تراجع الديمقراطية في العديد من الدول. الدروس المستخلصة من التجربة الروسية وغيرها من الأمثلة التاريخية تحمل تحذيراً عالمياً.
الديمقراطيات هشة ويمكن أن تنهار تدريجيًا.
الاستبداد لا يصل دائمًا بانقلاب؛ أحيانًا يتسلل ببطء.
المقاومة مسؤولية أخلاقية وسياسية على الجميع.
لذلك تنبه الكاتبة وتحذر  من مآلات حكم ترامب بناءاً على المقدمات التي شاهدها الامريكيون والمهتمون بالشأن السياسي في جميع انحاء العالم،  خلال فترة حكمه الاولى وبرنامجه الانتخابي وقراراته خلال الاسابيع الاولى من فترته الثانية التي قد تمتد مدى الحياة.
الكتاب تحذير  ودليل في نفس الوقت لفهم كيف يمكن للديمقراطية أن تنجرف تدريجيًا نحو الحكم الاستبدادي. لذلك، يقدم  أدوات فكرية وأخلاقية مهمة ، لرفض التطبيع، وللدفاع عن قيم الحرية والعدالة. فمقاومة الاستبداد ليست سهلة، لكنها ضرورية. 
الديمقراطية لا تستمر إلا عندما يكون المواطنون على استعداد للدفاع عنها.
الكتاب ليس مجرد دليل للبقاء، بل هو دعوة للعيش بكرامة وشجاعة في ظل الخطر. 
النقاط الرئسية التي ركزت عليها الكاتبة:
1. التعرف على علامات الحكم الاستبدادي.
الحكم الاستبدادي لا يظهر دائمًا من خلال انقلابات عنيفة أو سيطرة مفاجئة. في كثير من الأحيان، يتسلل تدريجيًا من خلال التآكل التدريجي للمعايير الديمقراطية. يبدأ الاستبداد عندما يتم تقويض الحريات الأساسية كحرية الصحافة، نزاهة القضاء، والانتخابات الحرة.
-تشويه سمعة المعارضين: يلجأ المستبدون إلى وصف المنتقدين بأنهم خونة أو أعداء الشعب، مما يضعف المعارضة.
-التحكم في المعلومات: من خلال نشر الأكاذيب والدعاية المضللة، يخلق الحاكم حالة من الفوضى المعلوماتية، تجعل من الصعب على الناس التمييز بين الحقيقة والزيف.
المهم يجب عدم الاستهانة بالمؤشرات الأولى. خذ تصريحات القادة الاستبداديين على محمل الجد، فغالبًا ما يكشفون عن نواياهم مبكرًا.
-دور الأكاذيب والهجوم على الحقيقة.
تؤكد غيسين أن الحقيقة هي حجر الأساس للديمقراطية، ولذلك يعمل المستبدون على تقويضها:
-الأكاذيب المتكررة والمتعمدة: الهدف ليس فقط الخداع، بل إنهاك الجمهور وإضعاف قدرته على التمييز بين الحقيقة والخيال.
-تطبيع العبث: بمرور الوقت، يبدأ الجمهور في قبول الأكاذيب كجزء من المشهد السياسي اليومي، مما يؤدي إلى حالة من اللامبالاة الخطيرة.
نصيحة غيسين: لا تدع نفسك تصاب بالخدر. تمسك بالحقيقة دائمًا، لأن الحقيقة تمنح القوة للمقاومة.
-خطورة تطبيع السلوك الاستبدادي
عندما يواجه المجتمع سلوكًا استبداديًا، فإنه غالبًا ما يحاول تطبيعه لتجنب الاعتراف بوجود أزمة. غيسين تحذر من أن:
•التطبيع يؤدي إلى التواطؤ.
•المؤسسات الديمقراطية مثل القضاء ووسائل الإعلام قد تضعف تدريجياً إذا افترض الناس أن “النظام سيحمي نفسه”.
مثال تاريخي: في روسيا، اعتقد الكثيرون أن بوتين سيلتزم بالقواعد الديمقراطية، لكنهم اكتشفوا خطأهم بعد فوات الأوان.
النصيحة العملية: ابدأ المقاومة مبكرًا، ولا تنتظر حتى تتضح علامات الانهيار.
-المؤسسات وحدها لا يمكنها إنقاذك
من أكثر الأفكار إثارة في الكتاب أن المؤسسات الديمقراطية، رغم أهميتها، قد لا تكون كافية:
•تعتمد على إرادة الناس للدفاع عنها.
•يمكن اختراقها أو تدميرها إذا عُين أشخاص موالون للحاكم في مناصب حساسة.
•القوانين قد تُفسر أو تُعدل لتخدم مصالح النظام الاستبدادي.
لذلك، لا تعتمد على “النظام” ليصحح نفسه. الدفاع عن الديمقراطية يتطلب مشاركة نشطة من المواطنين الشجعان.
-قاوم إغراء الطاعة
تُعد الطاعة العمياء أحد أعمدة الحكم الاستبدادي:
•يعتمد المستبدون على امتثال الناس للأوامر، حتى عندما تكون غير قانونية أو غير أخلاقية.
•تتراكم الأفعال الصغيرة من الطاعة لتشكل نظامًا استبداديًا كاملًا.
الدرس الأخلاقي: الرفض وعدم الامتثال، حتى في الأمور الصغيرة، يُحدث فرقاً كبيراً. فكما تُظهر التجارب التاريخية، شارك الكثير من الناس في تمكين الأنظمة القمعية فقط عبر اتباع الأوامر دون اعتراض.
-الحذر من الروايات المفرطة في التفاؤل
-قد يكون الأمل خطيرًا إذا كان قائمًا على الإنكار. مثل الاعتقاد بأن “هذا لن يحدث هنا” أو “الأمور ستتحسن من تلقاء نفسها”، مما يؤخر التحرك الضروري.
-الأمل الواقعي: غيسين تؤكد أن مواجهة الحقيقة المؤلمة والعمل بناءً عليها أفضل من التشبث بالتفاؤل الكاذب.
الأمل المنتج يؤدي إلى المقاومة، بينما الأمل الكاذب يؤدي إلى السلبية.
-أهمية المجتمع المدني والتضامن: المجتمع المدني هو خط الدفاع الأخير. شارك في بنائه ودعمه.
لا يمكن لأي شخص النجاة من الحكم الاستبدادي بمفرده. لذلك فإن:
-الحركات الشعبية والمجتمع المدني ضروريان لمقاومة النزعات الاستبدادية.
-بناء التحالفات بين مختلف الفئات الاجتماعية والسياسية أمر حاسم.
-دور الفنون والأدب في الحفاظ على روح المقاومة من خلال تقديم روايات بديلة وحفظ الحقيقة.
-الحفاظ على النزاهة الأخلاقية
تختتم غيسين كتابها بدعوة شخصية وعميقة:
الاستبداد اختبار للأخلاق الشخصية. هناك دائمًا ضغوط للتكيف أو الصمت أو تجاهل الظلم.
للبقاء نفسياً وأخلاقياً في مواجهة القمع، يجب على الأفراد التمسك بقيمهم ومبادئهم.
النداء الأخلاقي: احمِ روحك من التلوث. لا تكن متواطئاً. قاوم الظلم وقل الحقيقة حتى عندما يكون الأمر صعباً