وطنا اليوم_بقلم : عوني الرجوب _ باحث وكاتب سياسي
{ الملتقى السياسي الأردني }
في كل عام أو عامين، نسمع أصواتًا تتعالى هنا وهناك، تروج لأسطوانات الغاز البلاستيكية، وكأنها المنقذ الجديد للبشرية، أو كأنها اختراع عبقري سيغير حياتنا للأفضل.
لكن الحقيقة أن هذه الأسطوانات تثير في نفوس الناس الريبة والخوف أكثر مما تبعث على الطمأنينة.
هل هي حقًا آمنة؟
هل هناك مصلحة خفية وراء الإصرار على فرضها في الأسواق؟
لماذا يتم التسويق لها بهذه القوة رغم أن المواطن العادي يرفضها رفضًا قاطعًا؟
*صفقات مشبوهة أم مصلحة وطنية؟*
حينما تُطرح مثل هذه المنتجات المثيرة للجدل، لا يسعنا إلا أن نتساءل:
هل هناك صفقات تجارية مشبوهة تُعقد خلف الكواليس؟
هل هناك مستفيدون يضعون مصالحهم فوق سلامة المواطنين؟
التاريخ يخبرنا أن بعض المشاريع تُفرض فرضًا، ليس لأنها مفيدة أو ضرورية، بل لأن هناك من يسعى لتحقيق أرباح هائلة على حساب حياة الناس.
في خضم هذه التساؤلات، يبرز السؤال الأهم:
هل البلاستيك أقوى من الحديد؟
هل يمكن أن يكون أكثر أمانًا منه؟
المنطق والعلم يقولان لا.
فلماذا إذًا هذا الإصرار على تبديل الأسطوانات المعدنية التي أثبتت كفاءتها لعقود بأخرى لم يُثبت أمانها بعد؟
هل يريد هذا المتنفذ أن يقنعنا بأن البلاستيك بات أقوى من الفولاذ؟
*شكوك تتزايد وثقة تتلاشى *
في السنوات الأخيرة، فقد المواطن ثقته في كثير من القرارات التي تُتخذ باسمه، لكنه لا يراها تخدمه. الكورونا مرت وكشف الزمن أنها لم تكن سوى مسرحية كبرى ومؤامره عالميه استغلت من قبل البعض لتحقيق المكاسب.
الآن، تُطرح أسطوانات الغاز البلاستيكية، رغم أن الشعب بأكمله يرفضها، فالمصلحه لمن يجري تمريرها؟
الشعب لم يطالب بها، بل على العكس، هو يرفضها بشكل قاطع. فلماذا يُراد إرغامه عليها؟
حينما تُفرض علينا أمور لا نريدها، نصبح مشككين في كل شيء، حتى في أنفسنا. نعيش في دوامة من الشك، نتساءل: هل ما نسمعه ونراه هو الحقيقة أم مجرد وهم يُفرض علينا؟
لماذا يتكرر السيناريو ذاته في كل مرة؟ لماذا تُمرر القرارات رغم الرفض الشعبي؟ هل أصبحنا بلا صوت، بلا تأثير، مجرد أدوات في لعبة اقتصادية ضخمة؟
{الحكومة بين الشعب والمصلحة}
من واجب الحكومة حماية المواطنين والاستماع إلى أصواتهم، لا أن تتجاهل رغباتهم لصالح فئة قليلة من المنتفعين. الشعب يرفض هذه الأسطوانات، وإذا أصرت الحكومة على طرحها وتداولها، فسيشعر المواطن أن هناك تواطؤًا غير معلن مع أصحاب المشروع، وأن المصالح الخاصة طغت على الصالح العام.
لا أحد يريد هذه الأسطوانات. لا أحد يثق بها. ومع ذلك، يتم الترويج لها بقوة وكأنها نعمة عظيمة لا يمكن رفضها.
لكن الحقيقة أننا لا نريدها، ولا نريد أن نُجبر على قبول أشياء لم نطلبها أصلًا. فاحترام رغبة الشعب واجب، وليس خيارًا.
{انفجار في وجه المجتمع }
يقولون إن “الضغط يولد الانفجار”، وهذا ينطبق ليس فقط على المجتمعات، بل حتى على هذه الأسطوانات المشبوهة التي قد تنفجر في أي لحظة. حياتنا وحياة أطفالنا ليست رخيصة لتكون حقل تجارب لمشاريع مشبوهة، ولا ينبغي أن تُستخدم سلامتنا كوسيلة لتحقيق الأرباح.
كفوا عن تجارتكم الجشعة، واتركونا نعيش بسلام. لسنا بحاجة إلى منتجاتكم المستوردة التي لا نثق بها، ولسنا مضطرين لتجربة اختراعاتكم التي قد تودي بحياتنا.
نريد فقط أن نعيش كما نريد، أن نأكل مما نزرع، ونشرب من مياه المطر، ونلبس من صناعاتنا الوطنية، ونحيا بكرامتنا دون أن يُفرض علينا شيء لا نريده.
{العودة إلى الجذور}
في ظل كل هذا العبث، يفكر كثيرون في العودة إلى الحياة البسيطة. الهروب من تعقيدات العصر الحديث إلى حياة أكثر نقاءً وصفاءً. بعيدًا عن أسطوانات الغاز البلاستيكية، وعن السياسات التي لا تأخذ في الاعتبار إلا مصلحة فئة محددة.
لماذا لا نعود إلى الطابون والحطب؟ لماذا لا نحيا كما كان يحيا أجدادنا، بلا خوف من أسطوانات قد تنفجر في وجوهنا؟
نحن لسنا ضد التطوير، ولسنا ضد التقدم. لكن حينما يصبح التقدم خطرًا، وحينما يكون التطوير مشبوهًا، فمن حقنا أن نقف ونقول: لا. لسنا عبيدًا للتجار، ولن نكون ضحايا لمصالحهم. نريد حياة آمنة، نريد أن نعيش كما نريد، لا كما يريد لنا أصحاب الصفقات.
كفى استخفافًا بعقولنا، وكفى عبثًا بحياتنا. الشعب قال كلمته، فهل من مستمع؟