وطنا اليوم:كشفت إحصائيات رسمية تزايد عدد المتسوّلين في ليبيا خلال الفترة الأخيرة، وهي ظاهرة غير جديدة، لكن المفاجأة والأمر الغريب أنّها أصبحت تشمل بدرجة أولى مواطني هذا البلد الغني بالنفط وذي الدخل المالي الكبير، خاصة فئتي النساء والأطفال.
وأمس السبت، أعلنت مديرية أمن طرابلس، عن ضبط 878 متسوّلا في العاصمة طرابلس خلال العام الماضي، بينهم 461 امرأة و221 طفلا، مشيرة إلى أن عدد الليبيين الذين جرى ضبطهم بلغ 329 متسولا، من بينهم 90 رجلا و178 امرأة و61 طفلا، بينما بلغ عدد المتسوّلين الذين يحملون جنسيات أجنبية 106 رجال و283 من النساء و160 طفلا.
وحول تفسيره لتضاعف أعداد المتسوّلين الليبيين، أشار رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة، إلى أن الدافع الذي جعل المواطنين يخرجون للتسول والحصول على صدقات، هو “توفير جزء من حاجياتهم الأساسية وتغطية مصاريفهم بسبب التضخم المالي وانهيار قيمة الدينار، إلى جانب تفاقم معدلات الفقر في ليبيا التي تصل إلى 40%، حسب الدراسات الأخيرة”.
وأضاف في تصريح، أن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل، وحالات النزوح والتهجير الداخلي، هي أيضا من العوامل الرئيسية التي دفعت عددا من الليبيين إلى التسوّل وطلب المساعدة، من أجل تغطية حاجاتهم الصحية والإنسانية والمعيشية، مشدّدا على أن زيادة بروز هذه الظاهرة تدّل على عمق الأزمة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها المجتمع الليبي.
واعتبر أن “الليبيين باتوا اليوم فقراء في دولة غنية بالنفط وتحققّ عوائد مالية هامّة من مبيعات الطاقة، نتيجة الفساد والتضخم المالي واحتكار الثروات في يد أطراف الأزمة والميليشيات المسلحة، مقابل حرمان المواطنين الليبيين من حقهم في العيش الكريم”.
ويواجه الليبيون أزمة معيشية كبيرة لم تمر عليهم من قبل، وصعوبات في الحصول على الحاجيات الأساسية والخدمات العامة التي لا تبدو تكلفتها في متناول الجميع، وذلك كنتيجة للصراع السياسي وتفتّت الدولة والفساد المستمر منذ أكثر من عقد.