فادي السمردلي يكتب:(الرجال تعرف الرجال والخيل تعرف فرسانها) كيف يجب أن يكون القادة الحزبيون؟

28 يناير 2025
فادي السمردلي يكتب:(الرجال تعرف الرجال والخيل تعرف فرسانها) كيف يجب أن يكون القادة الحزبيون؟

كتب فادي السمردلي:

#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال

مثل “الرجال تعرف الرجال والخيل تعرف فرسانها” هو مِثلٌ عميق يعكس حقيقة أساسية في الحياة أن الشخصيات الحقيقية تُعرف من خلال أفعالها وقراراتها وليس من خلال الكلمات فقط فهذا المثل يمكن تطبيقه بشكل رائع على العمل السياسي الحزبي، حيث يظهر أن نجاح الحزب لا يُقاس بمدى قوة شعاراته أو انتشار دعاياته، بل بمقدار الجهد الذي يبذله أفراده، وصدقيتهم في اتخاذ القرارات المصيرية التي تؤثر في مسار الدولة والمجتمع وفي هذا السياق، الحزبيون هم الفرسان الذين يقودون “الخيل” السياسية نحو الأهداف الوطنية، وهم من يجب أن يتحلوا بالخصال التي تجسد الأمانة، الشجاعة، والنزاهة في العمل السياسي.

كما أن الخيل لا يعرف فرسانها إلا من خلال قدرتهم على قيادتها وتحقيق الانتصار بها في الميدان، فإن الحزبيين لا يُعرفون إلا بما يقدمونه من نتائج ملموسة وواقعية على أرض الواقع فالحزبي الحقيقي هو الذي يُظهر التزامه بقيم الحزب وبرامجه من خلال أفعاله، فهو لا يختبئ وراء شعارات كبيرة أو كلام معسول، بل يتعامل مع التحديات السياسية اليومية بعزم وقوة فالحزبي يجب أن يكون شخصًا عمليًا، ذو قدرة على تنفيذ ما يعد به، ويُظهر هذه القدرة في المواقف الصعبة التي تتطلب شجاعة وقرارًا حاسمًا.

إضافة إلى ذلك، الحزبي الناجح لا يكتفي بكلمات جوفاء في المواقف ، بل هو الذي يظهر معدنه الحقيقي في الأوقات العصيبة عندما يكون اتخاذ القرار صعبًا، ويكون المجتمع بحاجة إلى قيادة رشيدة فإذا كان الفرسان لا يمكنهم أن ينتصروا بدون مهارة القيادة، فإن الحزبي لا يمكنه أن يحقق أهداف حزبه دون امتلاك القدرة على اتخاذ قرارات صائبة في الوقت المناسب فقد يواجه الحزبي تحديات داخلية وخارجية، مثل الصراعات الحزبية، الخلافات السياسية، أو التغيرات المفاجئة في البيئة السياسية، وعليه أن يُظهر قدرته على التأقلم مع هذه التحديات ليظل الحزب على المسار الصحيح.
إن القيادة في العمل الحزبي تتطلب الشجاعة، مثلما يتطلب الفارس شجاعة لملاقاة الحرب فالحزب الذي يقوده أفراد يفتقرون إلى الشجاعة السياسية لن ينجح في مواجهة الأزمات السياسية أو الاجتماعية ويجب على الحزبي أن يكون جريئًا في اتخاذ القرارات التي قد تكون غير شعبية، إذا كان ذلك سيخدم المصلحة العامة ففي العمل السياسي، تتعدد المواقف التي تتطلب اتخاذ قرارات تتطلب فطنة وحكمة وقد تكون تلك القرارات مؤلمة في بعض الأحيان، لكن التزام الحزبيين بالمصلحة العامة يجب أن يكون فوق كل اعتبار مثلما أن الفرسان يضحون بأنفسهم من أجل المعركة، فالحزبي يجب أن يكون مستعدًا للتضحية بمصالحه الشخصية من أجل رفعة حزبه والمجتمع.

من السمات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها الحزبيون هي القدرة على التضحية بالمصالح الشخصية من أجل المصلحة العامة فالحزبي الحقيقي لا يضع نفسه في المقام الأول، بل يقدم الحزب، والأمة، والمجتمع في مقدمة اهتماماته كما أن الفارس الذي يتسم بالولاء لحصانه يظل يحارب من أجل مصلحة المعركة وليس من أجل المجد الشخصي، كذلك الحزبي الذي يلتزم بمبادئ حزبه يكون مستعدًا لتقديم التضحيات من أجل تحقيق أهداف الحزب بعيدًا عن السعي وراء مكاسب شخصية فلا يمكن للحزب أن يحقق أهدافه إذا كان كل فرد فيه يبحث عن مصالحه الخاصة بل يجب أن يسعى الحزبيون لتحقيق رؤية مشتركة ترتكز على خدمة الوطن ورفاهية المواطنين.

إن الحزبي يجب أن يتحلى بالقدرة على التفكير بعيد المدى، وأن يكون لديه رؤية شاملة للمستقبل فهو ليس فقط رجل لحظته، بل هو القادر على التخطيط للمرحلة القادمة، ويعرف كيف يوجه الحزب نحو الأهداف الكبرى ففي هذه الحالة، يصبح الحزبي مثل الفارس الذي يدرس ساحة المعركة، ويفكر في كل خطوة قبل أن يتخذها ويجب أن يتوافر لدى الحزبي قدرة على التحليل العميق للمواقف، فلا يمكن اتخاذ قرارات سياسية بدون النظر بعناية إلى الآثار التي قد تترتب عليها بهذا التحليل الدقيق يمكّن الحزبي من اتخاذ خطوات صحيحة وملائمة في الظروف المتغيرة.

كما أن النصر في المعركة لا يتحقق إلا من خلال التعاون بين الفارس وحصانه، لا يمكن أن يحقق الحزب نجاحًا حقيقيًا إلا من خلال العمل الجماعي بين أعضائه ويجب على الحزبيين أن يضعوا مصلحة الحزب أولًا وألا ينشغلوا بمصالحهم الشخصية أو يتنافسوا على المناصب فالحزبي الناجح هو الذي يستطيع أن يعمل في فريق، ويتعاون مع زملائه من أجل تحقيق أهداف الحزب فلا تقتصر القيادة السياسية على اتخاذ قرارات فردية، بل هي تتطلب تضافر الجهود من الجميع فالحزب الذي يعمل فيه الجميع بتناغم يكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات السياسية المختلفة.

المصداقية والنزاهة هما الأساسان اللذان يرتكز عليهما أي حزب سياسي ناجح فإذا كان الحزبي يتسم بالمصداقية، فإنه يعمل من أجل مبادئه بقوة وإخلاص، وتظل أفعاله متسقة مع ما يعبر عنه من شعارات ومواقف أما إذا افتقر الحزبي إلى المصداقية، فإنه يصبح مجرد شخص يبحث عن المصلحة الشخصية ولا يُعتبر عنصرًا فعالًا في العمل السياسي فالنزاهة تعني أيضًا أن الحزبي لا يساوم على المبادئ، ولا يتاجر بالقيم في سبيل المكاسب الشخصية فمثلما لا يمكن للفارس أن يحقق النصر إذا كان يطعن في ظهر خصمه أو يخون أمانته تجاه حصانه، كذلك لا يمكن للحزبي أن ينجح إذا خالف مبادئه وأخلاقه.

بناءً على ما سبق، يمكن القول أن الحزبيين الحقيقيين هم أولئك الذين يتحلون بصفات الفرسان في ميدان العمل السياسي الشجاعة، الإخلاص، التضحية، والقدرة على اتخاذ قرارات حاسمة من أجل الصالح العام فهم الرجال الذين يُعرفون بمواقفهم وأفعالهم، وليس بكلماتهم أو شعاراتهم كما أن الحزب الذي يقوده هؤلاء الحزبيون سيكون قادرًا على تحقيق أهدافه بصدق ونزاهة، وستظل قاعدته الجماهيرية متماسكة ومخلصة لمبادئه وفي النهاية، “الرجال تعرف الرجال والخيل تعرف فرسانها” يظل قاعدة ثابتة في عالم السياسة فلا يُعرف الحزبي الحقيقي إلا من خلال ما يقدمه فعلاً على الأرض، وليس بما يصرح به في المجالس أو في الإعلام