وطنا اليوم:وصفت النائب ديمة طهبوب اللإنفاق الرأسمالي بالمتواضع والمشتت، والإنفاق العام فيعاني من الجمود دون منافذ استثمارية، بحسب تعبيرها.
وأضافت النائب طهبوب إن الموازنة العامة يجب أن تهدف إلى تحقيق نمو حقيقي، والحد من الفقر، وتحقيق العدالة الاجتماعية في الدخل والفرص، ومعدلات تضخم منخفضة، وإبطاء الزيادة الصاروخية في العجز والدين العام، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة في تحقيق نتائج مستقرة في كل هذه الأهداف، وفقاً لتعبيرها.
وأضافت طهبوب أن موازنة هذا العام يمكن وصفها بموازنة تلبية الحاجات الأساسية على المدى القصير وبالحد الأدنى مع تراجع للإنفاق العام بنسبة 5.7٪، وهذا لن يحقق نسبة النمو المستهدفة في رؤية التحديث 5.6%، فالنمو المتوقع بحسب صندوق النقد للعامين 2025 و2026 لن يزيد عن 2.9٪ و3٪ على التوالي، أما هدف رفع دخل المواطن بنسبة 3٪ سنوياً في المتوسط كما جاء في الرؤية فصار من الأمنيات الجميلة. أما العجز فقد أصبح لازمة في الموازنة وخانة دائمة وأصبحنا نرصد له رقماً كأي رقم في الموازنة، ليس فقط في موازنة هذا العام بأكثر من 2 مليار، بل وفي الأرقام التأشيرية لعام 2026.
قالت إن الموازنة العامة يجب أن تهدف إلى تحقيق نمو حقيقي، والحد من الفقر، وتحقيق العدالة الاجتماعية في الدخل والفرص، ومعدلات تضخم منخفضة، وإبطاء الزيادة الصاروخية في العجز والدين العام، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة في تحقيق نتائج مستقرة في كل هذه الأهداف، وفقاً لتعبيرها.
أما بالنسبة للإنفاق الرأسمالي، فمتواضع ومشتت، فالمشاريع الجديدة لها 77 مليون فقط، بينما الباقي مستمر أو قيد التنفيذ، وهذه يجعل نفقاتها أقرب إلى الجارية منها إلى الاستثمارية.
أما الإنفاق العام فيعاني من الجمود دون منافذ استثمارية تزيده، ويذهب إلى الرواتب والتقاعد والتعويضات والإنفاق العسكري والأمن والسلامة، وهذه لا يمكن خفضها، والإنفاق الرأسمالي المتواضع وخدمة الدين العام، وهذه كلها تشكل 93٪ من الإنفاق العام، ويبقى فقط 7٪ لدعم السلع والمعونات النقدية والجامعات الحكومية والعلاج والإعفاءات.
ولكن كيف تُترجم الموازنة في حياة الأردنيين بمبدأ القيمة مقابل المال (value for money) أو الإنفاق الموجه بالنتائج (result-driven spending) وكيف يعيشونها في حياتهم؟
فالمواطن يساهم مساهمة كبرى في تمويل الموازنة من خلال الإيرادات الضريبية، وتحديداً ضريبة المبيعات التي تشكل 68٪ من مجموع الإيرادات الضريبية، وبالمقابل ليس هناك عدالة ضريبية ولا ضريبة تصاعدية ولا تنويع للمصادر ولا كفاءة في إدارة النفقات أو دقة في تقدير الإيرادات.
فكيف يشعر المواطن بكفاءة الإنفاق في حياته؟
فلتخصص الحكومة مليونا أو ملايين للتعليم، سنبقى نذكر، ما لم يتغير الوضع، أن طلابنا حصلوا على نتائج منخفضة جداً في اختبارات التقييم العالمية للرياضيات والعلوم، ويقال إنهم الأقل فهماً عالمياً، هذا في بلد كان يصدر الكفاءات العلمية والتعليمية إلى جواره من الدول! لذا ليس إنجازاً أن نبني 500 مدرسة، بل أن نستثمر أيضاً في المعلمين وتأهيلهم، والطلاب وتحصيلهم، والمناهج واستعادة قوتها، فبناء الإنسان أهم من بناء الجدران.
فلتخصص الحكومة مليونا أو ملايين، ولتقل إن مالياتنا وتصنيفنا الائتماني جيد، ستبقى الحقيقة أن الدين العام يرتفع كل عام نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وسيشكل هذا العام 17.6٪ من إجمالي الإنفاق، وسيترفع أكثر في الأرقام التأشيرية لعام 2026، وأن خدمة الدين وعبء الفوائد عادلت، على سبيل المثال، في 2024 172٪ مما تم إنفاقه على الصحة، وما نسبته 154٪ مما أنفق على التعليم. فأصبح الإنفاق على خدمة الدين ينافس الإنفاق على القطاعات الحيوية والتنموية التي تمس حياة كل المواطنين.
فلتخصص الحكومة 18 مليوناً لدعم الأسر الفقيرة، ولكن سيبقى أن الفقر زاد بمقدار 15 ألف أسرة ولم يقل، وما زال الكثيرون على جداول انتظار المعونة، وهذا دلالة على عدم كفاءة الأداء الاقتصادي ومكافحة الفقر.
فلتخصص الحكومة مليونا أو ملايين للصحة، ولكن لتقل لنا كيف سيساهم ما تنفقه في أن لا يموت المرضى في الطوارئ في انتظار العلاج، وأن لا يثقل كاهل الأطباء لكثرة المراجعين فيعانون من أمراض نفسية، وأن لا يضطر المواطن أن يأتي إلى النائب من أجل الإعفاء لتحصيل حقه في العلاج، وما زالت موازنة وزارة الصحة قاصرة عن شمول المواطنين جميعاً بالتأمين.
من مبادئ الموازنة الاستراتيجية تعزيز الاعتماد على الذات والخروج من حالة الاتكالية، والثروات الطبيعية هبة ربانية، يقول كل خبراء الأردن بوجودها بكميات تجارية، وهي المخرج الوحيد بالمطلق لأزماتنا الاقتصادية، ولكن أين القرار في استخراجها واستثمارها؟ لا شيء في الموازنة يدلل على ذلك! لدينا سيليكا بقيمة 85 مليار دينار بكمية 12 مليار طن، سعر الطن من 7-10 دولار، السليكا لوحدها تنهي المديونية وتجعلنا نعيش في بحبوحة ورخاء، فماذا تنتظرون؟ أما الفوسفات 200 مليون طن قيمتها 30 مليار دولار، 5 ملايين طن منغنيز، النحاس 60 مليون طن، الصخر الزيتي وهو من أجود الأنواع عالمياً 40 مليار طن، الذهب وثروات البحر الميت واليورانيوم وغيرها. أي خطة اقتصادية وأي موازنة لن تتوجه إلى الاستثمار في الثروات فاشلة وستوصلنا إلى مديونية أكبر من سابقاتها وسنبقى مكانك سر.
لعنة مديونية شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه التي تمثل ربع المديونية بـ823 مليون، وضعت لها حلاً يا دولة الرئيس قبل أن تصبح رئيساً للحكومة، وأذكرك بالصفحات 249-252 من كتابك “الاقتصاد السياسي الأردني بناء في رحم الأزمات”، واقترحت استبدال مديونيتها بقروض ميسرة أو تحمل الحكومة للديون لتبدأ الشركة صفحة نظيفة، وكذلك التوسع في إنتاج الطاقة النظيفة، فما الذي يمنعك من التطبيق؟
دولة الرئيس، أكثر ما يؤلمني في تقرير ديوان المحاسبة هو ما أظهره من الجرأة على المال العام، وهذه والله ليست أخلاق الأردنيين لا شهامة ولا أمانة ولا كرامة، ولكن إفقارهم أخرج البعض عن السوية. وأهم مسؤوليات الدولة أن توفر للمواطنين فرص العمل اللائق والرواتب التي تكفل حياة كريمة بالتنسيق مع القطاع الخاص وأن لا تتنصل من مسؤولياتها.
أيها الزملاء الكرام، في 2017 ناقشت أول موازنة لي كنائب، وكان البعض يقول لي أن أعطي الحكومة فرصة، وكانت المديونية وقتها 26 مليار دينار، واليوم أصبحت 43 مليار دينار، أي بارتفاع 17 ملياراً في 7 سنوات.
لذا مهما كانت حسن النوايا والخطوات لدى هذه الحكومة، فلن أعطي هذا العام ثقتي للموازنة حتى أرى نتائج مبشّرة توقف هذا النزيف، وساعتها سأرفع يدي لكل بند في موازنة العام الذي يليه.
دولة الرئيس، قرأت أن استطلاع الباروميتر العربي أظهر أن المواطن يثق بالحكومة، فاجعله يشعر أن ثقته في مكانها، وخصص كل ما تم خفضه من الموازنة واسترداده من مبالغ من مكافحة الفساد الذي نشر أنها جاوزت المليار لزيادات الرواتب، خلي المواطن يشم نفسه ولا تنزلوه من عنق الزجاجة إلى قعر البئر.