وطنا اليوم_د. عادل يعقوب الشمايله
عندما جمعَ النبيُ محمد المتطوعينَ من المهاجرين والانصار لملاقاةِ جيش قريش عند مياه بدر، بادرهم بالقول :
اشيروا علي ايها الناس. اراد النبي من طلب المشورة أن يعلم أنهم يوافقونه على ملاقاة ومحاربة قريش ام لا.
تكلم كبار الصحابة من المهاجرين ـ بكلام يدل على صدق إيمانهم، وعظيم رغبتهم في الجهاد والقتال، وحرصهم على البذل والتضحية لنصرته.
غير ان النبي كرر طلب المشورة. لأن الانصار كانوا قد وعدوه بحمايته في (يثرب فقط) اذا تعرض للتهديد والعدوان.
حينها تنبهَ زعيمُ الانصار سعد بن عبادة لمقصد النبي فأجابهُ: (إيانا تريد يا رسول الله؟ قال نعم. فقال له سعد والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها (الخيل) البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها (تكليف الخيل للسير بأبلغ ما يمكن) إلى برك الغماد (موضع على خمس ليال من مكة في طريق اليمن، أو مكان يضرب فيه المثل في البعد) لفعلنا) رواه مسلم.
وقد كرر النبي استفتاء المسلمين في غزوة أحد. هل يبقى في المدينة ويدافع عنها من الداخل ام يخرج لملاقاة الغزاة. ورغم أنه كان يفضل البقاء في المدينة والدفاع عنها الا أنه استجاب للضغط من عنصر الشباب المتحمس وخرج الى جبل احد. وكان ما كان من هزيمة وقتلى من المسلمين.
وفي معركة الخندق كرر النبي موقفه وهو طلب المشورة والموافقة. وتقبل النبي وصحابته الرأي الفني الذي قدمه سلمان الفارسي بحفر خندق حول المدينة. وتم حفر الخندق للدفاع عن المدينة. وقد وقف جيش المسلمين على ضفة الخندق من جهة المدينة بينما عسكرت قريش على الضفة المقابلة وحدثت مبارزات ثم انسحب الجيش المهاجم خائبا.
على المحاربين ورجال المقاومة والحكومات أن نتعلم من هذه المواقف. أي ان على القائد أن لا يتخذ قرارات منفردة استبدادية فيتورط ويورط شعبه في حروب ومعارك يفرضها عليهم رغما عنهم يتكبدون فيها القتل او الجروح او الاسر. هذا علما بأن معارك بدر واحد والخندق كانت معارك دفاعية وكانت قريش هي من تهاجمه في عقر داره.
في جميع الغزوات لم يُعَرض النبيُ اهل المدينة للمخاطر والمغامرات والمقامرة.
اليس الاولى لمن يزعمون انهم سلفيون وأنهم من اهل السنة وانهم جهاديون او مجاهدون ان يتعظوا ويتعلموا الدروس من سنة النبي؟
الحكام العرب وفصائل المقاومة الشعبية كما تسمي نفسها ورطت شعوبها في معارك دون استشارتها وعرضتها للهزائم والتشريد والتقتيل والاذلال.