وطنا اليوم:تتواصل الضجة في إسرائيل حول قضية اغتيال الطفل رامي حمدان (12 عاماً) من مخيم شعفاط، لكنها تنحصر تقريباً في السؤال المتعلق بتصرف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي سارع لإبداء موقفه المؤيد للشرطي قاتل “الطفل الإرهابي”.
وكان بن غفير قد رافق الشرطي القاتل لمقرّ وزارة القضاء الإسرائيلية، حيث مكتب “التحقيق مع رجال الشرطة” الذي استدعى الشرطي القاتل للتحقيق في قتل الطفل الفلسطيني. وهناك عقد بن غفير مؤتمراً صحفياً حمل فيه على “مكتب التحقيق” مع رجال الشرطة داخل وزارة القضاء، وقال إنهم يلاحقونه بدلاً من منحه جائزة.
يشار إلى أن صحيفة “هآرتس” قد نقلت، اليوم الخميس، عن مصادر في وزارة القضاء ترجيحاتها بأن لا تتم محاكمة هذا الشرطي القاتل، وبذلك يتماشى قرارها المتوقع هذا مع السواد الأعظم من قراراتها بإغلاق ملفات التحقيق مع عشرات رجال شرطة تورطوا بقتل مدنيين فلسطينيين على طرفي الخط الأخضر، بحجة عدم العثور على ما يخالف نظم فتح النار في سلوكهم.
وخلال مداولات الهيئة العامة للكنيست عبّر عددٌ من النواب والوزراء عن تأييدهم لموقف بن غفير المدان بالإرهاب في محكمة إسرائيلية ما دفع بعض النواب العرب للتصدي لهم، حتى كاد الاشتباك اللفظي يتحوّل لعراك.
داخل الشارع الإسرائيلي، الذي انزاح أكثر فأكثر نحو اليمين واليمين المتطرف منذ السابع من أكتوبر، يجد قتل الطفل رامي نوعاً من التأييد، بالصمت أو بتبرير معلن للجريمة بالزعم أنه شكّل خطراً على الجنود.
في التزامن، هناك من تجاهل القتل دون مبرر، وتركز في التصرف غير المسؤول والتدخل الفظّ من قبل بن غفير كسياسي في إجراءات قضائية، مرتكباً انتهاكاً للقانون، كما كتبت المستشارة القضائية لحكومة الاحتلال في مذكرتها لبن غفير، أمس.
وحَمَلَ النائب يواف سجالوفيتش، في حديث للإذاعة العبرية العامة، اليوم، على بن غفير، وقال إنه يتدخل في شأن قضائي بفظاظة، محاولاً، بطريقة شعبوية خطيرة، التستر الفوري على تجاوزات، مشدداً على ضرورة الفحص والتحقيق في كل سلوك من أجل التثبت من أن الشرطة التي منحها القانون استخدام القوة، لا تستخدمها بشكل مفرط وغير قانوني.
في واقع الحال لا ينطلق بن غفير من حسابات وسلوكيات شعبوية لتعزيز قوته وحزبه في الشارع الإسرائيلي فحسب، بل من دوافع دينية ومعتقدات غيبية تتحدث عن ضرورة حسم الصراع مع الفلسطينيين بالحديد والنار، وإشعال نار كبرى تفضي لحرب يأجوج ومأجوج، وصولاً للخلاص النهائي لليهود، وهذا ما يدعمه ملايين الأمريكيين الإنجيليين المتجددين أيضاً.
ويحدث ذلك في إطار جرائم وانتهاكات كثيرة بحق الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر، داخل قطاع غزة والضفة الغربية وأراضي 48، منها إبعاد محاضِرة عربية من الجامعة العبرية لمشاركتها عريضة تناهض الحرب على غزة التي تتخللها إبادة شعب، الكشف عن تدمير جامعة “الإسراء”، ومبنى المجلس التشريعي في غزة، دون سبب، وفقط لأن ذلك راق للقائد الإسرائيلي، كما يؤكد المعلق السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع اليوم.
هذا هو الحال في إسرائيل الآن أيضاً، فأن تدعو لوقف حرب متوحشة ممنوع، أما قتل طفل في الثانية عشرة لأنه كان يلهو بألعاب نارية، أو يوجهها نحو قوات الاحتلال داخل حيّه داخل المخيم، في أول أيام رمضان، مسموح. فما بالك والحديث يدور عن طفل لم يرتكب أي جريمة، بل كان يسعى للاحتفال وأترابه بحلول الشهر الفضيل، كما في كل عام، بألعاب نارية لم يشهد التاريخ أنها قتلت أحداً، أو شكّلت خطراً بالموت على أحد.
ويضاف رامي لـ 12 ألف طفل فلسطيني قتلتهم إسرائيل داخل قطاع غزة، كما توضح وزارة الصحة الفلسطينية، وتؤكد ذلك صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها، اليوم.
تكرس صحيفة “هآرتس” افتتاحيتها لقرار الجامعة العبرية في القدس المحتلة إبعاد المحاضرة العربية بروفيسور نادرة شلهوب كفيوركيان، بدعوى أنها “تعبّر عن رأيها بشكل معاد للصهيونية ومحرض”.
وكانت الجامعة العبرية قد وجهت، في نوفمبر/تشرين ثاني، المنصرم دعوة للأستاذة كفيوركيان لتقديم استقالتها، في رسالة بريدية عمّمتها على طاقم المحاضرين. وفي الأمس، كشف عن قرارها بإبعادها، وذلك من خلال رسالة وجهتها إدارة الجامعة للنائب شارين هاسكيل، التي سألت عن مصير المحاضرة العربية “المحرضة”.
في نطاق انتقادها لقرار الجامعة، تتساءل “هآرتس”، اليوم الخميس، هل طاقم المحاضرين في الجامعة ملتزم بالصهيونية؟
وتتابع: “ما قالته نادرة صعب للآذان الإسرائيلية، خاصة أن حالة فقدان وغليان سادت إسرائيل بعد أحداث القتل والخطف في السابع من أكتوبر، لكنها لم تقل ما يبرر إبعادها. عملياً، فإنه بعد قتل 30 ألف شخص داخل غزة، منهم 12 ألف طفل، لا يمكن إلغاء التهمة الموجهة لنا بالكامل حول هذه المذبحة”.
كما قالت “هآرتس” إن شلهوب كفيوركيان لم تستغل كونها محاضرة لتعميم مواقفها على طلابها، بل عبّرت عنها في الخارج، مؤكدة حقها أن تكون لا صهيونية، ومن حقها التعبير عن غضب وشعور بالإهانة والاعتقاد بأن الضحية الحقيقية في هذا الصراع هم الفلسطينيون.
وتضيف ساخرة، في تعليقها على قول الجامعة عن نفسها “الجامعة العبرية فخورة بكونها مؤسسة إسرائيلية، جماهيرية وصهيونية”: “هكذا لا تتحدث قيادة مؤسسة للتعليم العالي، التي يفترض بها أن تقدس حرية التعبير، وواجبها ليس فرض الصهيونية على محاضريها. الفصل عن العمل خيار متطرف يمكن اللجوء له في حالة خطر فوري ومؤكد فقط”.
وتخلص “هآرتس”، في افتتاحيتها، لدعوة الجامعة العبرية لإلغاء قرارها بإبعاد نادرة.
كل ذلك غيض من فيض الاحتلال، وحكومات العالم، في 2024، ما زالت تغرق غزة وكل الفلسطينيين بالثرثرة والأقوال العارية من كل فعل.