وطنا اليوم – قال الخبير في المجال البيئي والمناخي والطاقة المتجددة الدكتور أحمد السلايمة عميد الكلية الجامعية الوطنية للتكنولوجيا إن الأردن يستطيع الوصول لمرحلة الحياد الكربوني من خلال تطوير الإستراتيجيات المتعلقة بالطاقة، والعمل على تدني الإنبعاثات الكربونية إلى مستوى منخفض.
وأضاف أن انتهاج سُبل عملية تحقق هذه الغايات، التي تضع الأردن في مصاف الدول المعدودة الساعية للتنمية الاقتصادية والإجتماعية، عن طريق النمو الأخضر ومجابهة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.
وقال السلايمة في حوار مع صحيفة الرأي أجراه الزميل الصحفي الأستاذ طارق الحميدي أن الحياد الكربوني يركز على خفض انبعاثات الكربون في الهواء إلى أقصى درجاته، بحيث يتحقق التوازن بين كمية الإنبعاثات وكمية الإمتصاص، ومساواة حجم الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الطاقة الأحفورية مثل: النفط، الغاز، والفحم، بالكمية التي تتم إزالتها من الغلاف الجوي، الأمر الذي يُحدث التوازن أو ما يسمى بالمفهوم العلمي العالمي «الحياد الكربوني».
وبين أن الأردن يمكنه الوصول للحياد الكربوني بسُبل متعددة، مثل: الأعتماد المتزايد على مصادر الطاقة المتجددة وخاصة توليد الكهرباء، حيث وصلت نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء أردنيّاً إلى ٢٨ بالمائة.
وأشار إلى أن التحوّل إلى مصادر الكهرباء الأكثر صديقة للبيئة، مثل: الرياح، والطاقة الشمسية. من أهم العوامل للوصول للحياد الكربوني، وإن الأردن لديه مشاريع ضخمة لإستثمار هذه المصادر، مثل: سد وادي الموجب، حيث يجري العمل حالياً على إحالة عطاء التنفيذ بعد أن تم الإنتهاء من دراسة الجدوى الإقتصادية للمشروع الذي يسهم بإستقرار النظام الكهربائي الأردني، وتخزين كمية كبيرة جداً من الطاقة، موضحاً أن تحقيق الحياد الكربوني يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإعتماد المتزايد على مصادر الطاقة المتجددة في الإستخدامات الأخرى مثل، الطاقة الشمسية الحرارية.
وبين أن التعرفة الكهربائية المتغيرة والمرتبطة بالزمن تعد إحدى الطرق للحصول على الحياد الكربوني، حيث توجد أوقات يكون فيها فائض في إنتاج الطاقة الكهربائية، ويمكن استخدام هذا الفائض في شحن السيارات، وضخ المياه، والأعمال المنزلية الأخرى، بحيث تكون التعرفة في هذه الأوقات منخفضة مقارنة بتلك الأوقات التي تكون فيها ذروة استخدام الكهرباء، بحيث ترتفع تكلفة التعرفة في هذه الحالة التي يمكنها تشجيع المواطنين على استخدام الطاقة في الأوقات التي يوجد فيها فائض، وسعرها منخفض، مما يحافظ على الطاقة و زيادة إنتاجها، مؤكداً أن ذلك يتطابق أيضاً ورؤية التحديث الإقتصادي التي نصت على أن تكون جميع العدادات الكهربائية في المملكة ذكية في نهاية عام 2025.
وقال إن الأردن تقدم نسبياً فيما يتعلق بإستخدام السيارات الكهربائية النظيفة؛ لتقليل الضغط الحاصل على قطاع النقل الذي يعد من أكبر القطاعات إستهلاكاً وحرقاً للوقود، بما نسبته خمسين بالمائة، الأمر الذي يزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تساهم في ظاهرة الإحتباس الحراري وتتنافى بالتالي مع تحقيق مفهوم الحياد الكربوني.
وأشار إلى أن التشجير يساعد الأردن في الوصول للحياد الكربوني لمَ تقوم به الأشجار من دور في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون؛ لإتمام عملية التمثيل الكلوروفيلي، وتقليل نسبة الإنبعاثات الغازية في البيئة المحيطة.
وأكد السلايمة أن السعي نحو الوصول للحياد الكربوني يحقق فوائد بيئية واقتصادية كبيرة حيث يمكن الإستفادة من «سوق الكربون» أو ما يسمى بتجارة الكربون الدولية، التي تعد قطاعاً تجارياً بيئياً عالمياً، حيث تستند هذه التجارة على الزام الدول الصناعية الكبرى والتي لديها نسبة انبعاثات غازية عالية بدفع مبالغ مالية للدول التي لديها نسبة انبعاثات قليلة أو التي تسعى لتحقيق إستراتيجية الحياد الكربوني.
وأضاف أن الحياد الكربوني يرفع من نسبة الإستثمارات والتجارة والسياحة بين الدول، حيث ينظُر العالم إلى الدول القريبة من الحياد على أنها مكاناً آمناً للبيئة الإستثمارية والسياحية والتجارية، كما يسهم في الحصول على الدعم العالمي للمشاريع المقترحة في قطاعات البيئة والزراعة والمياه.
وبين أن هنالك عوامل عديدة تصنف الأردن من الدول القريبة من الحياد الكربوني حيث تعد نسبة الإنبعاثات لكل فرد في الأردن أقل من المعدلات العالمية في حين أن نسب غالبية الدول من الإنبعاثات تبلغ أضعاف النسبة الأردنية سواء على صعيد الفرد أو الدولة.
وأكد أن العامل الرئيسي الإيجابي في قدرة الأردن على الوصول للحياد الكربوني يتمثل بوجود طاقات بشرية مؤهلة وممكنة؛ لصياغة الإستراتيجيات وتنفيذها وتقديم المقترحات والمشاريع في المجال المناخي والمتغيرات البيئية، حيث تستعين بعض الدول بالخبرات الأردنية؛ لمساعدتها على تطوير إستراتيجياتها في هذا المجال.