وطنا اليوم:تعد مجموعة أداني الهندية واحدة من أكبر التكتلات في الهند،وقد خسرت مؤخرًا 100 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ أن أصدرت شركة Hindenburg Research الأمريكية ذات البيع على المكشوف تقريرًا مدينًا يزعم حدوث احتيال في المجموعة التي يقودها الملياردير الهندي “غوتام أداني” الذي فقد مركزه كأغنى شخص في آسياوتقلصت ثروته الصافية بمقدار 13 مليار دولار، مما أدى إلى انخفاضه إلى المركز الخامس عشر في قائمة أغنى أغنياء العالم بعد أن كان في المركز الثالث.
خلال 10 أيام درامية فقط خسر ثالث أغني شخص في العالم”غوتام أداني” الذي يمتلك إمبراطورية كبيرة وواسعة في الهند أكثر من 50% من ثروته، حيث تخطت خسائرشركته الخاصة 110 مليار دولار، وذلك بعد اتهام شركة أمريكية تسمى Hindenburg Research شركة أداني بالإحتيال والتلاعب في الأسهم مما نتج عنه انهيار في الأسواق، وتمإجبار أداني بالتخلي عن طرحه الأسهمها البالغ قيمتها 2.5 مليار دولار، وردت الشركة بالنفي بشدة على مثل هذه المزاعم لكن الأزمة التي اجتاحت ثاني أكبر شركة في الهند استمرت في الازديادسواء اقتصاديًا وسياسيًا.
ما الادعاءات الموجه لمجموعة أداني؟
في نهاية شهر يناير الماضي فاجأت شركة Hindenburg Research التي تقع في نيويورك السوقمن خلال الاعلان عن تقرير تتهم فيه شركة أداني بالإحتيال المحاسبي “الوقح” والتلاعب في الأسهم، معتبرة ذلك “أكبر خدعة في تاريخ الشركات”، وتم توجيه نحو 88 سؤال إلى الشركة الهندية الكبري، التي تسأل من خلالها عن حجم ديون الشركة وتم اتهامها باستخدام الملاذات الضريبية المعروفة وادعت أن الهدف من وراء ذلك هو تضخيم القيمة السوقية لمجموعةأداني المدرجة في البورصة.
ونفت شركة أداني بشكل قاطع المزاعم التي وجهت إليها وقامت بنشر تقريرآخر مفصل مكون من 413 صفحة، ووصفت تقرير الشركة المدعية بأنه”غير صحيح وأنهكذبة” وأضافت أنه مجرد “هجوم على الهند” نفسها، وقال المدير المالي للمجموعة في مقطع فيديو نُشر في 25 يناير على موقع يوتيوب: “كانت المجموعة دائمًا ملتزمة بجميع القوانين، بغض النظر عن الاختصاص القضائي وتحافظ على أعلى معايير حوكمة الشركات”.
بينما قال محلل السوق المستقل في مومباي “هيميندرا هازاري”: أنني لا أعتقد أن أي شخص يتوقع مثل هذا الانهيار المذهل في سعر سهم أداني، لكن الجميع في سوق تجارة الأسهم كانوا يعلمون أن النمو الهائل في التقييم كان شيئًا غير طبيعي.
الجدير بالذكر أن أسهم مجموعة أداني حققت ارتفاعًا على مدار الخمسة سنوات الماضية بنحو 2500%، وهو ارتفاع غالبًا ما يرتبط بالنمو الاقتصادي السريع للهند، لهذا تم ربط قصة نجاحه بقصة نجاح الدولة.
من هو غوتام أداني؟
قبل الأزمة التي حدثت لشركة أداني كان”غوتام أداني” ثالث أغنى شخص في العالم وفقًا لمجلة فوربس العالمية، حيث بلغت صافي الثروة الشخصية نحو 120 مليار دولار، ولكن بعد أن خسرأكثر من نصف ثروتهتم ادراجه ضمن قائمة أغني عشرين شخص في العالم.
أسس أداني الذي ترك الجامعة شركته منذ حوالي 35 عامًا وقام ببناء ثروته لأول مرة منخلال التجارة وعمليات تعدين الفحم، قبل أن يبدأ في العمل فيالبناء وتوليد الطاقة والمطارات وتشغيل الموانيء وتصنيع المعدات الدفاعية ووسائل الإعلام.
مجموعة أداني عبارة عن تكتل يضم سبع شركات مدرجة في البورصة، من بين ممتلكاتها أكبر محفظة استثمارية محلية لأصول الطاقة المتجددة في الهند و7 من المطارات في الهند والذي يشمل مطار مومباي الدولى.
يقول النقاد إن “غوتام أداني” قام بالاستفاد من علاقته الوثيقة مع رئيس وزراء الهند “ناريندرا مودي”الذي يأتي من ولاية غوجارات بغرب الهند مثل أداني.
كيف كان رد الفعل للأسواق؟
كان المستثمرون قلقونبعدما أصدرت الشركة الأمريكية تقريرهاوقاموا سريعًا ببيع الأسهم وتداعت ثروات الشركة، وقال المحلل هزاري: أن الأسواق تحركت تبعًا لتقرير Hindenburg Research ولم تهدئ التوضيحات من شركة أداني مخاوف المستثمرين، حيث هبطت أسهم شركة أداني وتراجع مؤشر Nifty 50(المؤشر القياسى للبورصة المحلية الهندية) بنحو1%، وهذه اشارة على أن السوق لا يرى ذلك على أنه مشكلة في الهند بل هي مشكلة شركة أداني.
لم تفعل هيئة الأوراق المالية والبورصاتSEBI الكثير لتهدئة مخاوف المستثمرين،التي صرحت ببساطة أن الهيئة ملتزمة بالتأكد من أن سوق الأسهم يعمل “بطريقة شفافة وفعالة”، دون الإشارة على وجه التحديد إلى المجموعة، وكان من المفترض على منظم السوق أن يبحث في مصدر الأموال الأمر الذي أثار خيبة أمل وقلق الكثيرين في السوق الهندي.
أعربت وزيرة المالية “نيرمالا سيترامان” عن إيمانها بالمنظمين الهنود وخبرتهم في التعامل مع أي مسألة أثناء التحدث في اجتماع مجلس إدارة بنك الاحتياطي الهندي بعد الميزانية،كان رد فعل وزيرة المالية بعد يوم من إعلان المحكمة العليا أن مصالح المستثمرين الهنود بحاجة إلى الحماية من تقلبات السوق في ظل انهيار أسهم أداني.
ما هي التداعيات السياسية؟
في الوقت نفسه، يشعر الكثير من أحزاب المعارضة بالقلق، حيث قاموا بعمل احتجاجات كبير من أجل المطالبة بفتح تحقيق شفافوكامل حول المزاعم المتهمة ضد شركة أداني.
في وقت سابق من شهر فبرايرامتنع النواب في الهندعن عقد عدة جلسات في مجلسي البرلمان منأجل لفت النظر إلى الاتهامات ضد شركة أداني،وقال زعيم حزب المؤتمر المعارض “راهول غاندي” للصحافين: لم يكن هناك حديث عن تحقيق ومن الواضح أن رئيس الوزراء يحمي أداني، ولكن حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم الذي يتزعمه مودي نفي تلك التصريحات ووصفها بأنها “مزاعم جامحة”.
ماذا حدث بعد ذلك؟
أثار التراجع المفاجئ والدراماتيكي لأسعار الأسهم التساؤلات حول إمكانية شركات أداني تغطية التكاليف في المستقبلفي ظل الديون الكبيرة الخاصة بها، خاصة بعد أن اعلان الشركة العملاقة أنها ستقوم بتسديد قرابة 1.1 مليار دولار من القروض الأمريكية قبل الموعد الذي تم تحديدهمن أجلتهدئة المستثمرين، مما أدي إلى انتعاش سهم أداني لاحقًا.
يقول أحد محللي السوق: بالتأكيد الثقة ستهتز ولا شك في ذلك، لكنه من غير المرجح أن اقتصاد الهند سيتأثر على المدى الطويل، فالهند ليست أداني وأداني ليس الهند، من المتوقع أن تكون حالة عدم اليقين الاقتصادي قصيرة الأجل بسبب أنواع الاستثمارات ومشاريع البنية التحتية التي تسيطر عليها مجموعة أداني التي تشمل الأصول القيمة والمستقرة بما في ذلك الموانئ المختلفة ومصانع الأسمنت.
وقد توقع بعض محللي الأسواق المالية أن انهيار أسهم أداني قد ينتج عنه انهيار السوق الهندي ومن ثم اقتصاد الهند الذي أصبح مؤخرًا خامس أكبر اقتصاد عالمي متجاوزًا الاقتصاد البريطاني، ولكن في الحقيقية هذا التوقع لم يتحقق وذلك بعد ارتفاع المؤشر الرئيسي واستقرار سوق الأسهم الهندي على الرغم من تراجع الأسهم الأمريكية.
وقد أعلن البنك الاحتياطي الهندي أنه لا يوجد أي بنك من البنوك في البلاد يتعرض بشكل مفرط لمخاطر أداني لهذا فإن يكون الضرر من المفترض أن يكون محدودًا.