وطنا اليوم – كتب العين طلال الشرفات مقالاً انتقد فيه للمرة الثانية الاستطلاع الذي اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية / الجامعة الاردنية _ مؤسسة حكومية _ والذي اظهر بأن ثلثي الشعب الاردني لا يثق بحكومة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، حيث تمنى الشرفات أن يعهد للقضاء او لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد التحقيق في أسلوب ونتائج الاستطلاع، واكد الشرفات بانه لا يريد ان يستبق النتائج في تبرير قناعته بتسييس نتائج الاستطلاع.
وقال الشرفات في مقاله:
تشكل استطلاعات الرأي في الدول الديمقراطية الناجزة والمستقرة مؤشرات معقولة لقياس الرأي العام والتأشير على مواطن الخلل، وتعتمد تلك الاستطلاعات على معايير الاستقلال والحياد والبعد التام عن التسييس وشهوة السلطة والالتزام بالموضوعية في إعداد الأسئلة والغياب التام لأي مصلحة من كل القائمين عليه. فالاستطلاع يقوم عليه عادة الباحثون والأكاديميون الذين لا تروق لهم السلطة ولا يقبلون بها لتكريس قواعد الموضوعية والنزاهة والشفافية في نتائج الاستطلاع.
لم يعجبني الأسلوب الذي جرى فيه استطلاع مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، ولم يراعِ القائمون عليه طبيعة العينة وحجمها وهامش الخطأ الفعلي بخصوصها وطبيعة الثوابت والمتغيرات في الأسئلة الموجهة لأفراد العينة، ولم يراعِ أيضاً مشروعية الأسئلة التي يمكن طرحها كما هو الحال عن مدى الرضا بالجيش باعتبارها من ثوابت القناعات الوطنية العامة، والأمر ذاته ينطبق على موقف الأردنيين من دعم القضية الفلسطينية، لأن في ذلك تشويه لنضالات الدولة الأردنية في خدمة الشعب الفلسطيني الشقيق مهما ارتفعت نسبة الرضا في نتائج الاستطلاع.
كل الذين قرأوا نتائج الاستطلاع ادركوا ان ثمة نتائج غير منطقية كما هو الحال في اثر الحروب والارهاب على مقتضيات الامن الوطني بنسبة ١٢٪ وهذه نسبة لا تنسجم البتة مع مقتضيات الواقع على الأقل في المرحلة الحالية التي نشهد فيها استنفاراً لمواجهة عصابات تهريب الأسلحة والمخدرات على حدودنا الشمالية، بل ان بعض البنود التي اشار اليها الاستطلاع تؤكد ارتباك المزاج العام الأردني بسبب الظروف الاقتصادية التي يمر به الاقليم برمته.
لم تأخذ جهة الاستطلاع الاعتبارات النفسية التي تؤثر على القناعات الموضوعية للعينة والباحثين ومدى استقلاليتهم وتجردهم في وضع النتائج بدقة وأسلوب توجيه الاسئلة وتوقيتها، ولم تحدد طريقة وطبيعة اختيار العينة واختبار مصداقيتها بأساليب موضوعية تتفق والمعايير الدولية في هذا الشأن، ومدى رقابة المشرفين وقادة المركز على قراءة النتائج أولاً بأول من حيث إمكانية التوجيه وضمان جدية الباحثين في توجيه الأسئلة، ومدى التأكد من توجيه كافة الأسئلة والحصول على النتائج بشكل كامل.
لا أريد ان أستبق النتائج في تبرير قناعتي بتسييس نتائج الاستطلاع، ولكني أتمنى أن يعهد للقضاء او لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد بالتحقق والتحقيق في أسلوب ونتائج الاستطلاع لأن أي محاولة للعبث أو التسييس لقناعة الرأي العام ومزاج الأردنيين يشكل أهم صور جرائم الإخلال بالثقة العامة التي يجب فيها أن نحترم رأي القضاء لنتمكن عندها من الوثوق بنتائج الاستطلاع، فالظرف العام لا يحتمل أبداً المراهنات وتمرير المجتمع للأخطاء هنا أو هناك.
وإذا ما كانت معايير الاستطلاع موضوعية وعادلة وتتفق مع الأسس الدولية، حينها نعلي الصوت بضرورة إجراء مراجعة شاملة للشأن العام في كافة المجالات.
وحمى الله وطننا الحبيب وشعبنا الأصيل وقيادتنا الحكيمة من كل سوء.