المصري: البخيت ظل عنواناً في معادلة “حكم العقل”

13 أغسطس 2022
المصري: البخيت ظل عنواناً في معادلة “حكم العقل”

 

وطنا اليوم – ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمهرجان الفحيص الـ 30 اقيمت ندوة لتكريم رئيس الوزراء الاسبق الدكتور معروف البخيت.

وقدم خلال الندوة شهاداتهم بالبخيت كل من زميله رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري، والوزير الاسبق مازن الساكت، والسياسية عبلة ابو ابوعلبة، واللواء المتقاعد جمال مضاعين.

 

وقال المصري إن البخيت ظل عنواناً في معادلة “حكم العقل” وهو ما حاول الاحتكام إليه طيلة عمله الموصول في كل المواقع، منذ دخوله القوات المسلحة سنة 1964 وحتى عام 2011 بعد استقالة حكومته السابقة، مروراً بكل المحطات التي توقف فيها مفكّراً وإداريا وأستاذا جامعيا وقائدا وسفيرا ورئيسا للوزراء.

وأضاف أن شهادته بالدكتور البخيت ستبقى مجروحة لأسباب عديدة، مشيرا إلى أنه ادلى بشهادته فيه بكل الحق في مذكراته “الحقيقة بيضاء”.. ويكفيه استذكار موقفه المؤيد للإصلاح ولكل مخرجات لجنة الحوار الوطني قبل 11 سنة.

وتابع، “بالرغم من معارضة مخرجاتها من قبل جهات عديدة، إلا أن الدعم الذي تلقته اللجنة من البخيت وكان آنذاك رئيسا للوزراء يسجل له بكل امتنان”.

ووصف المصري الدكتور البخيت بأنه رغم ما تعرض له من انتقادات، فقد ظل فعلا وازنا، وقائدا رشيدا، وهو ما منحه القدرة على تجاوز ذلك.

واختتم المصري حديثه قائلا: “كانت وطنية البخيت وعروبته البوصلة التي تحكمه، والمتطلبات الأساسية التي ترشده، وجعل مصلحة الاردن هي العليا التي تحكم مبادئه وقيمه.. وقد عرفناه وطنيا غيورا لا يأبه لناقديه ويعتمد لغة الحوار منهجا لا يحيد عنه في حياته”.

الوزير مازن الساكت تحدث عن مسيرة الدكتور البخيت والمناصب التي تولاّها مستذكرا اول لقاء له مع البخيت خلال عمله في سلطة المياه عام 1993 وحضوره عددا من الاجتماعات للجنة التخطيط والمشاريع والإطارات حيث كان يشغل موقع مدير المشتريات او مدير التخطيط في القوات المسلحة.. وكان يسعى آنذاك لإشراك القوات المسلحة في تنفيذ العطاءات التنموية وعطاءات البنية التحتية. ثم تكررت اللقاءات.

وقال الساكت إن اختيار جلالة الملك لمعروف البخيت لتشكيل الحكومة عام 2005 كان دخول لمرحلة جديدة في حياة البخيت السياسية كرئيس للوزراء وما يمثله ذلك من مسؤولية يتحملها رئيس الوزراء عن كافة السياسات والبرامج والقرائن السياسية والاقتصادية والأمنية.

وأضاف الساكت “خلال الفترة بين حكومته الأولى والثانية، طرح البخيت عددا من الدراسات الاستراتيجية والندوات تحدث فيها عن الحياة السياسية وتطورها وعن الأحزاب وتداول السلطة وتقديراتها للمدة الزمنية التي ستأخذها عملية بناء الأحزاب الفاعلة وإن علق الكثيرون عليها في حينه، وعاد العديد منهم اليوم يستذكر صحة تلك التحليلات والتوقعات.. كما طرح عددا من الدراسات والندوات حول القضية الفلسطينية والمخاطر التي تهدد عملية السلام والمأزق الذي نعيشه”.

واشاد الساكت بانجازات البخيت في مجال محاربة الفساد والتعديلات الدستورية التي أمر بها جلالة الملك..

وكانت الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي عبلة ابو علبة ثالث المتحدثين عن البخيت، قائلة، “توفرت لدي معرفة سياسية مكثفة بالدكتور البخيت عند توليه لرئاسة الحكومة عام 2011 وسط ظروف صاخبة فرضتها الانتفاضات والثورات العربية في حينه، ولم تكن الاوضاع الداخلية في البلاد بعيدة عن هذه المتاهات التي شكّلت مدخلا لمرحلة انتقالية فاصلة في حياتنا السياسية”.

وأضافت ابو علبة، إنه كان لا بد من توفر الروافع الوطنية الداخلية للنهوض بالمرحلة الجديدة بكل شروطها بما في ذلك الذين سيتولون إدارة المرحلة السياسية المشار إليها واهمهم رؤساء السلطات الثلاثة.

وتابعت، “وكانت مفاجآة كبيرة، عندما دعا الدكتور البخيت الأحزاب السياسة جميعها للتشاور، اتسمت من جانبه بكثير من قوة البصيرة الوطنية وسعة الأفق والقدرة على تجاوز ركام ثقيل من العلاقات المتوترة بين قوى المعارضة الوطنية ومؤسسة الحكم، وهو القادم من صلب البنية المركزية للدولة”.

وأكدت ابو علبة “اسجّل حرص البخيت البالغ على إدارة الحوار بأقصى درجات المرونة السياسية والفهم العميق لمتطلبات الانتقال بالبلاد من مرحلة إلى اخرى، الأمر الذي سهل على السلطات إمكانية الوصول إلى توافقات بشأن عدد واسع من التعديلات الدستورية والقوانين التي ارهقت الحركة الجماهيرية الأردنية والأحزاب السياسية ردحا طويلا من الزمن”.

وكان اللواء جمال مضاعين آخر المتحدثين، قائلا، “لقد تعرضت تجربة الدكتور معروف البخيت في مراحل متعددة للظلم.. وهو ظلم قبِله ورضيَ به، ماجد لا للمسؤولية في فترة نعرفها ونذكرها جميعا.. وإلى أن يكون جزءا من اصطفاف البعض.. باستهداف تجربته وسعوا لتشويهها.. فجاء الرد المنصف من جلالة الملك في سياق رده على استقالة البخيت الثانية. ((لقد كنتَ على الدوام جنديا من جنود الوطن المخلصين ، القادرين على تحمل المسؤولية بمنتهى الأمانة والإخلاص والنزاهة ونظافة اليد وبروح الإيثار والاستعداد للتضحية من أجل المصلحة الوطنية)).”

وأضاف مضاعين “لقد نشأ البخيت وقضى جلّ شبابه في مدرسة القوات المسلحة الأردنية، وما تلاها، انتماء اصيلا، والتزم بأخلاقياتها ومنهجها، فكان وما زال، شجاعا في طرحه، جريئا ومسؤولا، مؤمنا بالتدرج ووضوح الرؤية”.

وأشار مضاعين إلى مبادرة البخيت الخلاّقة للتطوير والإصلاح والتحديث عام 2006 والتي تضمنت تحقيق الإصلاح على مراحل انتهت بتداول الوزارات، واقترح عشرين عاما للبناء وعشرة أعوام لتمكين الحياة الحزبية والبرلمانية.

وأشار إلى ردود الأفعال لبعض السياسيين الذين انتقدوا طول المدة المقترحة وبذلك ساهموا بإضاعة الوقت والفرصة.

واختلطت الذكريات بالدموع في مستهلّ حفل التكريم الذي أقامته إدارة مهرجان الفحيص للدكتور معروف البخيت واخذ أركان ندوات المهرجان قبل أن يداهمه المرض.

وجاءت كلمة مدير المهرجان ايمن سماوي في بداية الحفل معبرة عن امتنان نادي ومهرجان الفحيص للدور الكبير الذي نهض به الدكتور البخيت خدمة للوطن عامة والفحيص وماحص حيث يقطن وحيث الجوار الطيّب.

وقد أحاط الجميع بالدكتور البخيت الذي شكر المتحدثين والمحاضرين وتسللت الدموع من عينيه وهو يحاول أن يمنعها، فكان الوفاء من المجتمعين.

وقال سماوي محاولا تخفيف حالة الشجن “انت صديقنا وشقيقه ووالدها.. والفحيص نوّرت بحضورك.. وانت الذي اعتاد أن يُكرّم رجالات الوطن وجاء وقت ردّ الجميل وتكريمك.