وطنا اليوم – خاص – في حديث لوطنا اليوم قال أصحاب اختصاص تعليقاً على قرار الحكومة ممثلة بلجنة تطوير القطاع العام التي أقرت إلغاء ودمج عدد من الوزارات، كان الأبرز في هذه المخرجات دمج وزارة العمل، الامر الذي لاقى استهجان جميع المراقبين والخبراء حول مبررات القرار ، حيث توجهت وطنا اليوم إلى خبراء في هذه المجال للحديث حول سلبيات وايجابيات القرار .
وزير الصناعة والتجارة الأسبق يعرب القضاة قال في حديثه لوطنااليوم :
اعتقد ان الدور التقليدي لوزارة العمل هو تنظيم سوق العمل وهذا اثقل كاهل الوزارة، أما ما يتعلق بنقل مهام الوزارة الى وزارات أخرى، هو قرار جيد لكن انا شخصيا تفاجأت بإلغاء الوزارة كلياً ، حيث كان يفترض إعطاء فترة من ثلاث لخمس سنوات قبل الغائها بشكل كامل وذلك لإعطاء المجال أمام الوزارة لرسم سياسة وخطط شاملة تبدأ من التعليم التقني والتدريب المهني .
وأشار القضاة في حديثه لوطنا اليوم بان إحلال العمال الأردنية محل الوافدة بات ضرورياً، إذا ما علمنا ان 50 % من فرص العمل التي يتم خلقها تذهب لغير الأردنيين وهو رقم غير بسيط ومؤشر غير صحي، لذلك كان لابد من تفريغ وزارة العمل للإعداد لإحلال العمالة الأردنية مكان العمال الوافدة قبل ان يتخذ قراراً بإلغائها كلياً.
وزير العمل السابق الدكتور معن القطامين بدوره أعتبر، الخطة الحكومية المعنية بالتحديث الإداري بـ”المفاجئة”، معربا عن صدمته من الخطة.
وعزا القطامين ذلك إلى أن الخطة تتصادم مع أبجديات فهم الإدارة العامة، حيث أن الهيكل التنظيمي تضعه الدولة من خلاله رؤية لهيكلتها بالاعتماد على الأولويات.
وقال القطامين في حديثه لوطنا اليوم : إن الأولويات في الأردن تتمثل بملف النقل الذي “فشلنا فيه. الجميع يشكو منه”؛ ليتم إلغاء وزارة النقل ودمجها لتصبح وزارة البنية التحتية، موضحا أن الفلسفة الأردنية تقول إن النقل يتمثل بالطرق، “وهذا غير صحيح”.
وأضاف، القطامين، “الاتصالات بدها بنية تحتية، والنقل بدها بنية تحتية، والمياه كذلك، حيث أنه من المفترض أن تكون النقل على رأس الأولويات بالرغم من وجود هيئات متشعبة لها”، موضحا أنه لا يوجد أيّ مبرر حقيقي لإلغاء وزارة العمل.
وأشار القطامين قائلاً، “ذهبت إلى السعودية والبحرين وفنلندا وبريطانيا وسنغافورة وماليزيا، ووجد هنالك وزارة عمل، فلماذا نحن ندمج العمل؟”
الوزير الأسبق جواد العناني قال في حديث له حول مخرجات لجنة تطوير القطاع العام :
اذا كان المقصود بالإصلاح الإداري هو تفكيك بعض الوزارات او فك ارتباط بعض المؤسسات، او دمج بعضها، فهذا ما جربناه في الأردن طوال أربعة عقود، رأينا خلالها تراجعا في الأداء، وهبوطا في الإنتاجية، وارتفاعا كبيرا في كلف الحكومة، على دافعي الضرائب.
وأضاف العناني كان يجب أن ينصب الإصلاح الإداري على معالجة الخلل في الطاقة الاستيعابية والمعرفية للدوائر والموظفين، وكيف تطور أدائهم وقدرتهم على خدمة الناس وتطوير سلوكهم، ومنع الفاسدين منهم عن تناول قضايا الناس، وتشجيع المتميز منهم.
السفير الأردني السابق في لندن مازن الحمود أكد في حديث لوطنا اليوم :
كنت قد عبرت عن مِحورية الإصلاح الإداري لرفعة الأردن ومواطنيها خلال اجتماعات سعدت بدعوتي اليها لمناقشة الإصلاحات المرجوة في الأردن قبل الشروع بها، ومن خلال عدد من المقالات سبق نشرها، عبرت خلالها بأن هنالك نماذج في العالم لدول غنية في ثرواتها الطبيعية والتي تتمتع بأنظمة الحكومات البرلمانية او الحزبية التي نصبو اليها في الأردن، الا انها دول تعاني اقتصاديا، ومن الفساد، ولديهم نسب كبيرة من البطالة والفقر، وان سبب فشل هذه الدول الغنية حدا في ثرواتها هو ضعف وترهل الإدارة فيها
وذكرت أيضا أن من أهم أسباب نجاح الدول المتقدمة هو قيام هذه الدول ببناء انظمتهم السياسية على قواعد إدارية صلبة وليس العكس، وتكون هذه الإدارات منفصلة عن سيطرة الحكومة حتى لا تستخدمها لرعاية مصالحها كما حصل في نماذج عديدة معروفة
وضرب الحمود مثالاً خلال حديثه قال فيه ، ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال، هنالك حكومة جلالة الملكة وهنالك ديوان الخدمة المدنية الملكية، وبمعنى اخر، الدولة تقدم ادارتها للحكومة المنتخبة لتمكينها من تنفيذ برامجها التي انتخبت من اجلها
وفي الولايات المتحدة الامريكية، تحتوي الإدارة الفدرالية على مليوني موظف، ولكن يسمح لرئيس الجمهورية المنتخب حرية تسمية موظفين لألفي وظيفة محددة بعد الخضوع لموافقة مجلس الشيوخ لمعظم هذه الوظائف.
يذكر أن مخرجات لجنة تطوير القطاع العام لاقت انتقادات واسعة من مختصين فيما يتعلق بدمج او إلغاء بعض الوزارات ، في حين تركت الهيئات المستقلة والتي تشكل العبء الأكبر على كاهل الموازنة وتعمق البيروقراطية الحكومية، الامر الذي يعني ان هذه المخرجات برمتها قد تكون قد تمت على عجل من اجل الخروج بمخرجات لم تدرس بعناية .