غابات جرش تخلو من المتنزهين.. والمزارع السياحية تستأثر بالزوار

29 يوليو 2022
غابات جرش تخلو من المتنزهين.. والمزارع السياحية تستأثر بالزوار

وطنا اليوم:على خلاف ما هو معهود، بدت غابات التنزه في محافظة جرش شبه خاوية من زوارها بعد ان كانت اعدادهم تفوق الآلاف في مثل هذا الوقت من كل عام، باعتباره موسم السياحة البيئية، فيما استأثرت ما يعرف بـ”المزارع السياحية” الخاصة بالمتنزهين، الذين باتوا يفضلون الخصوصية في الرحلات على التنزه العشوائي بالغابات.
ويوجد في محافظة جرش -وفق احصائيات رسمية- أكثر من 400 مزرعة سياحية تروج نفسها كأماكن للتنزه تجمع بين جمالية المكان وتوفر الخدمات من برك سباحة وجلسات هادئة ومرافق صحية وأماكن للمبيت ايضا.
وباتت آلاف الأسر الجرشية ومن مختلف المحافظات تفضل التنزه بمواقع مميزة وبتكاليف سياحية معقولة، وهو ما تسعى المزارع السياحية لتوفيره، بعد ان عمد الكثير من اصحابها على تقديم خصومات وعروض تشجيعية، حتى باتت كلفة قضاء يوم بإحدى المزارع لمجموعة الأشخاص يوازي كلفة الذهاب الى الغابات والتنزه العشوائي.
ضمن هذا التطور في السياحة البيئية، تعمد العديد من الأسر على حجز مزرعة سياحية وتقاسم كلفة الحجز، بعد ان كانت هذه الأسر تذهب الى الغابات غير المخدومة من أجل التنزه.
ووفق مواطنين، فإن المزارع الخاصة أو ما يعرف بالمزارع السياحية واعدادها بالمئات في محافظة جرش تقع في اماكن قريبة من الغابات والمحميات والمتنزهات الطبيعية، وفي مناطق جبلية مرتفعة ودرجات الحرارة فيها مناسبة مقارنة بالقرى والبلدات المنخفضة، ما شجعهم على اللجوء إليها بدلا من اللجوء الى التنزه العشوائي داخل الغابات.
وقال الزائر أمجد فريحات إن الغابات الحرجية امتدادها واسع في جرش وفيها محميات طبيعة لكنها تخلو من الإضاءة في مختلف المواقع ليلا وخاصة على الطرقات المؤدية للغابات على الرغم من الإقبال على هذه المواقع ليلا في فصل الصيف وتحتاج هذه المواقع لإضاءة في مواقع محددة يرتادها المواطنون وقريبة من خطوط التيار الكهربائي، فضلا عن ضرورة وجود مواقف للمركبات ومواقع محددة في الغابات للسياحة الليلية خاصة في هذا الوقت ومع اعتدال درجات الحرارة.
وأكد ان هذه المتنزهات الطبيعية هي متنفس لأبناء محافظة جرش غير أنها ما زالت تفتقر للمرافق العامة والإضاءة والساحات العامة وتفتقر كذلك للحاويات وموافق خاصة للسيارات ومواقع للشواء وغيرها من الخدمات الاساسية التي يحتاجها المتنزهون على الرغم من نشاط الحركة السياحية هذه الفترة.
وكانت جائحة كورونا قد ساهمت في تنشيط سياحة المزارع البيئية والشاليهات السياحية وبيوت الضيافة في محافظة جرش، كونها اماكن مغلقة وبعيدة عن الرقابة، فيما شجع هذا التوجه عشرات المزارعين إلى تحويل أراضيهم الزراعية إلى مزارع سياحية خلال العامين الماضيين.
بدوره قال الناشط عمر عياصرة من سكان جرش إن سياحة المزارع البيئية من أهم أنواع السياحة في محافظة جرش وبدأت بالنشاط في السنوات الأخيرة، غير انه دعا الى ضرورة ان يكون هذا النوع من السياحة تحت المراقبة وتخضع للرقابة والتفتيش وان يتم ترخيصها، خاصة هذه الفترة التي تشهد نشاطا في الحركة السياحية الداخلية والخارجية.
ويعتقد أن التنزه داخل الغابات لا ينتهي مهما تطورت أساليب السياحة سواء سياحة المزارع أو بيوت الضيافة أو سياحة المسارات، سيما وأن التنزه داخل الغابات تنزه مجاني دون أي مقابل ويناسب ذوي الدخل المحدود، مشيرا إلى أن سياحة المزارع لا تزال مكلفة إذا ما قورنت بالتنزه بالغابات.
بدوره، قال مدير غابات دبين في الجمعية العلمية الملكية المهندس بشير العياصرة إن غابات دبين تعاني من التنزه العشوائي وقد تأثرت جذوع أمهات الأشجار الحرجية نتيجة الاصطفاف العشوائي للمركبات ورمي النفايات فيها، فضلا عن نشوب العديد من الحرائق بسبب عمليات الشواء، وقد ساهمت سياحة المزارع بتخفيف الضغط البيئي على الغابات التي أصبحت بحاجة إلى عناية واهتمام أكثر للحفاظ على ديمومتها.
وقال العياصرة وهو مدير مشروع متنزه هدأة دبين إن الإقبال على التنزه داخل المتنزه شبه معدوم، مرجعا الأسباب وفق اعتقاده الى الظروف الاقتصادية للأسر التي تفضل هذا النوع من التنزه والتي عادة ما تكون من الأسر ذات الدخل المحدود.
إلى ذلك، أكد مصدر مسؤول في محافظة جرش أن عدد المزارع السياحية وبيوت الضيافة والنزل البيئية التي توفر خدمات سياحية ويتم استثمارها بشكل شخصي من قبل أصحابها تجاوز الـ 400 موقع موزعة في مختلف القرى والبلدات في محافظة جرش.
وبين انه كان من المتوقع أن يتم ترخيصها وتنظيم عملها تحت مسمى بيوت الضيافة وتتبع لوزارة السياحة قبل الجائحة، غير أن ظروف الجائحة أخرت هذا التوجه وسيتم العمل على ترخيصها قانونيا ومتابعة عملها في الفترة المقبلة.
وأكد المصدر ذاته أن وزارة الداخلية معنية بمراقبة عملهم ومتابعة الملاحظات والشكاوى التي ترد بحقهم حرصا على سلامة مستخدميها والحد من حدوث أي تجاوزات وسلوكيات خاطئة فيها.
وكان مدير سياحة جرش فراس الخطاطبة وفي حديث سابق أكد أن المزارع التي يستثمرها أصحابها في جذب الزوار والسياح إلى محافظة جرش ما زالت غير مرخصة وغير تابعة لسياحة جرش وسيتم في الفترة المقبلة ترخيصها قانونيا تحت مظلة وزارة السياحة ليتم متابعة عملها وتنظيم استثمارها حرصا على سلامة الزوار وراحتهم ومراقبة كافة الاشتراطات الصحية والهندسية والفنية فيها.
وأوضح أن هذه المنشآت التي تستثمر بمختلف الطرق وتحت عدة مسميات عددها بالمئات بمحافظة جرش وتشهد نشاطا لافتا في الآونة الاخيرة، وتلقى رواجا بين الأسر والعائلات التي تفضل هذا النوع من السياحة البيئية التي تتميز بها محافظة جرش.
بدوره قال رئيس قسم الحراج في زراعة جرش المهندس فايز الحراحشة إن حركة التنزه داخل الغابات في الوقت الحالي ضعيفة مقارنة بالسنوات السابقة، نظرا للظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطنون وارتفاع تكاليف التنزه بشكل عام، فضلا عن أن المواطنين يفضلون التنزه داخل المزارع السياحية والتي تتوفر فيها خدمات سياحية كاملة وبأسعار مناسبة.
واضاف أن سياحة المزارع خففت الضغط على الغابات وساهمت في الحفاظ على نظافتها، وحمايتها من الحرائق والقضاء تدريجيا على مشكلة التنزه العشوائي، ما يتيح للأشجار الحرجية التي تعرضت للضرر فرصة النمو والتجدد التلقائي.