وطنا اليوم – إسلام عزام
تصعيد ملحوظ لنسب الاكتئاب والأرق لدى الشباب الأردنيّ، في غضون ذلك النظرة الشرقية لهذه الحالات لا تؤخذ بعين الاعتبار، يظن الأهل أن مستلزمات الحياة تتمثل بالطعام والشراب والمسكن ولا ذكر للظروف النفسية التي يواجهها الشباب وزيارة الطبيب النفسيّ تعد جنونًا وفضيحة.
زينة الأحمد ” اسم مستعار” شابة في مقبل العمر مرت بظروف عصيبة نتجت عنها اصابتها بمرض الاكتئاب والرهاب الاجتماعي.
وقالت زينة إن الظواهر الأولية لهذه الحالة تتمثل بالخروج عن طبيعتها والتعرض لفقدان الشهية عدا عن نوبات صمت وبكاء واستمرار الأرق وغياب الطمأنينة مما يؤدي إلى عزلة تامة، جعلها على يقين تام أنها بحاجة إلى طبيب نفسيّ غير مبالية لنظرة الأهل والمجتمع.
وأضافت زينة أن الصعوبات الي واجهتها قبل أخذ القرار تنحصر تحت عدم الثقة وكيفية “الفضفضة” لشخص غريب والبوح له بأسرار خاصة.
وأوضحت أن أغلب المسببات بهذه الحالة تتعلق بالصدمات العاطفية والتفكك الأسريّ ونتاج البطالة لحديثي التخرج، وتجزم على عدم التردد لزيارة أخصائي نفسي؛ كي لا تتجاوز حالة الاكتئاب الحد المناسب ثم تكون النهايات سوداوية ومغلقة.
وأشارت زينة أن نظرة المجتمع العربيّ على نحو خاص للمريض النفسيّ تقع تحت بند العيب والجنون ميقنة تمامًا أن المرض النفسيّ كالجسديّ يحتاج إلى طرق علاج علمية ولجأت إلى طبيب نفسيّ دون معرفة ذويها.
وأكدت أن أهم وأشمل طرق العلاج هي الاستشارات والجلسات خوفًا من الادمان على أدوية الاكتئاب، علاوة على ذلك كتابة الأحاسيس والمشاعر ورقيًا وتسليمها للطبيب المختص بحالتها.
حسب احصائيات أجرتها الصحافية اللبنانية ملاك مكي فإن نسبة 66% من الشباب الأردنيّ يعانون من الحزن المستمر وفقدان الأمل من الحياة وبلجؤون للتدخين وشرب الكحول لتفادي الاكتئاب والهروب من الواقع، رغم أن هذه السبل هي من أعراض الاكتئاب البائنة.
في السياق ذاته أكد الدكتور أشرف الصالحي استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان أن النسبة العالمية للشباب المصابون بالاكتئاب تقدر 5% وعلى النحو المحليّ 10% من الشباب الأردنيّ معرض للاكتئاب.
ويشير أن الأسباب الرئيسة تتمحور حول البيئة والجينات حيث أثبتت الدراسات وجود العامل الوراثي في هذا المرض، من الجدير بالذكر أن اصابة أحد الوالدين بهذه الحالة يعزز نسبة الإصابة لأبنائهم.
وعلى صعيد التربية فالتربية الخاطئة والضغوطات المتراكمة والتعرض للتنمر وعدم تكوين الشخصية المتوازنة هي أغلب أسباب الإصابة بمثيل هذه الحالة.
ويضيف الدكتور أن إهمال هذه الحالات يؤدي إلى مضاعفات خطرة تجعل العلاج شبه مستحيل وتقلل من نسب الشفاء، على الصعيد ذاته استمرار الحالة دون علاج قد تصل بالمصاب إلى الانتحار فيعدّ الاكتئاب من أعظم أسباب الانتحار.
ويقول الصالحي إن النظرة السلبية في المجتمع الشرقيّ للطبيب النفسي تقع ضمن أربعة أسباب أولها الجهل بهذا العلم يتبعها الإعلام القديم وثالثهما الخوف من المجهول أو الجنون وخاتمتهم المغالطات الفكيرية والتشويهات المعرفية لدى الشعب، مما يجعلهم ينظرون إلى الشخص المكتئب أنه ” ضعيف الإيمان وهو ليس له لا حول ولا قوة بهذا الأمر.
متلازمة موت الأحلام وتهبيط عزيمة الشباب تبدأ من الثقافة الشعبية التي تؤدي بنا إلى التهلكة.
تعقيبًا على ذلك الاحتواء العائلي هو أحد أكفء طرق العلاج؛ يخفف أعباء الحياة، جيل يقتل ذاته وتحطم آماله على عتبات أعمارهم العشرينية.