هل حصلت عمان على ضمانات من طهران… ماقصة الـ (40) كم بعيداً عن الحدود..؟

17 يوليو 2022
هل حصلت عمان على ضمانات من طهران… ماقصة الـ (40) كم بعيداً عن الحدود..؟

 

وطنا اليوم – يبدو حسب المعطيات التي تراكمت خلال الساعات القليلة الماضية أن الاستدراك الذي وقع عمليا بلسان رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة بخصوص العلاقة مع ايران والتصعيد في الملف الإيراني الأسبوع الماضي كان له اهدافه التكتيكية والسياسية المباشرة.

لكنه كان جراء ما يمكن وصفه باتفاقية جنتلمتن دبلوماسية عمليا بين طهران وعمان برعاية بغداد وحصريا على الأرجح برعاية رئيس الوزراء العراقي الدكتور مصطفى الكاظمي والذي تدخّل مع طاقمه السياسي في إطار التهدئة ونزع فتيل ازمه تفاعلت بين الأردن وإيران على هامش الاتهامات الاردنية لميليشيات ايرانية بالتركيز على توجيه وتمويل حملات تهريب المخدرات عبر الأراضي السورية.

عمان ووفقا لمصدر رسمي بالغ الاطلاع حصلت عبر اتصالات شبه مباشرة برعاية عراقية هذه المرّة على تاكيدات وضمانات بأنها لا تسعى للتأزيم ولا للصدام سياسيا وأمنيا مع المملكة الهاشمية.

وأنها تنظر باحترام لسيادة أمن المملكة الاردنية وتتوقّع أن تحافظ الأخيرة على الهوامش المعتادة في مواقفها بعيدا عن الخصومة السياسية ضمن حالة التكثيف والتآمر على الجمهورية الإيرانية سواء من شريك الأردن الاسرائيلي أو من الولايات المتحدة أو حتى من بعض أنظمة الخليج.

طالب الإيرانيون بوضوح عبر الوساطة العراقية بأن يحافظ الأردن بالحد الأدنى على طريقته في التعامل مع ايران وملفاتها كما كانت في الماضي.

لكن الأردن بالمقابل وعلى طاولة المفاوضات غير المباشرة والتي تم كشف بعض أسرارها وتفاصيلها مؤخرا فقط كان لديه مطالب محددة لأنه لا يسعى للصدام مع إيران ولا ينظر لها بنفس المنظار الإسرائيلي أو حتى المنظار الأمريكي.

وأيضا لا ينظر لها بمنظار بعض الدول الصديقة  والشقيقة للأردن في منظومة النادي الخليجي لكن الأهم أن لديه مصالح حيوية جدا في العراق وسورية وأهم تلك المصالح برأي مؤسسات القرار الأردنية هي الحدود الأردنية السورية حيث نشاط مُريب في تجارة المخدرات يتخلله نشاط أكثر ريبة في مجال تهريب الذخائر والأسلحة.

وهنا عمان عرضت مخاوفها بوضوح على طاولة الوسيط العراقي في مواجهة الايراني وشعرت عمليا بأن الجانب الايراني يجتهد في اطار تبديد هذه المخاوف وفي اطار شرح وجهة نظره في العديد من المسائل.

وتم التطرّق إلى التفاصيل وتم تزويد طهران بصيغة مباشرة بمعلومات وحيثيات امنية اردنية مفصلية توضح تورط بعض قادة الحرس الثوري الإيراني في جنوب سوريا أو شخصيات في مناطق نفوذ الحرس الثوري الإيراني في عمليات تهريب المخدرات.

وهنا أيضا وفي التفاصيل عرضت الملاحظات الأمنية الاردنية بخصوص تورط بعض الشخصيات المحسوبة على الصف الإيراني في سوريا بعمليات يرى الأردن أنها زادت وتيرتها وأصبحت منهجية في تهريب المخدرات.

وتم الحصول على تأكيد لا تثق به لكنها لا ترتاب به أيضا السلطات الاردنية من الجانب الإيراني بأنها لا تقف وراء هذه المحاولات ويمكنها تفهم اي ملاحظة اردنية امنية لأن لديها رغبه في تفهم في ملاحظات والقيام بما ينبغي القيام به مع التأكيد على أن المؤسسات الإيرانية لا تقدم رعاية لأي مجموعات تعمل على تهريب المخدرات عبر سورية.

واكتفي الأردن بهذه التأكيدات والضمانات مما ساهم من “تطرية” الأجواء المتشددة بين الجانبين وبالتالي صدر التصريح الذي أثار الكثير من الجدل والفضول عن رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة بعنوان القناعة الأردنية بأن ايران لا تشكل خطرا على الأمن القومي الاردني والرغبة الأردنية في تطوير العلاقات مع الأردن واقتصار الازمة السياسية والدبلوماسية مع طهران على مجرد ملاحظات أردنية تم إبلاغها للإيرانيين والعراقيين الموالين لهم.

وهي ملاحظات على الأرجح لا تتعلّق بالجوانب الثنائية بل بموقف إيران وتدخّلاتها في العديد من البلدان العربية.

أكثر من ذلك نُوقشت الحيثيات بشكل صريح أكثر عبر قنوات الوساطة التي كشف النقاب عن أنها تضمّنت نقل غالبية المخاوف الأردنية ونقل ملاحظات السفارة الأردنية في بغداد عن إعاقات مقصودة للمصالح التجارية والاقتصادية الأردنية من جهة لوبي الموظفين وأعضاء البرلمان الموالي لإيران.

وعن عملية تحريض عبر منابر الإعلام ضد الأردن غير مبررة ووافق الإيرانيون على الأرجح على النظر بذلك ومراجعته.

ولكن الأهم وهذا خلف الستارة أن الجانب الإيراني يبدو أنه تعهد بأن لا يحاول تحريك الوقائع في النفوذ العسكري والميليشيات الإيرانية في جنوب سوريا بمعنى البقاء ضمن المعادلة السابقة التي كان يوافق عليها الأردن والذي كان يصر دوما على أن لا يرى حرس الحدود الأردني مجموعات مسلحة لبنانية أو عراقية أو إيرانية في المسافة التي تقل عن 40 كيلومتر على الأقل عن نقاط التماس الحدودي مع جنوب سوريا.

ويبدو أن هذا المطلب تفهّمه الجانب الإيراني أيضا مقابل طرحه سؤال مباشر عن موقف الأردن من مشروع اسرائيلي كما وصفه الإيرانيون خلف الستارة يقضي باقامة منطقة آمنة على الحدود الأردنية السورية وفي العمق السوري وهنا نفى الجانب الأردني ضُلوعه أو إمكانية التفكير بالسيناريو من هذا النوع معتبرا أن الدولة الأردنية في حالة التوافق على أن مسألة تتعلّق بمنطقة آمنة في سورية موجة لا تريد عمان ركوبها بأي حال من الأحوال.

ومن المرجح أن هذه النقاشات بعيدا عن القنوات الدبلوماسية المباشرة بين وزارتي الخارجية في البلدين ساهمت في تطوير حالة هدوء ولجوء رئيس الوزراء الخصاونة إلى حالة تهدئة التصريحات.

رأي اليوم