وطنا اليوم – نقلاً عن مرصد اكيد: الأحزاب السياسيّة إلى جانب البرلمان والانتخابات العامة أحد الأعمدة الأساسية للبناء الديمقراطي في الدول، من هنا دعت اللّجنة الملكيّة لتحديث المنظومة السياسيّة إلى تعزيز دور الأحزاب في الحياة السياسيّة وتمكينها بهدف الوصول إلى تشكيل حكومات برلمانيّة حزبيّة،الأمر الذي يضع على كاهل الأحزاب مسؤولية تقديم خطط وبرامج تقدّم حلولًا للقضايا التي تَهُم الدولة والمجتمع.
وبشكل عام، تتوافق أراء المحلّلين للشأن الحزبي والكتّاب والإعلاميين مع مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسيّة، في أنّ الأحزاب التي يتطلع إليها المجتمع هي الأحزاب البرامجية التي تمتلك القدرة على تجويد برامجها لاستقطاب الناخبين والمؤيدين لها، وتضع سياسات خاصة بها للوصول إلى مجلس نوابٍ عمادُه الكُتَل البرلمانية الحزبية الفاعلة.
بهدف قياس مدى اهتمام وسائل الإعلام وعُمق تغطيتها لمتطلبات عملية تحديث المنظومة السياسيّة، من خلال إلقاء الضوء على نشاطات الأحزاب وما تقدمه من برامج وأطروحات، تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) اهتمام وسائل الإعلام المحليّة بتغطية الرؤية الاقتصادية 2030 التي أطلقها حزب جبهة العمل الإسلامي بمناسبة انعقاد مؤتمره العام السادس، وقدّم فيها تشخيصًا للواقع الاقتصاديّ المحليّ، مرفقًا بحلولٍ ومقارباتٍ مقترحة.
وفي هذا الإطار، صمّم (أكيد) عيّنة اشتملت على محطة تلفزيونيّة، صحيفتين يوميتين مطبوعات، و30 موقعًا إلكترونيًا، في الفترة ما بين 26 أيار إلى الثاني من حزيران، وقد وفّرت العينة 33 مادة من وسائل الإعلام المرصودة.
حجم التغطية:
تبين لـ (أكيد) من خلال البحث أن حجم التغطية لهذا الحدث كان متواضعًا، وكان على شكل أخبار سريعة ومقتضبة، حيث أوردت القناة التلفزيونية خبرًا لا تتجاوز مدته دقيقة وأربعين ثانية، وأفردت إحدى الصحف المرصودة مادتين إخباريتين؛ إحداهما نقلًا عن وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، بينما لم تتطرق الصحيفة الثانية إلى الحدث ولم تقدم عنه أيّ خبر، فيما تناولت المواقع الإخبارية موادها على شكل أخبار، مقابل ست مواد يمكن وصفها بأنها تغطية أوسع للمؤتمر.
أشكال التغطية:
بدا واضحًا من نتيجة رصد (أكيد)، انتقائية وسائل الإعلام في تغطية مواضيع معينة وإغفالها التركيز على قضايا أخرى لا تقل عنها بالأهمية، فقد تضمن مؤتمر حزب جبهة العمل الإسلامي انتخاب الأمين العام للحزب وإشهار الرؤية الاقتصادية للحزب 2030، إذ رُصدت 17 مادة من ضمن العينة تذكُر خبر انتخاب الأمين العام للحزب فقط دون التطرق للرؤية الاقتصادية المطروحة، مقابل سبع مواد خَصّت موضوع الرؤية الاقتصادية، وتسع مواد ذكرت الأمرين معًا.
ماذا غاب عن التغطية:
يشير (أكيد) إلى أنه لم يُرصد – بحسب عيّنة البحث –أيّ تقارير مُعمقة تناقش أو تحلل أو تفند محتويات الرؤية الاقتصادية المقترحة، كما أنه لم تُرصد تقارير نوعية قائمة على آراء خبراء محايدين تقدم تقييمًا لمدى فاعلية ونجاعة مقترحات الرؤية الاقتصادية، أما المواد التي كانت ضمن عيّنة البحث، وأفردت موضوع الرؤية الاقتصادية.
فقد اقتصرت تغطيتها على السرد الخبري.
وبالنظر إلى حجم وشكل التغطية، يرى (أكيد) أنّ وسائل الإعلام لم تُفرد المساحة الكافية لتغطية الحدث، ولم تُثراهتمام المتلقين، مقارنة بالجهد المبذول في الدراسة، حيث أكدّ الحزب بحسب ما ورد في إحدى التغطيات أن الدراسة قامت على تحليل للاقتصاد الأردني على مدى 50 عامًا، واعتمدت على معايير دولية للتنمية والاقتصاد، واشتملت على 90 هدفًا استراتيجيًا و318 مبادرة، و 112 مشروعًا قابلا للتنفيذ.
وانطلاقًا من المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام، يشير (أكيد) إلى أنه كان من المفترض أن تُلقي وسائل الإعلام الضوء على هذه ِالمقترحات بالنقد والتحليل، من منطلق إطلاع جمهور المتلقين عليها، وبخاصة أنها تمثل نموذجًا للجهد الذي ينادي الإعلاميون والنخب السياسية والاجتماعية بأن على الأحزاب أن تنهض به لتكون أهلًا لثقة المواطن.
ويبين (أكيد) أن التغطيات الإعلامية المتعلقة بالأحزاب يجب أن تتناغم مع منظومة التحديث السياسي، وأن تسهم في خلق الوعي للمتلقين حول أهمية وجود الأحزاب، وتشجيع المواطنين على الانتساب إليها بهدف رفعة الوطن وتقديم ما هو أفضل للمواطن، من خلال عرض ما تقوم به الأحزاب من نشاطات ومتابعتها ومناقشة برامجها، وذلك حتى يتسنى للمتلقي تكوين فكرة منصفة عن توجهاتها وخُططها.
ويشير (أكيد) إلى أهمية الالتزام بالمعايير المهنية في النشر وأهمها ضمان حق المجتمع في المعرفة، وهو ما يشكل المهمة الأساسية لوسائل الإعلام، ناهيك عن تجنب التقليل من أهمية بعض الموضوعات، ووجوب ابتعاد الوسائل عن الانتقائية في التغطية، لما لوسائل الإعلام من دور بارز في التأثير على توجهات الرأي العام.