وطنا اليوم – اكد رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز ان الحكومات والمسؤولون المتعاقبون يتحملون مسؤولية التراكم بما له وما عليه، والمطلوب اليوم تقييم واقع الحال واستلهام الدروس والعبر والمضي قدما . واضاف خلال لقاءه مجموعة من طلبة الدراسات العليا في تخصصات العلاقات الدولية والعلوم السياسية بالجامعة الأردنية اليوم للحديث عن الاصلاح المؤسسي ودروس من واقع التجربة أنه لا يتحدث كمحلل أو مراقب حيادي، قائلا: “فأنا كما غيري من أصحاب الدولة والوزراء والمسؤولين السابقين واللاحقين، حاولنا دفع عجلة الإصلاح الاقتصادي والسياسي، فاجتهدنا، فأخطأنا هنا وأصبنا هناك”. واستعرض الرزاز تجربته في “دراسة حالة الضمان الاجتماعي” خلال عمله للفترة 2006-2010 مديرا عاما للضمان الاجتماعي ، لافتا الى تجربة تعديل قانون الضمان والذي كان ضروريا للحفاظ على أموال المؤسسة، مبينا أهم المعيقات التي واجهتها، وأهم الدروس المستفادة من تلك التجربة. وفيما يلي أبرز ما قاله الرزاز خلال حديثه مع الطلبة حول تجربته: – الحكومات والمسؤولون المتعاقبون “بما فيهم حكومتي” تتحمل مسؤولية التراكم الذي وصلنا إليه اليوم بما له وما عليه، والمطلوب اليوم تقييم واقع الحال واستلهام الدروس والعبر والمضي قدما. – التجارب العالمية تثبت أن الحلول الناجعة هي التي تقوم على التشاركية الحقيقية، وليست الحلول التي تأتي من الأعلى إلى الأسفل. – هنالك فرق بين النظري والعملي، فالتطبيق العملي لأي فكرة ناجحة يصطدم أحيانا بواقع يتطلب توازنات عديدة، وعندها يضطر المسؤولون لاتخاذ الخيارات الفضلى أو الخيارات المتاحة. – الأردن كان سباقا في إقرار تشريعات للضمان الاجتماعي، لكن التشريعات الأولية لم يتم بناؤها على خطة طويلة الأمد تأخذ بالحسبان المخاطر المحتملة. – عندما استلمت إدارة الضمان وجدت عام 2006 دراسة لمنظمة العمل الدولية تدق ناقوس الخطر إذا استمر الأمر كما هو للعام 2020، فكنت أمام خيارين: إما أن ألتزم الصمت لحين انتهاء مدة عملي ويتم ترحيل المشكلة لمن يأتي بعدي أو أن أكون مبادرا لاقتراح الحلول مهما كلف الثمن، فاخترت الخيار الثاني.
عندما زرت بمعية رئيس الوزراء جلالة الملك، كان القرار واضحا وسريعا وكان سؤال الملك “ماذا تنتظرون؟”. – وكأي تعديل للقوانين فإن تعديل قانون الضمان سينفع فئات ويضر بعضها، إلا أنه عندما يكون الهدف هو المصلحة الجمعية، وعندما يتم إدارة حوار صادق وشفاف مع القطاع الخاص والنقابات العمالية وكذلك مع المواطنين بشكل مباشر، فإن الاستجابة والقبول الشعبي للقرار تكون كبيرة، وهذا ما حدث بالفعل. – أدرنا في مؤسسة الضمان الاجتماعي حوارا معمقا مع مختلف فئات المجتمع، واستمعنا لاقتراحات من مختلف المواطنين، وهذا ساعد على اتخاذ القرار السليم الذي يصب في المصلحة العامة. – تم إقرار تأمين التعطل عن العمل كنظرة استراتيجية مستقبلية، ولولا موجودات هذا البند التأميني لما تمكنت مؤسسة الضمان الاجتماعي خلال جائحة كورونا من صرف مبلغ تجاوز مئتي مليون دينار استفاد منه 1.2 مليون مستفيد دون المساس بحقوق المشتركين ودون التعدي على أموال الضمان. – التأخر بعلاج المشاكل والتعامل معها يؤدي إلى تراكمها وتعميق أثرها السلبي، لذلك لا بد من وجود خطط عابرة للحكومات وضمان تراكم الخبرات والإنجازات كذلك. – أي عملية إصلاحية ستواجه عقبات ومعيقات، ولن تكون طريقا معبدة وواضحة وسهلة، إلا أن تصميم أي إدارة على إجراء الإصلاحات بعد حوار حقيقي مع مختلف الأطراف، وقدرتها على التفاعل والمرونة وإعادة ترتيب الأولويات سيجعل الإصلاح ممكنا وتراكميا. – المؤسسات المتعلمة هي التي تتعلم من تجاربها وأخطائها، وتراكم خبراتها، اعتمادا على الإفصاح الدائم والتواصل المستمر مع أصحاب العلاقة، وهي التي تخضع للمساءلة لتتمكن من تصحيح أخطائها والتعلم من التجارب السابقة. – عند اتخاذ أي قرار لا بد من العمل على تشخيص الخلل تشخيصا سليما، ثم دراسة أبعاد القرار القانونية والاجتماعية والاقتصادية في حال تطبيقه، واعتماد آليات عقلنة المدخلات بالإضافة إلى أنسنه المخرجات.