وطنا اليوم – خاص – في الوقت الذي تتأكل فيه الأحزاب الجديدة التي بدأت تعاني مبكراً من أخطاء مصنعية ، يبدو أن صمود الإسلاميين أقنع الشارع بأن الحالة الحزبية تحتاج إلى وقت وإرادة لإنتاج حزب برامجي يستطيع مواجهة الإسلاميين الذين اثبتوا أنهم الاقوى على الاقل حتى صباح السبت الذي أنتزع فيه الإسلاميين منصب نقيب المحامين وسُجل (هاترك Hat trick ) يضاف الى رؤية 2030 والمؤتمر العام الذي نجح على مايبدو الأمين العام الجديد للمرة الثانية المهندس مراد العضايلة بصياغة او على الاقل إقرار الافكار التي أدت الى انتزاع الاسلاميين إعجاب الشارع بدون منازع حقيقي.
ثمة حالة ضبابية تطغى على مشهد تشكيل أحزاب ما بعد الإصلاح وهو ما أنتج حالة من السخرية التواصلية بعد ان طغت (الأنا) على اكبر الأحزاب الجديدة في الساحة الأردنية، فالميثاق واجه حالة إنتقاد عنيفة مع الظهور الاول له بسبب التزاحم في أسماء الأعيان والنواب والوزراء في جسم الحزب ، فيما حزب إردة واجه حالة من التفكك ادت الى استعصاء ولادته فاصبح رغم ثباته لغاية اللحظة بحاجة الى ولادة قيصرية فيها تخوفات من ظهور جنين مصاب ببعض التشوهات الخُلقية.
يبقى في المشهد الأحزاب المخضرمة وعلى رأسها اليسار التي لم يتضح بعد أن كانت قادرة علي الإندماج او التزاوج لإنتاج كتلة حزبية يسارية توافقية قادرة على مواجهة الإسلاميين ، إذا الشارع أمام حالة الزج بالاحتياط التي قد تستعين بها ادوات الدولة، حيث قد نرى اليسار في صدارة المشهد الحزبي قريباً، رغم أن الوقائع التاريخية تثبت ان اليسار من اصحاب النفس القصير ولا قِبل لهم بمواجهة مفتوحة مع الاسلاميين او على الاقل خلال الفترة الحالية بسبب حالة التشرذم التي تعيشها احزاب اليسار من ناحية وغياب القيادات من ناحية اخرى فليس فيهم لا سعد زغلول و لا ميشيل عفلق .
في ظل وصف امين عام حزب الشراكة والاتقاذ الشيخ سالم الفلاحات للاحزاب الجديدة باحزاب “الانابيب ” يبدو ان الاسلاميين لايزالون يستاثرون بالمشهد الحزبي كما لاتزال الاحزاب الجديدة تلتهم نفسها في ظل غياب واضح للبرامج والخطط ، فيما يبدو ان محاولات الزج بمسميات جديدة مستمرة حيث هدوء حزبي متعمد يشير الى ان احزب تعلمت او تم توجيهها لمعالجة اخطاء الميثاق و إرادة، يبدو انها تعد العدة للظهور وسط حالة الزحام الحزبي الحالية ليبقى السؤال ببساطة ، هل تنجح الكتل الحزبية المصطنعة في المواجهة القادمة ؟ فيما يعتقد ان التفكيك والتركيب لإعادة إنتاج مشهد حزبي يستطيع المواجهة او على الاقل يستطيع التناغم مع متطلبات التحديث الحزبي لمرحلة ما بعد الاصلاح قد تحتاج دينميكيا خاصة تنتج نماذج حزبية وطنية حقيقية بولادة طبيعية ليست قيصرية ولا بتدخل جراحي بعيدة عن نماذج “إرادة ” و”الميثاق” التي ولدت من الخاصرة .