وطنا اليوم:يمر الصيف كما الشتاء، قاسيا على السوريين، وذلك لتفاقم مشكلة الكهرباء وعمليات التقنين التي تمدهم بساعات متقطعة قليلة من التيار خلال اليوم، وهو واقع مرير يعيشونه منذ سنوات.
ويواجه السوريون في مناطق شمال شرق البلاد هذه المعضلة الشائكة، بحلول تتمثل في استئجار المولدات الكهربائية، التي رغم فوائدها لها أضرار كبيرة يحذر منها مختصون.
يقول خالد العلي (43 عاما)، إن ”السكان يلجؤون للاشتراك الشهري بالمولدات الكبيرة التي تعود ملكيتها لأحد أغنياء الحي رغم ارتفاع الأسعار“.
ويضيف العلي وهو من أبناء مدينة ديرك أقصى شمال شرقي سوريا في تصريح: ”يصل سعر الأمبير الواحد إلى 4000 ليرة سورية (نحو 1 دولار) وتضطر الأسر الكبيرة لسحب أكثر من 4 أمبيرات لتغطية احتياجاتهم من الكهرباء المنزلية“.
الحراقات مصدر تلوث خطير
لكنه خلال حديثه يصف حجم المعاناة مع المولدات والواقع المرّ، فيزيد قائلا: ”صوت المولدات والمخلفات النفطية السامة التي تنفث بالهواء، تعود بالضرر علينا كسكان“.
ويضيف في معرض حديثه عن الديزل المستخدم لتشغيل المولدات: ”خلال عقد كامل من الحرب ولجوء الناس لتكرير النفط المحلي بطرق بدائية، وانتشار ما يعرف بالحراقات واستخدام منتجاتها من غاز وبنزين ومازوت للتدفئة وكوقود للمولدات، فقد أثر ذلك سلبا على البيئة لانتشار عوادم النفط وتلوث المنطقة مع غياب الرقابة الصحية والبيئية مما فاقم الوضع سوءا“.
من جهته، يُحذر الطبيب حسين عبدالله، أثناء زيارة بعيادته وسط المدينة من عدم التهاون في الأضرار الصحية الناتجة عن عوادم الحراقات ومشتقاتها النفطية المستخدمة، كوقود لتشغيل المولدات التي يزيد عدد ساعات عملها في الصيف، كنتيجة طبيعية بالتزامن مع حرارة الطقس.
يقول عبد الله، إن ”زيادة ساعات عملها يجعلها كالقنبلة الموقوتة التي ربما تؤدي لخسائر مادية وبشرية نتيجة الحرارة“.
ويضيف: ”هذه المولدات ومخلفاتها من دخان ورائحة كريهة، تسهم بانتشار الأمراض السرطانية“.
ويشر إلى أن هذه الأمراض ”ازدادت نسبتها في العقد الأخير بين سكان المنطقة في الجزيرة السورية، إلى جانب الأمراض التنفسية، كالربو وضيق التنفس وأمراض الرئة“.
ويلفت إلى أنها تتسبب كذلك بـ“الأمراض الجلدية الخطيرة جراء ملامسة النفط والتعامل معه كمصدر رزق بشكل يومي، مما يتسبب بحروق عميقة وتشوهات جلدية ربما تؤدي لسرطان الجلد والوفاة“.
ويتابع حديثه: ”لا تسلم العيون وخاصة عند الأطفال من الحساسية والاحمرار، بسبب الدخان والروائح التي يتم استنشاقها وتدخل عيونهم“.
ويؤكد الطبيب عبدالله، أن ”الأمر لا يقتصر على الصحة الجسدية وإنما يؤثر نفسيا، إذ إن التلوث بالضجيج والصوت المرتفع يؤثر على السمع ويقلق الراحة“.
ويحذر أيضا ”من زيادة نسبة الوفيات جراء هذه الأمراض التي تصل إلى 25%، من الحالات“، إلى جانب ”الاختناق أو الحرائق“ حيث تتسبب الأخيرة ”بعاهات وتشوهات دائمة للمصابين“.
وبشأن الأضرار الناجمة عن المولدات الكهربائية، يلتزم عبد الباقي الأحمد، دكانه الصغير في الحي لتعويض خسارته، بعد نشوب حريق في بيته بسبب ماس كهربائي.
يقول الأحمد: ”انقطاع الكهرباء المتكرر وانعدامها أحيانا جعل الناس تتعايش مع الموت والخسارة بكلّ لحظة“.
ويضيف أن ”الكهرباء التي نشترك بها عند أصحاب المولدات لا تقتصر أضرارها على الصحة الجسدية، والنفسية، وإنما المادية، فكم من براد وتلفاز وأدوات كهربائية احترقت، نتيجة عدم انتظامها وتفاوت شدتها، وهذه أضرار المواطن بغنى عنها“، وفق تعبيره