وطنا اليوم:أجمع قضاة وحكام إداريون سابقون على ضرورة إلغاء قانون منع الجرائم والذي يستخدمه بعض الحكام الإداريين للتوقيف الإداري بدون وجه حق، في حين خالفهم مدعي عام سابق لأسباب موجبة لا يمكن الإفصاح بها لسلامة المجتمع.
صلاحيات مفتوحة للحاكم الإداري للتوقيف
وقال الحاكم الإداري السابق الدكتور المحامي خليل أبو سليم إن قانون منع الجرائم يعطي صلاحية كاملة للحاكم الإداري بتوقيف أي شخص المدّة التي يراها مناسبة دون قيد أو شرط ودون الحاجة لتقديم أي تبرير لأي جهة، وحسب قناعته الشخصية.
وأضاف أبو سليم بأنه لدى عمله كحاكم إداري كان يحكم وفق القانون باعتباره رجل قانون ويحمل شهادة قانونية، مبينا أن الأردن دولة قانون ومؤسسات وهذا يعني أن التوقيف يجب أن يتم من خلال السلطة القضائية.
وطالب أبو سليم بإلغاء قانون منع الجرائم فوراً، أو تعديله بحيث لا يمنح صلاحية التوقيف بيد شخص واحد، بل يمنحها بقرار من لجنة أمنية مشكلة.
قانون منع الجرائم .. بريطاني منذ 1927
القاضي المتقاعد علاء مصطفى قال إن قانون منع الجرائم هو قانون صدر في عهد قوات الاحتلال البريطاني عام 1927 وذلك لمواجهة الأردنيين الرافضين للاحتلال البريطاني، وعدل عام 1933، ثمّ عدل عام 1954 ليستمر للعمل به، واصفاً إياه بالقانون المعيب.
وأضاف مصطفى بأننا يجب أن نختار بين أن نكون دولة مؤسسات وقانون ونحتكم للسلطة القضائية، أو نتحول لدولة موظفين إداريين يتصرفون كيفما يشاؤون وفق آراء شخصية.
وبين مصطفى بأن قانون منع الجرائم لا يوجد إلا في الدول المحتلة، مثل الاحتلال الإسرائيلي الذي يستخدمه في اعتقال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وقال مصطفى بأنه يجب إلغاء قانون منع الجرائم الآن وفوراً، ويمكن وضع أي إجراءات احترازية ضمن قانون العقوبات وترك القرار للسلطة القضائية.
المحكمة الإدارية ألغت قرارات حكام إداريين غير صحيحة
من جهته، قال رئيس المحكمة الإدارية العليا السابق وعضو اللجنة الملكية لتحديث القضاء جهاد العتيبي أنه تم عمل نقاشات وورشات عمل كثيرة لنقاش قانون منع الجرائم، وكانت هناك مقترحات نيابية بإلغائه أو تعديله إلا أنها لم تنجح حتى الآن.
وأضاف العتيبي بأن المحكمة الإدارية استقبلت مئات الشكاوى بخصوص توقيف إداري غير صحيح قام بها بعض الحكام الإداريين، وكانت المحكمة الإدارية تتخذ قرارات فورية بالإفراج عنهم، لا سيما الأشخاص الذين يملكون قرارات براءة من المحكمة.
وأشار العتيبي أنه يطلب إلغاء قانون منع الجرائم لأنه يحتوي على صلاحيات بالتوقيف تعتدي على صلاحيات السلطة القضائية بالتوقيف وهذا لا يمكن قبوله قانونياً، وقد تفتح هذه الصلاحيات الباب للاستعمال والتطبيق السيء للقانون واستغلاله للضغط على بعض الأشخاص مثل وضع كفالات بقيمة عالية جداً يعجز الأشخاص عن دفعها.
قانون منع الجرائم ضروري لسلامة المجتمع
في حين خالف المدعي العام السابق أحمد الرواحنة الجميع الرأي بقوله إنه لا يوجد مصطلح توقيف إداري في الأردن، بل هو ربط الإفراج عن الشخص بكفالة فقط، وأن قانون منع الجرائم أعطى الحاكم الإداري الموافقة على الكفالة أو رفضها، وبالتالي بقيت صلاحية التوقيف بيد السلطة القضائية.
وأضاف الرواحنة بأن خلال مسيرته المهنية منذ عام 2009 حتى عام 2019 كمدعي عام لم يجد أي موقوف لأسباب سياسية، بل كل هذه التوقيفات تمت من خلال أحكام قضائية وبطريقة قانونية.
وبين الرواحنة بأنه مع الإبقاء على هذا القانون، لأن هناك الكثير من الأسباب الموجبة لهذا القانون التي لا يمكن الإفصاح عنها، وذلك من أجل سلامة وأمن المجتمع واستقراره، فبعض القضايا تتطلب التوقيف الاحترازي لكي لا تنفذ جرائم أكثر وهذه من صلب اختصاص عمل الحاكم الإداري