وطنا اليوم – برعاية وزير التنمية السياسية والبرلمانية المهندس موسى المعايطة انطلق مشروع بيئة ممكنة لتعزيز الحريات الديمقراطية وسيادة القانون التي انطلقت بتنظيم من مؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت وبمشاركة نواب وأعيان وسياسيين وحزبين وناشطين في قطاع التنمية السياسية.
وقال المعايطة إن الحل ليس فقط في قانون الانتخاب أو الأحزاب أو منظومة القوانين مع أهمية التشريعات، ولكن هناك أيضا ضرورات مرتبطة بثقافة المجتمع التي يتطلب الانتقال بها من الفردية الى العمل الجماعي التطوعي.
وأضاف المعايطة أن الحوار الذي دار في مجلسي النواب والأعيان خلال مناقشة مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب شهد نقاشا موسعا، وكذلك في التعديلات الدستورية حيث شهدت بعض الألفاظ الواردة جدلا عاما كبيرا، وهذا يعني ضرورة وجود بيئة مجتمعية مدنية.
وأشار المعايطة إلى أنه لدينا اليوم إرادة سياسية حقيقية لتحقيق الاصلاح السياسي المنشود، ما يتطلب منا جميعا حكومة وبرلمان ومؤسسات مجتمع مدني إقناع المجتمع بتغيير الثقافة ومواجهة الهويات الفرعية بهوية أردنية واحدة.
الأردن يسير في الاتجاه الصحيح
ريم أبو حسان
بدورها أشارت رئيس مجلس أمناء مؤسسة مسارات المحامية ريم أبو حسان إلى أنه عند النظر في الإصلاح السياسي الكبير فيتوجب علينا البحث في جملة من التشريعات بما ينعكس ايجابا على تطبيق قانوني الانتخاب والأحزاب.
وأضافت أبوحسان أن مؤسسة مسارات قادرة على جمع مختلف الأطراف ووجهات النظر للوصول إلى توافقات تخدم المصلحة الوطنية.
وتحدثت أبو حسان عن نتائج انتخابات مجالس البلدية والمحافظات وأمانة عمان الكبرى والتي أظهرت فوز أصغر شخص بموقع رئيس بلدية، وهو شاب في الثلاثين من عمره، و67 سيدة خارج الكوتا، و10حزبيين برئاسة بلدية، وهذه كلها مؤشرات على أن الأردن يسير في الاتجاه الصحيح ونتطلع للأفضل.
التغيير لا يحدث دفعة واحدة
من جانبها قالت المدير التنفيذي لمؤسسة فريدريش ايبرت الالمانية الدكتورة ماجدلينا كيرشنر إننا نشهد زخما كبيرا في تحقيق ما كنا نتطلع إليه منذ عقود في تحقيق الديمقراطية، مشيدة بما تضمنته الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني من رسم لخارطة الطريق للإصلاح.
وأضافت كيرشنر أن التغيير والتقدم للأمام لا يمكن أن يحدث دفعة واحدة وانما يحتاج إلى مواصلة الجهود، وخلق بيئة محفزة، وهناك رغبة من صناع القرار في الاستماع لوجهات النظر المختلفة لتحقيق الاصلاح.
وتضمنت الورشة الجلسة الأول التي أدارها نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة مسارات النائب عمر العياصرة حول “البيئة الممكنة للإصلاح..التوقيت والحاجات”، حيث تحدث فيها الوزير موسى المعايطة والمدير التنفيذي لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبدالعزيز والعين الدكتور مصطفى حمارنة.
الحمارنة: الدولة لم تقم على العشائر
مصطفى حمارنة
وقال العين الحمارنة إن الدولة الأردنية لم تقم على العشائر الأردنية كما يدعي الكثيرين بل أنها قامت من خلال رفع مستوى الوعي وتطور الأحزاب العمل الحزبي المشترك.
وأشار الحمارنة إلى أنه بالرغم من أهمية الفكر العشائري في ضبط الكثير من الممارسات المجتمعية الا أنها لم تكن يوما سبباً في تقدم المجتمعات وبناء الدولة الحديثة.
وأكد الحمارنة على أن من يطالب في استمرار وتشجيع العشائرية يضرون بأنفسهم، معللا ذلك لوجود تراكمات داخل العشيرة، وبالتالي لا بد من عدم تحويلها إلى اطار سياسي وهذه من أضرار الهوية الفرعية.
وبين أن ما حصل منذ عام 1989 عندما حصلت الانتخابات البرلمانية، حيث تعطلت كافة قوانين الأحزاب والقوانين العرفية في تلك الفترة وانتشر الحراك الوطني ما ساهم بشكل كبير في الاستقرار السياسي على عكس ما يجري اليوم .
وأكد الحمارنة على توقف قوانين منع السفر وخروج العديد من المعتقلين والذين كانوا قد شاركوا في الانتخابات البرلمانية في ذلك الوقت وبعضهم انتقل من السجن إلى البرلمان.
وتابع الحمارنة “عندما نتكلم عن الثقافة المجتمعية فهذا فيه إدانه للدولة ما يجمع الناس هو النظام التعليمي” مشيراً إلى أن إسرائيل توحدت في 48 من خلال النظام التعليمي وأيضا العامل الاساسي الذي وحد الولايات المتحدة الأمريكية هو النظام التعليمي- وفق قوله -.
وأكد على تراجع في منظومة القيم الاجتماعية في بلادنا بسبب عدد من الممارسات وهي تجميع وتشجيع العمل العشائري في اختيار نواب وممثلين في البرلمان رافقه تراجع في العمل الحزبي.
سياسة تكميم الأفواه
مشهد من الورشة
بدوها أشارت هديل عبدالعزيز إلى الممارسات السلبية التي تتم من خلال تطبيق القوانين لا سيما قانون الجرائم الإلكترونية الذي تسبب في توقيف وحبس الكثير من أصحاب الرأي .
وانتقدت عبدالعزيز سياسة تكميم الأفواه التي تتم في كثير من القضايا التي تحدث بالمجتمع والتي تحتاج إلى توضيح أو معلومة الا أن القرارات تصدر بمنع النشر في تلك القضية .
وأكدت أن الصحفيين في الأردن لم يستطع أحدهم أن يغطي الأخبار المتعلقة باعتصام نقابة المعلمين بسبب خوفهم من التضييق والاعتقال، وكنا نذهب الى الصحافة الغربية والخارجية لنعرف ماذا يدور في بلادنا” .
وبينت اننا لا نثق بالمجلس الوطني لحقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني حيث أن جميع هذه الجهات الرقابية يتم إضعافها بشكل هيكلي وبطريقة فضفاضة.
وحول الآمان السياسي قالت “إن أي شخص له رأي أو فكرة يتم مراقبته ورصد أي اخطائه، فيما يتم الضغط عليه وتوجيه أصحاب اليد المرتجفة ضده وحديثا أصبح هناك ما يعرف بالذباب الإلكتروني بحيث يتم إضعاف الجميع” وفق قولها.
واوضحت أن المسارات أمامنا ضيقة وغير متاحه مهما عملنا من قوانين ومن مواد للتمكين السياسي فيها ، مشيرة إلى تشكيل وتكوين الأحزاب اليوم وهي تنتمي للحكومة وبإدارة منها.
الإصلاح ينزع بعد كل هبة
عيدة المطلق
وقالت الدكتورة عيدة المطلق في الجلسة الثانية والتي جاءت بعنوان “البيئة الممكنة للإصلاح…أولويات ومفاهيم”،وأدارها النائب زيد العتوم بمشاركة عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الدكتور زيد النوايسة، والنائب السابق المهندس خالد رمضان، وعضو مؤسس للشراكة والانقاذ الدكتورة عيدة المطلق أن الاحزاب المتعاقبة لم تحقق مطالب الأردنيين المشروعة إضافة إلى فقدان السلطات التشريعية لولاياتها العامة وضعف كبير في دور مجلس النواب وهندسة انتخاباته وفق نظام انتخابي يضمن تغليب الولاءات الفرعية وإعادة إنتاج ذات النخب وتدويرها.
واضافت المطلق “لقد تفاعلت القوى والأحزاب السياسية مع الإشارات والمبادرات واللجان المختلفة التي كلفت باقتراح حلول ومشاريع للإصلاح، إذ ساهمت الوثائق التي صدرت عن اللجان المختلفة في استثارة الاهتمام ودفعت بحوار الإصلاح السياسي إلى الأمام”.
وتابعت “الإصلاح الفعلي والمنشود لا يزال يراوح في الاستعصاء، بل إن الإصلاح كمشروع ينزع بعد كل هبة إلى اتخاذ مسار تراجعي، وكأننا أمام مسرح لهواة التنظير سرعان ما يخرج منه اللاعبون وتنطفئ الأضواء ويعود الأردنيون إلى مواقف الانتظار”.
وتساءلت المطلق “متى سنتخلص من السياسات الأمنوقراطية، وتقسيم المجتمع وتفكيك بناه ونسيجه، وصناعة الفوبيا من الأحزاب، وفوبيا الأمن والأمان، وفوبيا الولاء والانتماء ، وفوبيا العمالة للخارج وما ينبثق عنها من خطاب الكراهية ورفض الآخر والتشكيك بكل صاحب موقف أو رأي مختلف بما فيها اغتيال الشخصية ، وما ينتج عنها من انكفاء ، وعزلة ، وفردانية” بحسب قولها.
وأكدت المطلق أننا في الأردن لا نزال نعاني من سياسة صناعة الأحزاب السياسية، واللجان تلو اللجان التي سرعان ما تلقى مخرجاتها في أدراج الأرشيف .
فقدان الثقة من أهم التحديات
خالد رمضان
من جهته أكد عضو مجلس النواب السابق خالد رمضان أن التحديات التي تواجه الأردن كثيرة، لافتا إلى أن تحديات ملف الطاقة قبل وبعد جائحة كورونا، وتحديات الغذاء والفقر والجوع والبطالة التي تعاني نسبة كبيرة في المجتمع تعتبر القنبلة الاجتماعية التي قد تنفجر باي لحظة خاصة أنها تمس نسبة كبيرة من جيل الشباب.
واشار رمضان إلى أنه من أهم التحديات التي تواجه الدولة ايضا هي فقدان الثقة في المؤسسات الرسمية كافة، كما كنت قد اشرت لذلك في جلسات سابقة لمؤسسة مسارات، واليوم استطيع أن أوكد على أن الثقة فقدت أيضا في القيادات التي تدير تلك المؤسسات.
وبين أن تداعيات قضية الفتنة لم تنتهي حتى اليوم، إضافة تحدي القضية الفلسطينية والذي يحتم علينا قراءة هذه التحديات ما قبل الازمة في اوكرانيا وروسيا وما بعد الحرب بشكل جيد – وفق قوله-.
وشدد رمضان على أن غياب الولاية الحكومية وعدم تمكنها وإعطاءها الإرادة جعلنا نتوجه إلى اللجان المختلفة للبحث عن الانتقال إلى الإصلاح السياسي المنشود.
وحول الواقع السياسي والمشهد العام الذي يمثل الحياة السياسية أوضح رمضان أنه لا يوجد أحزاب أو نقابات فاعلة تمثل الإرادة السياسية ولا يوجد مجتمع مدني منظم في العمل السياسي.
واتهم رمضان الحكومة ومجلس الأعيان بالتهرب من مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية حيث أنها لم تقدم أي مقترح فيها والتي تعتبر من واجباتها الأساسية.
وكشف عن وجود مساعي لجهات متعددة تعمل على تفكيك مؤسسات الدولة واضعافها، مشيرا إلى ضرورة إطلاق ثورة سلمية بيضاء هدفها استعادة الإرادة الشعبية المسيطر عليها من عدة جهات في الدولة.
الأحزاب لا تهم الشارع
الدكتور زيد النوايسة
من جهته قال عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الدكتور زيد النوايسة في مداخلته إن نسبة المشاركة في الانتخابات وتكرار نسبة 29% في الانتخابات التي مرت قبل أيام وفي الانتخابات النيابية الماضية مؤشر على ضرورة وأهمية النهوض بالتمكين السياسي وتطوير خططها .
وحول تراجع الدور السياسي لمجلس النواب أكد أن المجالس المتعاقبة لمؤسسة التشريع كانت تشكل الحلقة الأضعف في اللعبة السياسية بسبب تغول الحكومات عليها .
وبين أن التغول يأتي لغايات تقديم الخدمات والتسهيلات التي تطلبها وتضغط باتجاهها القواعد الشعبية للنواب كون غالبيتهم من خلفيات وقواعد عشائرية، “النواب عليهم التزامات تجاه قواعدهم” وفق قوله – .
وأضاف النوايسة “الأحزاب لاتهم الشارع ونرى أن القوائم الحزبية لا تعلن عن نجاحها الا بعد صدور نتائج الانتخابات حيث لم نرى لها قوائم أو إعلانات قبل إجراء الانتخابات وهذا يؤكد على عدم قبولها مجتمعياً” – بحسب قوله -.
وبين أن اللجنة الملكية لتحديث منظومة العمل السياسي جاءت بمهمة محددة حيث كانت مهمتها إجراء الحوار المجتمعي الذي غاب لسنوات عن الجهات الرسمية وعلى رأسها الحكومة وذلك بغية للوصول إلى نفاط اتفاق على كيفية تطوير الحياة السياسية، مشيداً في الوقت نففسه بالتطور الكبير الذي حققته مخرجات اللجنة فيما يخص تمكين وإشراك الشباب والمرأة في الحياة السياسية.
تحول ديمقراطي
الدكتور حسين المومني
وقال الدكتور حسين المومني في الجلسة الختامية والتي أدارتها الاعلامية ليلى السيد وحملت عنوان “هل يعيق المحيط الإقليمي والدولي الاصلاح في الأردن؟” بمشاركة استاذ العلاقات الدولية في الجامعة الاردنية الدكتور حسن المومني، ومدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي، واستاذ التاريخ الحديث الدكتور علي المحافظة إن المتغيرات التي حدثت وستحدث في العالم شكلت نوع من التحول الديمقراطي في كثير من الدول لا سيما الاردن، مشيراً إلى أن التغيرات وتأثيرها على التحول الديمقراطي في الأردن لم تؤثر على مسار العملية السياسية.
وأضاف المومني في مداخلته أن البيئة الإقليمية “العربية والعالمية” تعتبر من أهم العوامل التي تؤثر على الأردن، لكن ليس بالضرورة أن الديمقراطية تتمثل في وجود وتشكل الأحزاب بل كانت جزء من قوى سياسية ساهمت في تقزيم العملية السياسية .
دول تعطل الإصلاح السياسي
عريب الرنتاوي
من جهته اعتبر مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن جزء من البيئة السياسية الراهنة هي إسرائيل والخليج العربي الذي يرى أن الديمقراطيات تشكل كابوساً في نادي الملكيات العربية .
واتهم الرنتاوي بشكل صريح عدد من دول الخليج العربي في تعطيل مسارات الأصلاح السياسي في عدد من الدول العربية إضافة إلى أنها شكلت السبب الرئيسي في الخراب والدمار الذي شهدته عدد من البلدان العربية وتشويه العملية الديمقراطية فيها خاصة في جمهورية اليمن.
وأشار إلى إن سيناريو الإصلاح في الأردن بحاجة إلى إدارة واضحة تعمل على توجيهه في مسارات واضحة ومخطط لها وبدون سرعة أو استعجال حتى لا تدخل في الفوضى.
وبين أن عقل الدولة غائب ويبث رسالة مخالفة للواقع حيث نطالب الشباب برفع صوتهم، وعند النزول للشارع لطرح أفكارهم في قضية معينة يتم اعتقالهم وفرض كفالات ذات قيمة عالية عليهم.
ضغط على الأردن
الدكتور علي محافظة
من جهته قال الدكتور علي محافظة أن العديد من الدول العربية ومنها الأردن شهدت ضغوطا شديدة على أمنها الوطني منذ بداية أحداث الربيع العربي عام ٢٠١١ حتى اليوم .
وأضاف محافظة “كان لهذه الضغوط أثرا مباشرا على الحياة السياسية وعلى مستوى الحريات العامة والإصلاح السياسي والاقتصادي فيها حيث اختلف المهتمون بالشأن السياسي والاقتصادي بشانها”.
واوضح محافظة إلى أن المشهد في الوطن العربي يقتصر على الصراع بين المملكة السعودية وإيران وانضمت بعض الدول العربية إلى هذين الطرفين بينما فضل بعضهما الآخر عدم الدخول في هذا الصراع، حيث حدث ذلك بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن عدم التدخل في المنطقة ونزاعاتها مما حتم على السعودية البحث عن حلفاء على المستوى الإقليمي كتركيا.
وأكد محافظة أنه في ظل هذه الفوضى وعدم الاستقرار تصبح المطالبة بالديمقراطية في نظر القائمين على أنظمة الحكم العربية وأصحاب القرار السياسي فيها أمراً خطيراً يهدد كيانها ويبعث على الذعر فيها بينما ترى القوى الديمقراطية في هذه الأقطار أن الإصلاح السياسي والاقتصادي يعزز الديمقراطية فيها.
وبين أنه نظرا لضعف القوى الديمقراطية في الأردن وافتقارها إلى الوحدة والتنظيم والمثابرة فأن قوى الشد العكسي والمناهضة للإصلاح والتغيير هي المنتصرة ولكن لا نعلم إلى متى.