وطنا اليوم:رغم كل التحذيرات الوقائية التي تُطلق قبيل الطقس المُنذر بتساقط الثلوج، وتتلخص في مجملها “بضرورة عدم مغادرة المنازل أو استخدام المركبات الا للضرورة القصوى”، وفقاً لدعوة مديرية الأمن العام الواضحة في هذا المجال، فإن تجاهل تلك التحذيرات هو سيد الموقف من قبل بعض المواطنين، ممن يعرضون حياتهم، ومن معهم للخطورة في أي لحظة.
ويقوم بعض المواطنين بقيادة سياراتهم على الجليد، مع كل ما يكتنفه ذلك من احتمالات انزلاقها، وعدم السيطرة عليها، فضلا عن لعب الاطفال وركضهم على “ثلوج متحركة” وافتراضية قد تعرضهم لكسور أو لرضوض، أو لما هو أخطر من ذلك، ناهيك عن تجمهر المواطنين هنا وهناك على الطرقات، “الامر الذي أعاق ويعيق عمل الاجهزة المعنية في فتح الطرق وتنظيفها من الثلوج المتراكمة، ويحمّل الكوادر المكلفة انقاذ ممن حوصروا بالثلوج وتقطعت بهم السبل، أعباءً إضافية”، وفقا لمصادر رسمية.
ويتفهم مواطنون لهفة الناس لرؤية الثلج وتوقهم للعب به والشعور ببهجته وجماله، لكنهم في الوقت عينه، يرون أن اتخاذ كل الاحتياطات الاحترازية، واجب على الجميع، فهذا بشار، طالب في المدرسة، يؤكد أنه لا يمكن أن يغادر منزله، ويترك الدفء مع عائلته للعب بالثلج، فأنا ككثر: “لا اقتني ملابس مخصصة لمقاومة برد الثلج، من قفازات وأحذية، ونوعية أقمشة مقاومة للمطر والبرد، ولا يهمني ان اقتنيها”، معلقاً: ما دام الوضع كذلك، لماذا اعرض نفسي لنزلات البرد وللخطورة، ولدفع ثمن الأدوية وكشفية الطبيب، لأندم على لحظات خرجت بها، دون أدنى نوع من الوقاية، فأخسر مادياً ومعنوياً وربما جسدياً.
ويشاطره زميله سيف، ذلك الحرص، مضيفاً: لن تقينا الاكياس البلاستيكية التي يرتديها بعضهم لحماية أرجلهم وأيديهم من البرد، وحتى لو أردنا اللعب بالثلج، فلن يتعدى ذلك بضع دقائق، وأمام المنزل مباشرة، أو في باحته، وبعد التأكد من عدم وجود أي عائق، أو مكمن للخطر، كالأسلاك الكهربائية التي تعرت أو انقطعت بفعل العاصفة، و”التي حذرت بشأنها مديرية الامن العام، داعية للإبلاغ عنها عند مشاهدتها”.
وفي السياق، يترحم الطالب سيف، كما كل الاردنيين، على وفاة السائق الذي كان يعمل بأمانة عمان الكبرى، حيث جنحت “جرافته”، اثناء تأديته الواجب في فتح بعض الطرق في العاصمة عمان، مضيفاً، لا يمكن التنبؤ بما قد يفضي اليه التعامل مع الثلوج، لاسيما للأطفال وكبار السن.
في السياق، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات ” الواتس اب” الصور والمقاطع المصورة، التي تعكس فرحة الناس بتساقط الثلوج، وتعبيرهم عن البهجة بالزائر الذي بالكاد “يزورنا كل سنة مرة”، ولكن ما يسترعي الانتباه، تلك “الفيديوهات” التي تظهر تعمد الناس بالمخاطرة على الثلوج كنوع من التميز، وربما طلبا لعدد أكبر من المشاهدات على صفحاتهم “السوشلية”، فيقول هاشم، تاجر:”دهشت حين رأيت أحدهم وقد ربط نفسه بما يشبه الحبل، الذي علق بسيارة كانت تجره كناية عن أنه يتزلج على الثلج، متسائلا: ما الذي يمنع حدوث أي أمر لم يكن بالحسبان، قد يعرضه لخطر ما، قد يفضي للموت”.
وتستغرب أمل، ربة منزل، من “فيديو” يظهر اشخاصاً، تخلوا عن الدفء، ليرتدوا ملابس البحر، ويجلسوا على الثلج لأكل “المنسف”، مضيفة: جميل أن نعكس فرحتنا بالثلج، ولكن ليس بطرق، تؤدي بالنهاية للمرض، أو الانتكاسة، لاسيما في ظل التأثير الواضح لمواقع التواصل الاجتماعي، وتوق بعضهم للتقليد، لمجرد التقليد فقط، بمعزل عن مخاطره وتداعياته، فيما لا تخلو بعض “الفيديوهات”، كما تتابع من الطرافة التي تضفي اجواءً من المرح، مثل “الفيديو” الذي انتشر بشكل كبير، ويقول فيه منتجه “لئط الثلج”، أي أن الثلج قد “علق على الارض”.
ويستنكر أبو حامد، متقاعد، مما يسميها بالعادة القديمة الحديثة والسيئة في التعامل مع الثلج، الا وهي وضع الاحجار داخل الكرات الثلجية وقذفها على الناس أو السيارات أو البيوت، وكأن بالأمر طرافة أو “خفة دم”، كما يعلق، ما قد يتسبب بأضرار بشرية، واخرى مادية تطال زجاج المنازل والسيارات الموجودة على جوانب الطرق.
ولأستاذ علم الاجتماع سالم ساري وجهة نظر يقول فيها: الناس تنتظر الثلج لكسر العادات اليومية والرتابة “الروتين” ولبث البهجة في نفوسهم، ومن الجيد أن يخرجوا ويختبروا هذه التجربة بعقلانية، ليوثقوا لحظات سعيدة بالصوت والصورة، متشاطرا في رأيه هذا مع باسم، مهندس ديكور الذي يقول: من حق الناس أن يفرحوا بالثلج و ينطلقوا بأجوائه الاستثنائية، على أن يتحمل كل شخص تبعات تجربته، فلا أحد يبحث عن أذية نفسه، بقدر ما يريد تسجيل لحظات نادرة خلال السنة أو حتى على مدار سنوات.
وكانت مديرية الأمن العام قد دعت المواطنين لأخذ الحيطة والحذر والاحتياطات اللازمة خلال المنخفض الجوي، وفقا للناطق الاعلامي فيها العقيد عامر السرطاوي، داعيا لتجنب المناطق المُعرضَة لتشكل السيول، والتقليل من حركة الآليات، واقتصارها على الضرورة القصوى.
ويعيد قوله: “رغم التحذيرات المتواترة إلا أن بعضهم يصر على المخالفة والخروج بهذه الاجواء”، حيث علقت مئات المركبات في الثلوج مما هدد حياتهم، وأعاق عمل مديرية الأمن العام والجهات المعنية وأشغلهم عن أداء مهامهم.
ويجدد العقيد السرطاوي التأكيد على استمرار المديرية بتقديم الخدمات الأمنية والإنسانية، وعلى اهمية التعاون مع رجال الأمن واتباع الإرشادات، وعدم التردد بالاتصال على رقم الطوارئ الموحد 911.
وينوه، كذلك إلى اهمية “الاستخدام الآمن والسليم للمدافئ وتفقد الخراطيم الواصلة ما بين الاسطوانة وجسم المدفأة، وعدم تركها مشتعلة أثناء النوم، وتوفير التهوية المناسبة بين الحين والآخر”.
ويحذر العقيد السرطاوي، من مغبة وضع أحجار داخل الكرات الثلجية أثناء اللعب به، مؤكدا ورود الكثير من الشكاوى ل “المديرية” حول تكسر زجاج لعدد من السيارات جراء ذلك.
ويختم بدعوته لتوخي الدقة قبل تداول أي من الصور و”الفيديوهات” والتأكد من صحة المعلومات قبل نشرها، وضرورة تلقيها من مصادرها الرسمية الموثوقة، درءا للشائعات والأخبار المغلوطة.