بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
ما أطرحه في هذا المقال ليس موقفٌ شخصي بل تحليل للواقع السياسي ومستقبل المنطقة في ضوء التوازنات وأدوار الفاعلين الإقليميين ايران، تركيا، وإسرائيل والتوجه الأمريكي لمستقبل المنطقة الذي لا يصب في مصلحة شعوبها بالتأكيد حسب ما نطالب به ونعتقد انه اليقين.
على ارض الواقع يختلف المشهد بان أصبحت الصورة مقلوبة فبدل ان تقوم إسرائيل بالسعي والتزلف للدول العربية من اجل السلام والشراكة وانهاء ملف القضية الفلسطينية، يحصل العكس تماما حتى الفلسطينيين انفسهم باتوا يلهثون وراء الحلول البائسة وابتعدوا عن الشعارات البراقة والعناوين العريضة للتحرير ومنها قيام الدولتين باستثناء بقايا مقاومة في غزة لم تعد تحظى بشعبية كما كانت، لتظهر مصطلحات جديدة منها حل الدولة الواحدة الى آخره حتى اصبح الامرُ يتعدى الأنظمة السياسية ليتسلل الى القواعد الشعبية؛ ويعكس هذا المزاج الحوارات التي تتم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
في الأردن تفاجئ الجميع عندما نشرت الصحافة الأجنبية خبر مفاده توقيع اتفاقية الكهرباء مقابل الماء بين الأردن وإسرائيل برعاية إماراتية، وكاد الجميع ان لا يصدقون عندما حلف وزير الاعلام بالثلاث انه لا يوجد اتفاقية والمصيبة في نفس اليوم وتحديدا في المساء تم توقيع اتفاقية اطلق عليها فيما بعد اتفاقية نوايا.
بدون لف ولا دوران يبدو ان مستقبل المنطقة لن ترسمه الشعوب ولا الأنظمة القائمة بل ستضع قواعده واسسه وما تفكر وتخطط له إسرائيل؛ وهو ما سينفذ حرفيا مع بقاء هامش من المناورات تلهي به الحكومات العربية شعوبها ( تحت عنوان لن نقبل بأي حل، ندين بشدة، وسندعم حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، المستوطنات غير شرعية الى ما غير ذلك من شعارات) والمتابع يرى تغيرا حادا حصل على المصطلحات التي تصف التجاوزات والاعتداءات الإسرائيلية على كل الثوابت.
على جانب دول الإقليم القوية، هناك تنسيق وحالة صراع لتثبيت خطوط فاصلة عما ترضى عن كل دولة تجاه الأخرى اما على جانب الدول العربية فهي ساحة مفتوحة امام أطماع هذه القوى ناهيك عن القوى الكبرى والحالة تُعبر عن نفسها دون أي إضافات، العراق اليمن، سوريا لبنان، وحالة الرعب التي تدب في دول الخليج من التهديدات الإيرانية المتكررة، اما عرب افريقيا فكان الله في عونهم على ما هم فيه من مصائب.
وتحت عنوان: ناقل البحرين أم اتفاق النوايا.. مصلحة الأردن اين؟ يتبصر الفرد في هذا الامر فيجد اننا مصنفون من افقر 25 دولة في العالم ولكن لم تعمل الحكومات المتعاقبة على فرض أدوات يشعر بها الشعب ليشكر جهودها فأخفقت في وضع استراتيجية متكاملة الجوانب تتضمن بناء السدود وتخفيض الفاقد الذي يصل الى نسبة 45% من المياه نتيجة العبث والسرقة وعدم صلاحية الخطوط، وبنفس الوقت لم تدافع عن اتفاق ومشروع حيوي وهو قناة البحرين الذي تم التفاهم عليه قبل اتفاق النوايا بعشرات السنين “ناقل البحرين: الأحمر الميت”، وناقل البحرين يُلزم الجانب الإسرائيلي بتحمل الكلف جنباً الى جنب مع الأردن، دون الانفراد بالتحكم في المياه وينهي مشكلة المياه والى الابد، والمطلوب هل نضع مصالحنا فوق كل اعتبار ونفكر بمستقبلنا بما يرضينا ولا يرضي غيرنا ونعمل ليكون ناقل البحرين بديلا لا تفاق النوايا وان تعمل الدولة بكل ثقلها لتحقيق ذلك .
وهنا سيحصل الأردن على مياه صالحة للاستعمال يسد بها العجز وبنفس الوقت تحقق حفاظاً على البيئة في البحر الميت الذي سيجف بعد عقود قليلة قادمة.
اما مشروع الناقل الوطني الذي تحدث عنه جلالة الملك فهو مشروع مهم واستراتيجي ويسد النقص ويحافظ على السيادة ونتمنى على الحكومة ومن خلال وزارة التخطيط توفير الدعم اللازم له على شكل منح دون ان يثقل كاهل الخزينة وهذا الدور قد يلعبه السفراء المنتشرين في اصقاع الأرض ولم نسمع عن أي انجاز يذكر لأي منهم.