الدكتور جميل سالم عوده الزيدانين السعودي
أيها الأخوة والأخوات – أبناء الوطن الذي نشترك في حبه وحمايته وتقديم ما يمكن ان نقدم له حتى ولو بنصيحة لتائه او جاهل او متوتر او متخبط او محبط أو لا مبال بالإنسان والمكان والزمان، هذا الوطن الذي نشترك بمسؤولياتنا تجاهه وحقوقنا الدستورية تحت سمائه؛ إنه لمن المثير والمغضب أن يتم تحدي القانون والمنطق والحياة كما جرى من ثلة من المواطنين باستخدام الأسلحة النارية تعبيرا عن فرحتهم بفوز نواب لا نعلم ماذا سيقدمون للوطن – الا يكفي استخدام الألعاب النارية تعبيرا عن الفرحة بضوابط محددة وقانونية كما قام به بعض النواب مشكورين على ذلك. فهل استخدام الأسلحة النارية وسيله حضارية وقانونية صحيحه للتعبير عن الفرحة!
– لماذا لا نعود للوراء قريبا الى سنين مضت – ونستذكر فيها الأطفال والنساء وكبار السن والشباب الذين سقطوا ضحية تاركين لدى أسرهم غصة وحزنا لا يمكن تحمله، بسب رصاصة طائشة او خطأ في استخدام السلاح الناري أثناء الاعراس والمناسبات الأخرى ومنها نتائج الانتخابات النيابية،
– لماذا ما زالت تؤمن شريحة من المواطنين بان الفرحة لا تتم الا بإطلاق النار، الذي قد يتحول خلال ثواني الى مصيبه يعاني منها الآخرون وأسرة مستخدم السلاح وعائلته لعدة سنين.
– لماذا يدعي البعض حبهم للوطن وهم الذين يعبرون بأفعالهم عن أمقت الوسائل في كره الوطن، سواء باستخدام الأسلحة النارية للتعبير عن الفرحة او اللهو او حتى إيجاد الأسباب الواهية والواهمة لإقامة الإضرابات والتحديات للقانون والجيش والجهات الأمنية وكل هذه الاعمال هي مداعبه للأقدار وفتح أبواب الرقص مع الشياطين.
– لماذا يعتبر بعض المواطنين بان استخدام الأسلحة النارية أثناء المناسبات كتعبير عن الرجولة التي إن وقع عندها ما لا يحمد عقباه فحينها ستتحول الرجولة الى عكسها تماما، وتبدء رحلة البحث عن وسائل للخروج من نتائج هذا الترجل الأرعن.
– لماذا يعتبر البعض انهم فوق القانون وأن من يختلق مظاهر الترويع والتخويف ويعبثون بأمن الوطن والمواطن أنهم أبطال، الا يعلمون ان الدولة أقوى من الجميع وأن القانون فوق الكل.
– لماذا يعرّض البعض حياتهم وحياة أسرهم بسبب التجمعات الممنوعة صحيا وأمنيا وعقلانيا بسبب انتشار جائحة الكورونا، ولا يأبهون بالنتائج السيئة لهذه التجمعات سواء عليهم شخصيا او على أسرهم والناس.
– لماذا سمح بعض الناجحين في الانتخابات النيابية الى بعض السلوكيات غير الحضارية باستخدام الأسلحة النارية من قبل مؤيديهم بعد صدور النتائج. لماذا لم يحذّروا ويمنعوا ناخبيهم من استخدام الأسلحة النارية – وأساليب المنع هنا كثيرة، علما بان الفيديوهات التي انتشرت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي واضحة ولا يمكن إخفائها او نكرانها.
– لماذا ما زالت عملية إطلاق النار اثناء المناسبات ثقافة اردنية لدى شريحة كبيرة من شعبنا الطيب المتعلم الوفي.
هنالك الكثير مما يمكن الحديث عنه بهذا الشأن، لكنني أقترح ما يلي للحد من ثقافة تحدي الدولة ولقانون والجهات الأمنية واستخدام الأسلحة النارية، علما بان من يقوم بذلك فهو يتحدى كل مواطن صالح ويتحدى الوطن ويتحدى امن واستقرار الوطن: –
أولا: استمرار الضرب بيد من حديد لكل من يقدم على التخريب والترهيب وتخويف المواطن وعدم الالتزام بالقوانين خصوصا خلال الظروف الخاصة التي قد يمر بها الوطن.
ثانيا: إن يعتبر كل مواطن محب لأسرته وبيته ووطنه بانه الذراع الأيمن للشرطة والجهات الأمنية، من خلال تبليغها عن أية مخالفة من شأنها ترويع الناس او النيل من الوطن؛ وذلك لأن المصلحة العامة يجب ان تطغى على المصلحة الخاصة، فالمواطن لن يكون بخير إن لم يكن الوطن بخير.
ثالثا: أن يتم التحقيق مع أي نائب تم استخدم السلاح الناري بوجوده وتنبيهه رسميا حول ضرورة الالتزام بالقوانين وعدم تكرار مثل هذه الاعمال، كما وأنصح بهذا الخصوص إعادة النظر بالقوانين الخاصة بإطلاق النار اثناء المناسبات وتغليظ العقوبة على مستخدمي الأسلحة النارية أو حتى حملها خلال المناسبات. كما أن القوانين والإجراءات الخاصة بمنح وحجب الحصانة عن النواب بحاجة لمراجعة من قبل خبراء في القانون، وإقرارها حتى ولو بقوانين مؤقته ضمن آلية وجهة محايدة وليست من خلال الانتظار للمجلس بأن يصوت عليها كونها تخص النواب أنفسهم، وخصوصا من يحملون الأسلحة النارية داخل مجلس النواب أو من يستخدمونها خلال الانتخابات النيابية هم او مؤيديهم. فكيف للشعب ان يثق بنائب او حتى مجلس نواب يكون ما بين أعضائه من يؤيدون أو يغضون الطرف عن استخدام السلاح بسماحهم لمنتخبيهم من استخدام ذلك السلاح، مما يدل على موافقتهم الضمنية بمخالفة القانون والاستعلاء عليه وترويع الناس، فكيف لمن يخالف القانون ان يكون مشرعا!
رابعا: أصبحت الحاجة ملحّة جدا الى إضافة مادة علمية يتم تدريسها في المدارس من قبل معلمين متخصصين ومدربين حول الظواهر والثقافات وبعض العادات والسلوكيات مثل استخدام الأسلحة النارية خلال المناسبات ؛ التي تكون وبالا على المجتمع وقيمه الإيجابية، كما ويجب ان توضح وتؤكد تلك البرامج او المواد التدريسية على ضرورة فهم المواطن لأهميته ودوره في خدمة وطنه، بالإضافة الى تعليم الطلبة حقوقهم وواجباتهم القانونية والدستورية تجاه الوطن، وتثقيف الطلبة حول المعاني الحقيقية للديموقراطية التي لم يصل لها مجتمعنا لغاية الآن، حيث ان مفهوم الديموقراطية الحالي على انها التعدي على حقوق الغير والتعبير عن الحقوق من خلال التخريب والعبث بمقتدرات الوطن، والسب والشتم بالآخرين وعدم السماع للرأي الآخر- كل هذه ليست من الديموقراطية بشيء بل هي اعلى مستويات الجهل.
خامسا: إدراج مادة تدريسية كمتطلب جامعة إجباري يتم تدريسها من قبل متخصصين حول حقوق الوطن والمواطن ومسؤوليات المواطن تجاه الوطن وكيفية تأديتها بالإضافة الى تعليم الطلبة في الجامعات عن المفهوم الصحيح الإيجابي للديموقراطية، وتغيير مفهوم الناس عن مجالس النواب واختيار النائب الأنسب للوطن وليست للمصلحة الخاصة، ودور النائب التشريعي والرقابي، وصفات النائب الذي يحتاجه الأردن. نحن ليست بحاجة الى نواب أصحاب خطابات رنانة “لا تسمن ولا تغني عن جوع” ويحملون اجندات منافع شخصية او بعض الملفات من فتات الخدمات لمناطقهم الانتخابية، وفي النهاية يكونون عبئا على الميزانية، بل ان الأردن يستحق نوابا لديهم المعرفة والخبرة والعلم والدافعية ويؤمنون بان العمل النيابي هو واجب وطني له الأولوية، وهو منظومة تشريعية رقابية خدمية متكاملة.
خامسا: تفعيل القانون وتغليظ العقوبات وتطبيق المواد القانونية بكل حزم ضد المال السياسي إن استخدم للحصول على حقوق عامة كعضوية مجلس النواب أو الرشاوى للحصول على خدمات تمييزيه على حساب الغير أو منع بعض الحقوق عن المواطنين أو حرمان بعض المواطنين من حقوق نصّ عليها الدستور.
سادسا: إن الجيش المغوار والجهات الأمنية موجودون لحمايتنا وحماية ممتلكانا وحقونا، ويسهرون الليالي ويمضون أعمارهم في تحقيق الامن والاستقرار لنا ولوطننا، وبالتالي فإن معاملتهم واحترامهم وحبهم يأتي ضمن هذا الإطار وهو واجب وطني وإنساني علينا جميعا كمواطنين.
سابعا: اليس جدير بالناس ان يتعاملوا مع جائحة الكورونا بكل جديّة ووطنية، من خلال اتباع القوانين والإجراءات الحكومية بهذا الشأن، وعلى الجميع وضع الثقة في الإجراءات التي تأخذها الحكومة للتعامل مع هذه الجائحة وفق القوانين والإجراءات المرعية، وعدم التطاول على تلك الإجراءات ولفت النظر عنها، فكيف يقتنع الناس بأن فايروس الكورونا الحالي تسبب في جائحة صحية حول العالم وليست الأردن فقط وأنه ليست اضحوكة او دعابة يتهمون فيها الحكومات ويعاندون أنفسهم للقيام بعكس ما هو مطلوب، فهل ينتظرون أن يكون فايروس الكورونا بحجم الحصان حتى يؤمنوا بوجوده.
الحديث يطول بهذا الشأن، الا انني أنهي المقال بالشكر الذي لا ينتهي والحب والاحترام والتقدير بداية لسيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي يوجه ويتابع عن كثب كل الإجراءات المتبعة لتطبيق السياسات واتباع الاستراتيجيات من أجل الوصول الى نتائج تنموية وتطويرية في جميع المجالات، والشكر والتقدير موصول أيضا الى قواتنا المسلحة وجميع الجهات الأمنية الساهرة على راحة المواطن وأمنه والحفاظ على ممتلكاته. وكلنا كأفراد ومؤسسات مجتمع مدني نعلم ومتيقنين بأن الدور الذي يقوم به جيشنا العربي ودوائرنا الأمنية وجد ليحمينا من المارقين والخارجين عن القانون والعابثين بأمن ومقتدرات الوطن وسمعته، وواجب علينا جميعا مد أيدينا لأيديهم والتكاتف معهم، لأن دورهم واجب على الجميع وليست مقتصرا عليهم.
حمى الله الوطن والقيادة وكل من يؤمن بان الوطن هو بيتنا الكبير وأن القانون فوق الجميع