نضال العضايلة
منذ استقالة حكومة هاني الملقي على وقع الاحتجاجات، والشعب الاردني يقبع في عنق زجاجة ضيقة خانقة، أو هكذا أوهمتنا حكوماتنا المتعاقبة، لإيهامنا بأن موقعنا في عنق الزجاجة لن يستمر طويلا، فما علينا إلا الصبر على القهر والجوع حتى نعبر إلى بر الأمان ونخرج إلى أنهار العسل والمن والسلوى التي تنظرنا خارج الزجاجة عما قريب، وما هي إلا حجج واهية بطبيعة الحال، هروبا من المسؤولية، وتبريرا لفشل تلك الحكومات في التعاطي مع مشكلات البلاد الحقيقية.
ومرت الأيام والأسابيع والشهور والسنوات الطويلة، وجاء الرزاز، ولم يحدث شيء على أرض الواقع، اللهم إلا مزيد من القهر والفقر والمعاناة.
تأتي حكومة وتذهب حكومة والاردن لا زال يعيش في وهم الخروج من عنق الزجاجة، ولم يخرج بعد، بل والمطلوب منه أن يعيش على هذا الأمل وعلى هذا الوهم سنوات وسنوات، ومطلوب منه أيضا أن يُحسن الظن بالقيادة السياسية الحكيمة التي تكفيهم عناء التفكير والقلق، فقط عليه تحمل العناء والألم بنفس راضية ووجه ضاحك، حتى لو أكل ورق الشجر جزاء ثقتهم العمياء في الحكومات الملهمة.
وانتهى عهد الرزاز، وجاء الخصاونة ليكمل مشوار بيع الأوهام وتسويق الأحلام، وأن ليس في الإمكان أبدع مما كان، حيث يلعبون على الوتر ذاته الخبيث، بأننا نعيش ازمات غير مسبوقة توجت مؤخراً بوباء كوفيد 19، وكأن هذا الوباء حل على الاردن فقط دون غيره من البلاد والعباد.
سنظل ندفع فاتورة تبعات تلك الحكومات أبد الدهر، فالحقيقة الساطعة الآن، التي يجب أن نُسلّم بها، هي أننا لم نعد في عنق الزجاجة كما أوهمونا لسنوات طويلة على أمل الخروج سريعا ليكسبوا مزيدا من الوقت، ويتفننوا في اختراع الأكاذيب والمسكنات لإسكاتنا وتثبيط عزائمنا، بل سقطنا إلى قاع الزجاجة “اللعينة” بمرور الوقت كلما صبرنا أكثر على هذا الوهم وصدقنا وعودهم التي لن تتحقق أبدا ما داموا يسرحون ويمرحون ويغردون كذباً ويحقنوننا بابر التخدير التي لم تعد تجدى نفعاً بتسكين المنا.
في بلد كالاردن ترجع الحكومات أسباب جمود الحالة الاقتصادية والسياسية “محلك سر” إلى عاملين هامين، أو إن شئت فقل تحت ذريعتين، أولاهما تراجع المساعدات الخارجية وارتفاع تكاليف اللجوء السوري وبالتالي الزيادة السكانية الكبيرة التي تلتهم موارد البلاد المحدودة على حد قولهم ولكن الاصح ان نقول المنهوبة، وثانيتهما هو التصدي للأخطار الداخلية والخارجية التي تهدد الأمن الوطني ومنها على سبيل المثال صفقة القرن، وبالتالي يتحتم الوقوف جميعا في وجه “أهل الشر” الذين يتآمرون على مصالح البلاد والعباد ليل نهار، وبذلك يصرفون الأنظار عن القضية الرئيسية، وهي فساد الحكومات، وتآمرها على مصالح شعبها.
لايام مضت كنا نعول على الشعب ان يخوض معركة الوعي بإدراكه أن حكوماته هي أصل المشكلة، وان مجالس نوابه هم سبب بلاوي البلد، ولن يكون الحل بحال من الأحوال، الا باختيار مجلس نيابي جديد كل اعضاؤه من الطبقة المهمشة، وليس من الاقطاعيين، وحيتان المال والمقاولين، وغيرهم من مصاصي الدماء ساعتها فقط سيخرج هذا الشعب من قاع الزجاجة التي حبسوه فيها عقودا طويلة لنور الحياة والحرية والرخاءن ولكن الفشل في ذلك كله كان سيد الموقف.