بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
إن أول أبجديات فكرة وجود الدولة، هو تحقيق الامن والرفاه والعدالة وسيادة القانون فلا يوجد عاقل على هذه الارض لا يؤمن بهذه المبادى، وهذه الاهداف والغايات لوجود الدولة، ومع مرور الزمن تطورت الاليات والادوار التي يمكن من خلالها خلق حالة استقرار وعدم تذمر وطاعة ذاتية وانقياد كامل لسلطة الدولة، ومن أهم هذه الاليات هو وجود مؤسسات الحكم ومن أهمها السلطة التشريعية؛ لما تقوم به من أدوار مهمة في اضفاء الشرعية على النظام السياسي من خلال المشاركة الشعبية، وممارسة الرقابة على أعمال الحكومة ضمن المسارات الدستورية، وتطورت الفكرة بشكل أوضح بعدما وضع المفكر الفرنسي مونتسكيو نظرية الفصل بين السلطات حتى لا تتغول سلطة على اخرى، وتسير الامور بشكل منتظم وعادل لما يحقق المصلحة العليا للدولة.
في العالم الثالث لم تكن الامور على هذه الشاكلة وخصوصا مبدأ الفصل بين السلطات لما رافق ذلك من ظروف سياسية واجتماعية ومعتقدات جعلت مسألة الفصل بين السلطات تتأرجح وتأخذ مسارات لا يمكن وصفها الا بتمشاية الحال ، وقد اجد عذرا في ذلك لان الثقافة السائدة لدى شريحة كبيرة تعتبر المنصب استحقاق شخصي وهدف شخصي يسعى له الانسان لتعزيز مكانته الذاتية للاسف، وهذا ينطبق على الاسلوب والممارسة التي نشاهدها عند ترشح الافراد وحتى بعد ظهور النتيجة فكل ما يلف العملية هو شخصي بحت، ومرد ذلك هو الثقافة السائدة والرؤية القاصرة عن الفهم السياسي لدور المشرع وما هو المطلوب منه، وثمة اسباب عديدة ولدت هذه الثقافة منها قانون الانتخابات وطبيعة تفكير البشر التي لا تفصل في الجانب السياسي بين المصلحة العامة والمصالح الشخصية، فانتشرت ممارسات غير مرغوب بها مثل شراء الذمم والتزوير بمختلف اشكاله وانواعه.
الظاهرة المرافقة للاحتفالات بالنصر الشخصي في الانتخابات رافقها ممارسات خاطئة وسلوكات مشبعه بالسلبية ومن ضمنها استخدام السلاح تعبيرا عن الفرح ، وهذا بحد ذاته أكبر خطأ سلوكي يمارسه الانسان وهو نتيجة حتمية لثقافة بائسة تمجد النصر الشخصي وتعبر عن نشوة فرح كاذبة وخادعة.
المؤسف ايضا هو عدم معالجة هذه الظواهر فورا وقت حدوثها وهذا يطرح تساؤل مهم لماذا لا يتم الردع الفوري ومنع مثل هذه الظواهر قبل حدوثها؟ ونحن لدينا مؤسسة أمنية عريقة وتمتلك معلومات ممتازة حول كل المشكلات التي يواجهها المجتمع حتى لا نظهر بصورة سلبية امام الاخرين، وكان بأيدينا منع ذلك لاننا نعيش في هذا العالم الافتراضي الذي يرصد كل تصرفاتنا فلا يجوز ان نضع رؤوسنا بالرمال وباعتقادنا ان لا أحد يراقبنا.
الفوضى قاتلة ومدمرة ونتائجها كارثية ونحن مطالبون على كافة المستويات تعزيز منظومة سيادة القانون في مختلف مراحل حياة الفرد اضافة الى القدرة المادية على فرضة بالقوة المناسبة.
ثقافة استخدام السلاح يجب ان تنتهي من خلال تعزيز التنمية وفرض هيبة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية والبعد عن المحاباة وتمرير الاخطاء لفئات تعتقد انها فوق القانون.
حفظ الله الوطن وقيادته وشعبه من كل سوء.
*استاذ العلوم السياسية والتربية الوطنية جامعة البترا
*ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري