نقص الوقود يعيد لبنان إلـى عصـر ما قبـل الكهربـاء

10 أكتوبر 2021
نقص الوقود يعيد لبنان إلـى عصـر ما قبـل الكهربـاء

وطنا اليوم:انقطعت الكهرباء عن مدن لبنان بشكل تام السبت، لتنام “سويسرا الشرق” كما لُقبت سابقا تحت وطأة العتمة القاتمة.
ونشر ناشطون في لبنان مشاهد من العتمة القاتمة التي تمر بها البلاد، في ظل محاولات مضنية لإعادة التيار الكهربائي.
لم يكن انقطاع الكهرباء الناتج عن نقص الوقود مفاجئا، إذ بدأت مؤسسة “كهرباء لبنان” تحذيرها من هذه المصيبة قبل نحو سنتين، نظرا لنقصان الوقود عن حاجة البلد الطبيعية له.
بالعودة إلى الوراء، نجد أن أزمة الكهرباء في لبنان هي نتيجة طبيعية لمعدل الإنتاج المنخفض للطاقة، إذ يوجد في البلد الذي يصل عدد سكانه إلى 7 ملايين نسمة، 7 معامل حرارية، تنتج 2000 ميغاواط من الكهرباء كمعدل سنوي، في حين يحتاج البلد إلى 3600 ميغاواط كل عام.
اشتكت وسائل إعلام لبنانية سابقا من عدم كفاية ما تنتجه هذه المعامل، لا سيما أنها لا تعمل بأجهزة حديثة وإمكانياتها متواضعة، علما أن أحدث هذه المحطات السبع تم تشييدها في العام 1998، أي قبل 23 عاما.

إطار تاريخي

تفجرت أزمة الكهرباء في لبنان مع اندلاع الحرب الأهلية في العام 1975، وتزايدت بعد العام 1992، حيث بات اللبنانيون يعانون من “التقنين” الذي يصل إلى نصف يوم أحيانا.
في العام 2002، أصدرت الحكومة اللبنانية قانونا لإنشاء “الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء”، التي يحق لها إصدار التراخيص للشركات الخاصة لبيع الكهرباء، إلا أن هذا القانون لم ير الضوء بعد.
ولاحقا صدرت قوانين مشابهة في أعوام 2014، و2015، و2019، بالإضافة إلى خطط لإنقاذ الكهرباء بدأت من قبل حكومة سعد الحريري في 2010.
في أواخر العام 2011 أقر لبنان خطة الكهرباء بكلفة 1.2 مليون دولار، بهدف زيادة إنتاج الكهرباء إلى كميات إضافية، بيد أن هذا الأمر لم يتم أيضا.

حجم المشكلة

في 2019، قالت الحكومة إن صافي التحويلات لشركة كهرباء لبنان المملوكة للدولة تمثل ما بين مليار و1.5 مليار دولار في العام وينفق معظمها على زيت الوقود. وهذا يعادل نحو ربع عجز الميزانية في 2018 البالغ 4.8 مليارات دولار.
وقال صندوق النقد الدولي في عام 2016 إن التكلفة المتراكمة لدعم شركة كهرباء لبنان تعادل نحو 40 بالمئة من إجمالي ديون لبنان.
وبحسب البنك الدولي فإن نقص الكهرباء يأتي في المرتبة الثانية بعد عدم الاستقرار السياسي في عرقلة النشاط التجاري. وانتعش الاقتصاد بمعدل سنوي تراوح بين واحد واثنين في المئة فقط في السنوات الأخيرة.

لا معامل إضافية

في العام 2018، قالت صحيفة “النهار”، إن بناء معامل إنتاج كهربائية إضافية قادرة على تغطية عجز الكهرباء، يستغرق ما لا يقل عن ثلاث سنوات، متابعة أنه “خلال هذه الفترة، يكون الحل الأوحد لتغطية العجز، شراء الطاقة الكهربائية من أي مصدر بأفضل الأسعار وبأسرع وقت”.
وأضافت أنه “مع ازدياد حاجة السوق تدريجياً خلال الأعوام المقبلة بمعدل حوالي 3 بالمئة سنوياً، تصل كمية الطلب على الطاقة خلال ساعات الذروة في العام 2023 إلى 4153 ميغاوات وفقاً لخطة Master Plan التي تم إعدادها مع مؤسسة كهرباء فرنسا، ومن المفترض إضافة قدرات إنتاجية لمواكبة هذه الزيادة من خلال الطاقة المتجددة”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الكلفة الإجمالية لاستهلاك الكهرباء في لبنان الـ3.35 مليارات دولار تتحمل منه الخزينة عجزاً سنويا حوالي 39 بالمئة، فيما تحصّل مؤسسة الكهرباء حوالي 26 بالمئة، ويدفع المواطن للمولدات الخاصة حوالي 35 بالمئة، أي ما مقداره 2.05 مليار دولار سنويا.

8 مشكلات تلخص الأزمة

بحسب تحقيق لمؤسسة “مهارات” اللبنانية، فإن أزمة الكهرباء في لبنان تتلخص في 8 مشكلات، هي:

– المعامل الحرارية قديمة، حيث أن إنشاء أول معملين يعود إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
– تستخدم هذه المعامل الفيول الثقيل، أو الديزل أويل بدل الغاز الطبيعي (كلفة أكبر وتلوث أكثر).
– هدر في شبكة التوصيل القديمة والمهترئة يصل إلى أكثر من 36 بالمئة.
– ضعف في الجباية، وعدم فوترة صحيحة بنسبة هدر تصل إلى 40 بالمئة.
– عدم وجود هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء تدير وتنظم عمل القطاع.
– غياب الشفافية في تلزيم التراخيص والمشاريع المتعلقة بالطاقة.
– غياب المنافسة بسبب احتكار شركة الكهرباء.
– وجود شبكة موازية غير شرعية لإنتاج الطاقة متمثلة بالمولدات منذ ٣٠ سنة حتى اليوم. وتدخل حوالي 2 مليار دولار في السنة، غير خاضعة للضرائب، ولديها خطوطها الخاصة للنقل والتوزيع والجباية وتحصيلها يصل إلى 100 بالمئة.