لماذا تراجعت حُكومة أردوغان عن كرمها الصحّي للمُهاجرين

29 سبتمبر 2021
لماذا تراجعت حُكومة أردوغان عن كرمها الصحّي للمُهاجرين

وطنا اليوم:تُصِر حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، وعلى عكس الأحزاب المُعارضة على إبقاء اللاجئين السوريين، ولأسبابٍ يقول أردوغان إنها إنسانيّة، لكن على الجانب الآخر يُنظَر لهذا الإصرار أن له أسباباً سياسيّةً، أبرزها المُناكفة الأردوغانيّة مع نظام بشار الأسد، رغم إقرار المجتمع الدولي أخيرًا بالحاجة للرئيس السوري وفق تعبير إعلام غربي.
الأسباب التي يقول الرئيس أردوغان إنها إنسانيّة لإبقاء السوريين، أو مُواصلة سيطرة الجماعات المُسلّحة التابعة لتركيا على الشمال السوري، وتطبيق القوانين التركيّة على المُتواجدين هُناك، بحُكم ما يراه أردوغان توسّعاً تركيّاً، لا ينطبق على السوريين الذين كان يُباهي بعضهم بتبعيّته للدولة التركيّة، إن كان لاجئاً، أو رافضاً لتسليم سلاحه، والحديث عن المُتجمّعين في إدلب، والتي ستعود إلى مركزيّة دمشق كما أكّد الرئيس الأسد أكثر من مرّة في تصريحات تلفزيونيّة.
لا يستطيع السوري المُقيم في ولاية تركيّة أساساً التحرّك إلى ولايةٍ أخرى دون حُصوله على الإذن، ويحمل هذا “اللاجئ” ما يُعرَف باسم بطاقة الحماية المُؤقّتة المعروفة باسم “الكيملك”، والتي تُتيح له التمتّع بالعلاج على حساب الدولة، وإن كان الأمر يخضع لشُروط في بعض الأحيان، عبّر سوريّون كُثر عدم انطباقها على أسرهم، وأهمّها العلاج المجّاني في مُستشفيات الدولة التركيّة.
الجديد في هذا أن السلطات التركيّة، ألغت بطاقة “الكيملك” وتحديدًا للمرضى القادمين من الشمال السوري لتلقّي العلاج في المشافي التركيّة، وجرى استبدال هذه “الحماية”، ببطاقة أو وثيقة علاج “سياحيّة” تُمكّن السوريين من الدخول للعلاج ولكن على نفقتهم الخاصّة، وهو ما يطرح تساؤلات عن التوقيت في ظل أنباء التصعيد الروسي- السوري في مُحيط محافظة إدلب، وبدء تخلّي أنقرة عن “أتباعها في الشمال السوري”، هذا عدا عن اعتبار السوريين “سُيّاحاً” يُنفِقون على علاجهم الشخصي، ويُحرَمون من امتيازات “الكيملك” التي كان يعتبرها البعض بمثابة “الجنسيّة” للسوريين، ولا فرق بينهم وبين المُواطن التركي، وهو ما يُثبّت نظرة دمشق واعتبارها التواجد التركي في الشمال السوري “احتلالاً”.
وأكّدت من جهتها “جبهة النصرة” التي تُسيطر على معبر باب الهوى، أن إدارة معبر جيلفاكوز التركي قامت فعليّاً بإيقاف إصدار “الكيملك” ذو الرقم 99، والذي كان يُتيح لحامله العلاج المجّاني لحامله في المشافي التركيّة الحُكوميّة.
هذه القرار الذي ألغى “الكيملك” للسوري المُقيم على الأراضي التابعة للنصرة أو بقيّة جماعات تركيا، قد يتبعه قرار بإلغاء الكيملك للسوري المُقيم في الولايات التركيّة، وكل هذا يحدث ولا تزال حكومة حزب العدالة والتنمية في الحُكم، فكيف هو الحال حيث تُهدّد المُعارضة التركيّة بإعادة كل السوريين إلى بلادهم حال وصولها للسلطة.
ويضطر السوري الساكن مناطق الشمال، إلى التوجّه للعلاج في تركيا، فجماعات تركيا غير قادرة على تسيير مشافي الحكومة السوريّة التي كانت أساساً تُقدّم علاجها المجّاني لمُواطنيها، وما قبل الأزمة، وسُقوط المُحافظات السوريّة بيد الفصائل المُسلّحة وتراجع خدماتها، ولا يخدم القرار التركي بأيّ حال تلك الجماعات، فاستمرار تواجدها يتعلّق بقُدرتها على إدارة مناطقها خدماتيّاً، وصحيّاً، ثم سياسيّاً، وعسكريّاً.
ويتحدّث الإعلام التركي عن توجّه السلطات التركيّة إلى تفعيل النظام الصحّي الجديد للمرضى السوريين في المُستشفيات التركيّة، وسائل إعلام سوريّة مُعارضة قالت إن النظام الجديد “وثيقة سياحيّة” بديلة “الكيملك” ضبابيّة، وفاقمت من مآسي السوريين الذاهبين إلى تركيا للعلاج.
ومن الانتقادات المُوجّهة للوثيقة السياحيّة العلاجيّة الجديدة، بأنّ صلاحيّاتها لشهر واحد فقط، وتُلزِم المريض السوري العودة إلى سورية “كل شهر” بسبب انتهاء الصلاحيّة، وهذا بطبيعة الحال لا يُراعي الحالات الطبيّة، وقد يُفاقِم من حالاتهم المرضيّة.
ولم تعترف المُستشفيات التركيّة بعد بالوثيقة السياحيّة الجديدة، فبعضها لم يصلها التعميم، فيما عملت بعض المُستشفيات بها لمُدّة أسبوعين فقط، وجرى إيقاف العمل بها مُنذ 15 أيلول الجاري.
بكُل الأحوال، هذه قرارات تركيّة تضر بالسوريين الذين تولّى الرئيس أردوغان حمايتهم، والمرضى منهم تحديدًا، وتدفع بتساؤلات حول رغبة الأخير باستمرار “التعاطف الإنساني” معهم، أو توقيفه بهذه القرارات المذكورة آنفاً، لأسبابٍ تخدم المشهد الانتخابي القادم، وتنافسه كمُرشّح رئاسي وحزبه عن الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانيّة، فيما الأصوات التركيّة المُعارضة تُحَمِّل السوريين أسباب التراجع الاقتصادي، والعُنف، وبالتالي تحميل المسؤوليّة لمن جلبهم، وربّما حان الوقت لأن يتخلّى عنهم، والبداية “كيملك”، والنهاية بسيطرة الجيش السوري على شمال بلاده.