بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
ما تم تداوله من تصريحات على لسان مقرري اللجان الفرعية للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية يشير الى الانتهاء من العمل، وان اللجنة بصدد رفع توصياتها الى المقام السامي حتى تسير تلك المقترحات بالإجراءات وفقا للأطر الدستورية، ومن خلال المؤسسات المختصة لمناقشتها ووضعها في أطر قانونية لتنظيم الحياة السياسية انتخابا وتحزبا؛ وقد اخذت اللجنة بالعديد من الاقتراحات المقدمة من القوى السياسية والفكرية ، ومن المعروف سلفا انه لا يوجد في العالم قانون انتخاب او قانون أحزاب عليه اتفاق كامل وبلا ثغرات وان التجربة هي اكبر مختبر لمعالجة تلك الثغرات لما يخدم المصلحة العامة في ظل وعي سياسي حقيقي هدفه المصلحة العامة.
الاختلاف حول المخرجات وضع طبيعي ومنطقي جدا لاعتبارات كثيرة منها التباينات الثقافية والبيئية والمناطقية والتربية بمختلف مستوياتها، وأثرها في طريقة تحليل وتقييم أي نشاط او قرار سياسي مما يجعل تعدد الآراء في إطاره الطبيعي ولا يقود مطلقا الى حالة العدمية ورفض أي اصلاح مقترح لان الاختلاف ظاهرة صحية.
اللجنة الملكية منذ تشكيلها وصدور الإرادة الملكية بتعيين أعضائها واجهت عقبات عديدة منها شخصي لاعتبارات تعود لأشخاص كانوا يرون بأنفسهم احقية بوجودهم في اللجنة، وهناك آراء أخرى تشعر كمراقب انها عدمية؛ لأنها لا يعجها العجب ولا حتى الصيام برجب، وهناك آراء جادة قدمت اقتراحات محترمة وينظر أصحاب هذه الاقتراحان الى التوصيات بأنها دون المستوى، وهناك أسباب تتعلق بعدم تجانس أعضاء اللجنة اذا العديد منهم لهم مرجعيات أثرت على مشاركاتهم وطريقة تعاطيهم مع المشهد بشكل عام، كما ادى تصرف بعض اعضاء اللجنة وتصريحاتهم التي مست جوهر الانتماء الوطني والديني كان لها اثر في وضع العراقيل بوجه اللجنة.
مع كل هذا نرى ان المخرجات وهنا اركز على مقترح قانوي الانتخاب والأحزاب فيهما إشارات إيجابية عديدة ستساهم بالتأكيد في وضع قاطرة الإصلاح على السكة لتنطلق ضمن مراحل متتابعة للوصول الى الهدف؛ وهو برلمان حزبي يؤدي الى حكومة برلمانية على أساس برامجي لا يستحوذ فيه اتجاه على اخر الا بمقدار ما يقدم للوطن والمواطن من إنجازات حقيقة بعيدا عن اليوتوبيا لان الناس يريدون قضاء حاجاتهم والعيش بكرامة في ظل وطن تسوده العدالة خالي من الفساد والافساد وخالي من الانقسامات والعنصرية التي تعكس شرورها على حياة الناس وتبعدهم عن الهدف في تحقيق الوحدة الصادقة والانتماء الحقيقي للوطن.
وعلى ضوء تلك التصريحات أرى بان التخوف الذي روج له البعض حول مسألة الهوية والوطن البديل هي محض خيال غير مقبولة لان كل من يحمل الجنسية الأردنية هو أردني ويحق له الترشح والتحزب واشغال الوظيفة العامة، وعلى الذين يحاولون الفت في عضد المجتمع بإثارة هذه القضايا التوقف عن العبث بأمن الوطن والمواطن.
القائمة المحلية والقائمة الوطنية والعدد الكلي لأعضاء مجلس النواب والمعلومات المتعلقة بها تعتبر حجر الزاوية لسحب البساط من تحت المشككين وبنفس الوقت تشحذ الهمم نحو المبادرة للمشاركة بعيدا عن امراض الانتخابات السابقة من مال اسود واصطفافات عشائرية وتزوير لان القائمة الوطنية يجب ان تمثل 6 محافظات على الاقل ويجب ان يكون شاب وامرأة من اول ثلاثة في القائمة المغلقة إضافة الى عتبة الحسم.
بارقة امل لاستعادة البرلمان حضوره والتحرر من الضغوط الاجتماعية والمقايضات الحكومية لينصرف النائب ضمن كتلته للتشريع والعمل البرلماني كما هو مطلوب.
اما قانون الأحزاب المقترح فإنه بالتأكيد سيُنهي حالة مرضية اجتماعية تتمثل بالانا وهي الأحزاب الشخصية وستكرس الديمقراطية والشفافية داخل الحزب لذلك ستبقى الأحزاب الحقيقية على الساحة وستندثر دكاكين الأحزاب الى غير رجعة.
هذه القراءة المتأنية لا هدف شخصي من ورائها رغم ارتباطي بعلاقات طيبة مع العديد من أعضائها وبنفس الوقت عدم قناعتي ببعضهم لكن العمل الجماعي كان جديا وقد أدار السيد سمير الرفاعي المشهد برقي واضح وانفتاح غير مسبوق وتواصل مع معظم شرائح المجتمع لذلك نقول للجنة رئيسا وأعضاء الله يعطيكم العافية.
أستاذ العلوم السياسية جامعة البترا
ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري