نضال العضايلة
اكتشفت اننى شخص حالم حينما اعتقدت أن قادة الأحزاب التى فشلت فى تحقيق نتائج مرضية سوف تتقدم باستقالتها لتتيح لدماء جديدة أن تواصل المسيرة.
فى كل الديمقراطيات المحترمة، الأحزاب الجادة إذا فشلت فى أى انتخابات فإنها تسارع إلى الاستقالة، تجتمع المستويات القيادية وتحلل لماذا حدث الفشل، ثم تتخذ قرارا إما بانتخاب وجوه جديدة تستطيع إعادة بناء الحزب أو تجديد الثقة بالقيادة القديمة، وهو ما يحدث عادةً.
قلما تعودنا أن تتلازم الديمقراطية بمدخلات ومخرجات، ومن مدخلات الديمقراطية الأساسية الأحزاب السياسية، ولكل دولة من دول العالم نمط معين في تشكيل احزابها، فهناك دول الحزب الواحد، وهناك الحزبين، وهناك الأكثر الا الأردن الذي يعاني تخمة في الأحزاب.
٤٨ حزب سياسي، أو بالأحرى دكانة برامجها متشابهه، كوبي بيست، فعالياتها معدومة، عبارة عن مجموعة من الأشخاص شكلوا لأنفسهم تجمع أطلق عليه اسم حزب سياسي، يجلسون إلى مقاعده الوثيرة ويلتفون على على طاولة الإجتماعات ليقرروا ما عساهم فاعلون، ثم ينتهي الإجتماع ببيان منسوخ عن أحد البيانات لأحزاب أخرى، وهكذا دواليك.
انا لا أتحدث عن كل الأحزاب فهناك احزاب تحترم نفسها، مثل الأحزاب القومية وبعض الأحزاب الإسلامية، ولكن المؤسف أن هناك أحزاباً تدعي الوطنية، لها أفعال يندى لها الجبين، أحزاب فاشلة بمعنى الكلمة، أحزاب تدعي أنها شعبوية وهي لا تملك من الشعبية الا الفتات.
الكثير من الأحزاب لم تتمكن من أن تثبت قدرتها على أن تكون أحزاباً فاعلة أو حتى بشكل مقبول، وهذا سبب فشلها، وكل التجمعات باستثناء الإخوان المسلمين لم تتمكن من ان تزيد في عدد أعضاءها، لأنها مكشوفة ومعروفة لدى الشعب.
انا لا أهاجم الأحزاب، بل أهاجم قياداتها الفاسدة والفاشلة، فغالبية أعضاء هذه الأحزاب وطنيون ومثاليون ومعظمهم دفع ثمنا غاليا نظير مواقفه المبدئية، إلا أن المتمسكين بالقيادة الحزبية اضروا بهؤلاء لا بل ورطوهم بحيث وجد مرشح ما نفسه وحيداً بعد أن وعدته قيادة حزبه بتبني ترشحه ليتفاجأ بعد ذلك أن الحزب قد اخلف وعده وعهده معه.
إحدى الفوائد الكثيرة للانتخابات الحالية أنها ستقضى على الأحزاب الكرتونية، ولن يستطيع حزب أنبوبى أن يخرج علينا الآن ويدعى أنه يمثل الشعب، لأننا وقتها سنقول له: منك وورا.
لو أن أى رئيس حزب أو أمينه العام فشل فى تحقيق نتيجة جيدة فى الانتخابات الأخيرة وكان يملك حدا أدنى من احترام نفسه ذهب إلى قواعد حزبه وقدم استقالته، فسوف نحييه ونتعامل معه باعتباره سياسيا حقيقيا قرر التنحى جانبا بعد إخفاقه وقد يمكنه العودة ثانية فى المستقبل فى ظروف مختلفة، لكننا للأسف نكاد لا نرى خجلا بين قادة هذه الأحزاب.
أعتقد أن أولى خطوات تطهير الأحزاب، أن يسارع الشرفاء فى كل الأحزاب خصوصا القديمة إلى عزل الرؤساء الفاشلين بالطرق الديمقراطية، فلن يكون لدينا حياة سياسية نظيفة وأمثال هؤلاء يركبون فوق أكتاف أحزابهم.
عجبت لمن لا يجد ديمقراطية فى حزبه ولا يخرج شاهرا سيف الإقالة فى وجوه قادته، فأكثرية أحزابنا فاشلة، ففي تدبِيرِ وتسيير الشأن العمومي والمحلي، وتوظيف كفاءاتها، وفي الممارسة الإيجابية للديمقراطية الحزبية، وفي ما تخوله الديمقراطية الوطنية، وإلى هذا، المواظبة على تصحيح أخطائها، أساسيات تشكل عرقلة لنفسها ولغيرها، ولواجباتها تجاه الوطن والمواطن.
أحزابنا تقف حجر عثرة أمام احتمال نجاح ما، لفائدة كل البلد، وهي عاجزة نفسيا عن الانفتاح على الجميع، وعن ابتكار حلول لقضايا الوطن، هي أحزاب الأنا، لا أحزاب للجميع، في عمقها تملك المشكلة الاجتماعية، بخلفياتها التاريخية، وسلبياتها وإيجابياتها، ولا تملك مفاتيح الحلول، في مجراها السياسي والاقتصادي، أحزاب تعارض من لا يماشيها، وها قد وصلت إلى الباب المسدود، ونجاحها مستحيل، لا مع الذات فقط، أيضًا مع الآخر.
أحزابنا فاشلة لاسباب منها أنها ليست وحدها في الساحة، لها شركاء هم أيضاً متحزبون، وعلى صلة بممولي الصناديق الانتخابية، وأيضاً بشبكة من الأباطرة، أحزاب ليست على حال واحدة، وفيها الغث والسمين، والمسموح به والمحظور.