بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
الإصلاح في معناه الحقيقي هو اتخاذ كل الخطوات اللازمة لبناء مشروع وطني حقيقي يكون المرآة التي تعكس الإرادة الحقيقية لجعل الديمقراطية منهج حياة من اجل ترسيخ قيم ثابتة واصيلة يتم البناء عليها واعلاء مداميك الحرية، ويُمكن القياس عليه وتطويره بهدف تمتين المجتمع وحمايته من الاختراق.
ولا يختلف اثنان على ضرورة تمكين المواطن من المشاركة السياسية لأنها السبيل الوحيد لتفريغ الطاقات وشحذ الهمم وتعزيز الانتماء وقتل النفاق والاستجداء واقصاء لكل نخب الفساد وقوى الشد العكسي.
من الواضح ان العالم الثالث يسير بعكس الاتجاه عند الحديث عن الديموقراطية واساسها الحرية وحقوق الانسان ويختلق قصص واوهام يسوقها نخب فاسدة وتنطلي على البسطاء؛ منها ان الشعب غير جاهز للديموقراطية، او اننا نحتاج لفترة زمنية حتى تطبق، وللأسف نجد ان من يسوق لمثل هذه الأفكار هم افراد النخبة الذين تلوثوا في الفساد والكولسات وتفننوا في استخدام المصطلحات التي تعيق أي مشروع إصلاحي حقيقي واستندوا الى أخطاء فرعية او سلوك منحرف لفئة حتى يعمموا ذلك على الشعب كلة وان الدولة مهددة اذا تمكن هذا الفريق او ذاك، وتناسوا ان الديمقراطية في جوهرها هو التنافس على السلطة من خلال برامج حقيقية من أجل الوصول اليها من خلال صناديق الاقتراع.
الحالة في الأردن لا تختلف كثيرا عما يجري في دول العالم الثالث وان سبقنا الكثير من تلك الدول، رغم استقرار النظام السياسي ووجود إقرار والتزام وقناعة من قبل كافة أطياف المجتمع بالمحافظة على شكل النظام باعتباره مظلة للجميع ولا يمكن المساس به لأنه مصلحة للجميع، وما يسعون له هو التمكين السياسي كما بقية الشعوب من خلال تكريس الديمقراطية وتداول السلطة من خلال أحزاب سياسية تتنافس بحرية وشفافية وتشكيل حكومة برلمانية.
إذ لا يمكن انكار قدرة الشعب على المشاركة في حال تمكينه وتأطيره ضمن تيارات برامجية تتبادل الأدوار وتتنافس من أجل خدمة مصالح الوطن العليا وليس جيوب النخب وفسادهم.
المراقب لكل ما يدور على الساحة الأردنية يرى ان النخب كانت سببا حقيقيا لأقصاء الشعب وعدم تمكينه من المشاركة السياسية الحقيقية، ففي كل مرة نتفاءل فيها نجد المعوقات والمطبات المفتعلة التي تكرس اليأس وانعدام الفائدة من أي مشاركة سياسية.
مشكلتنا الحقيقة مع النخب واطماعها وصراعاتها التي القت بظلالها وخلقت لها تيارات داخل المجتمع تمجدها ومرتزقة يصورونهم على انهم ملائكة.
ومع ذلك نأمل ان تخلص اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية للتوصل الى ما يبدد كل هذه المخاوف والشكوك من أجل بناء ديمقراطية حقيقية تمكن المواطن سياسيا بعيدا عن كل الاحباطات السابقة.