العين سمير الرفاعي, واللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الأردنية ..

3 أغسطس 2021
العين سمير الرفاعي, واللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الأردنية ..

بقلم الدكتور مصطفى التل

طالعنا العين سمير الرفاعي رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية من على فضائية المملكة , في حوار مع المذيع المبدع (عامر الرجوب) من خلال برنامج صوت المملكة , وهو يتحدث عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الأردنية , وحديثه عن الحياة الحزبية في الأردن , والهدف النهائي للجنة حسب تصوراته وتصورات اللجنة .

حقيقة أصدر مجموعة أحكام مسبقة , منها ملاحظات نعتبرها تدخل في القضاء الشرعي والمنظومة القضائية الشرعية والتي تنظر في حالة قضائية تخص عضوين من أعضاء اللجنة, ومنه ما هو مؤسس على آمال مستقبلية من خلال برلمان أردني حزبي , وكما يقول نسّب الى جلالة الملك بمدة وقدرها 20 عاما لنرى حياة حزبية فاعلة في الأردن , ولا نعلم حقيقة ما هو أسس برنامجه الزماني هذا .
وبدأ التعرض لبعض الفئات و وصفها بأنها تريد افشال اللجنة , وتريد افشال التقدم حسب وصفه .

* (أخطأت واعتذرت، ولكن بعض الأشخاص ذهبوا “للتكفير” ولا أقبل بذلك ) ….

هذا ما قاله رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الأردنية , في إشارة لما تفوّهت به عضو اللجنة السابقة , وفاء خضرا .

ووفاء خضرا كانت قد استهانت بشعيرة يؤديها المسلمون في عيد الأضحى , تماشيا مع دينهم وعقيدتهم , وكان الشعب الأردني قد استنكر ما قالته الخضرا , وما صرحت به على صفحتها الشخصية , واعتبروا ما قالته تعدٍ واضح على دينهم وعقيدتهم .

فما كان من عموم الشعب إلا أن نادى بمحاسبة الخضرا على ما كتبته , وتم تحويل أمر الخضر ومعها عضو آخر الى القضاء الشرعي , والذي هو يحقق الآن فيما نسب اليهما من أقوال , وعليه يتم تكييف القضية قانونيا , وضمن أدلة قضائية , فإما أن تبرأ أو تدان .

وأعتقد هذا يعكس مدى التزام الشعب الأردني بالقانون , ويعكس مدى احترامه للمنظومة القانونية في الأردن, لا بل جسّد الشعب الأردني بعفويته دولة القانون التي تنادون بها انتم شخصيا , وتمثّل في أن القانون فوق أي شخص , ولم يلجأ الشعب الى طرق همجية في محاسبة العضوين , بل لجأ الى أقصى درجات التمدن والتحضر , وحصر الأمر بين يدي الفضاء , وهو الذي يقول كلمته في الحالة القضائية المعروضة أمامه .

أما بالنسبة لقصة التكفير , وتقبل بهذا أم لا تقبل , فهذا أمر لا يعود لك , هذا أمر قضائي قبل أن يكون شخصي , وكلمة التكفير يستعملها بعض الأشخاص كالسيف المسلطة على رقاب البعض الآخر , في حملة ممنهجة وكأنها تنفير من حكم شرعي قضائي ألا وهو ( حكم الردة عن الدين ) .

نعم نحارب داعش في فكرها المتطرف , واهم نقطها نحاربها فيها هي تكفيرهم المطلق للشعوب الاسلامية , وهذا أمر أعطى البعض الضوء لركوب الموجة في اخافة عموم الشعب الأردني من كلمة ( ردّة ) , أو استعمال هذا الأمر , في حملة ممنهجة لمحاولة طمس هذا الحكم من العقيدة الإسلامية , ومحاولة تعطيله ولو معنويا .

هو حكم رباني أُنزل من فوق سبع سموات من فوق العرش العظيم , ربّك أيها العين ورب الشعب أجمع , خالقك وخالق الكون , هو الذي أنزل حكم الردة , وأنزل معه حد الردة , ووضع الأمر في اعتبار المسلم مرتد أو غير مرتد بيد قضاة الشرع , هم الذين يحكمون بردة المسلم أو بعدم ردته , وليس أنا أو انت . وليس لأي مخلوق على وجه الأرض حتى يرث الله الأرض وما عليها أن يلغي هذا الحكم من العقيدة والشريعة الإسلامية .

نحارب التطرف والتنطع في الدين , ولكن هذا لا يعني الانفلات والانعتاق من العقيدة وأحكامها والشريعة وحدودها , بل محاربتنا للتطرف لا يجعلنا أن نقع في تطرف مقابل في الغاء حدود الشريعة الربانية , وتعديل العقيدة الاسلامية .

نضع الأمر بين يدي القضاء , وهو الحاكم على الأمر , ومن هنا لا يحق لك و لا لأي جهة تنفيذية , ولا لأي شخص في الأردن أن يحكم ببراءة شخص أو إدانة شخص , في مسألة قضائية منظورة أمام القضاء الأردني , حتى يصدر الحكم القطعي في ذلك , والقضاء الشرعي جزء من المنظومة القضائية الأردنية , وله نفس مكانة القضاء النظامي , فلا يحق التدخل في أي امر قضائي مهما كان , ولو تلميحا , ان كانت القضية منظورة أمام القضاء بمختلف تصنيفاته أو مسمياته .

* (بعض الأشخاص لا يريدون النجاح للجنة الملكية يصطادون بعض الآراء الشخصية لأعضائها، و من لا يريد الإصلاح يعمل على محاربة اللجنة(

هذا ما قاله العين سمير الرفاعي في برنامح ( صوت المملكة ) , وكأنه يضع اللجنة كهيئة مقدسة , ويمنع معارضتها أو معارضة أي رأي يخرج منها .

أيها العين الفاضل , انّ الذي ينادي بالديمقراطية والرأي والرأي الآخر , لا يحجب الآراء ولا يمنع مداولة الآراء , ولا نقد الآراء , بل هي عملية صحية تمارسها ارقى شعوب العالم التي تعتبرها أنت مثال يُحتذى للشعب الأردني , وتعمل جهدك في أن يتقلّد الشعب الأردني خطوات تلك الشعوب , حتى نخرج للمدنية ودولة القانون كما تنادي .

ورمي التهم هنا وهناك لأي منتقد لرأي اي عضو من اللجنة , ليست من الديمقراطية التي تنادون بها بشيء , بل تعكس مدى تمسكم بالرأي الواحد , والرأي المحصور داخل هذه اللجنة .

ثم ان عموم الشعب , لا يتمنى أن تفشل اللجنة في دورها , ولا يحاربها , ولا يعارضها في مسألة التحديث , بل هو مطلب شعبي بامتياز , وسبقك الشعب الأردني للتحديث سنوات طويلة , منذ نشوء الامارة في شرق الاردن , حيث أخرج الشعب الأردني الميثاق الوطني الأول عام 1928 , وبعده بسنوات طويلة , أخرج لنا الميثاق الوطني الثاني عام 1991 .

الشعب يريد التحديث , ويسعى للتحديث , ولكن الفرق هو أن الشعب يريد التحديث ضمن ثوابت الوطن , منطلقا من ثوابته التي ارساها أهل الوطن بدمائهم قبل قلوبهم , والتي رووها بأرواحهم الفيّاضة من بين جنباتهم .

ثوابت الوطن , هي الدين , والوطن , والملك , الدين الاسلامي الذي يمثل بكل ما يحمل من شرائع , عقيدة , معاملات , أخلاق , ووطن يحمل شعلة الدين الاسلامي الذي يتباهى الوطن بأنه بوابة الفتح الاسلامي في ملاحم لا زالت قبور أصحابها رضوان الله تعالى عليهم مغروسة في قلب هذا الوطن , ومؤسسة العرش التي تستمد شرعيتها من هذا الدين الاسلامي .

فالذي يحارب اللجنة ليس الشعب , ولا بعض تيارات هذا الشعب , بل الذي سيُفشل اللجنة يكمن بداخلها, ويجلس في قاعاتها , ويشرب قهوته على طاولاتها , وليس من خارجها , فالذي يصادم عقيدة هذا الشعب , أو دينه , في مقالات لا تحسب لهذا الشعب أي حساب , ولا تحسب للمنظومة العامة الأردنية ولا النظام العام الأردني أي حساب , معتقدا انه في لجنة تعطينه حصانة عن المحاسبة القانونية , هو الذي يريد للجنة أن تفشل .

الذي يفهم أن اللجنة هي مشيخة عرب , وفتح مضافات , ويبدأ بتوزيع الآراء , يمينا وشمالا , ويبدأ برؤية أنفه انه اعلى من الشعب الأردني , بحكم أنه عضو في اللجنة , هذا الذي سيفشل اللجنة من داخلها .

الذي اعتقد أن اللجنة ستحميه من أي مسائلة أخلاقية أو دينية أو قانونية , هذا الذي يسعى في افشال اللجنة من داخلها , وليس الذي يدافع عن وطنه وثوابته بوجه من يريد هدم هذه الثوابت لمجرد أنه عضو باللجنة .

الطعن في الدين , والطعن في الوطن , والرمي بجيشه , والطعن بقيادته , والطعن في معارك الشرف والبطولة والشهادة , ليست آراء نتصيدها . بل هي كوارث نمنعها , هذه الكوارث التي اصبحت أعضاء في اللجنة , بربّك كيف سيؤمن لها الشعب بأنها ستنتج برنامجا سياسيا سويا , يكون ركيزة تقدم سياسي للشعب الأردني , وهي لا تنظر الى ثوابت هذا الشعب ؟!!

* (السير إلى الأمام يتطلب قبول جميع الآراء دون إقصاء(….

جميل هو توظيف عباراتك ومصطلحات في السياق العام لما تريد أن تقوله , وتُنظر له , وحقيقة أحسدك على هذا التوظيف , واُقر أن هكذا توظيف لعبارات تحتاج الى ديناميكية فكرية شخصية وفكرية فريدة , بل تفوّق في طريقة التفكير , لتنسجم مع الهدف العام .

ولكن اسمح لي أن أقيّد بعض العبارات والتي جاءت مطلقة , وغير محدودة بمعايير واضحة , فجميع الآراء , هذا يعني أنك تريد قبول كل الآراء , بدون تقييد , أو تحديد , الآراء التي تريد بناء هذا الوطن , وتخدمه , وترفع من شأنه , وتدافع عنه وعن ثوابته , ويدخل فيها من جهة أخرى تلك الآراء النشاز عن الوطن وثوابته .

فالإطلاق في هذه المواضع لا تفيد , بل نتائجها عكسية حتما , فالذي يهاجم قيادة هذا الوطن , ويطعن بشرعيتها , ويطعن بجهاد أسلافها , هذا ليس رأي يقبل , وهذا رأي يجب اقصائه وجوبا .

والرأي الذي يرى أن الأردن غير قادر على الدفاع عن نفسه وعن مصالحه , وعن شعبه , هو رأي نشاز أيضا , يجب أن يقصى وجوبا , وليس اختيارا .

والرأي الذي يرى أن الشعب الأردني متخلف , همجي , غير قادر على التمدن إلا بالإجبار , هو رأي أيضا غير منتج , وهدّام , يجب أن يقصى أيضا وجوبا .

والرأي الذي يرى أن الشعب الأردني هو شعب رجعي ويصنفه تصنيفا أيدلوجيا حسب مساره التقدمي كما يدعي , ويرى نفسه أنه تنوير لهذا الشعب , ومعتقدات وشريعة هذا الشعب رجعية , هو رأي نشاز , وليس رأي معتبر . ولا يمثل حقيقة أي وزن نسبي داخل هذا الشعب حتى تقول نقبله !!!!

فمثل هذه الآراء هي التي تجعلنا نسير الى الخلف , ولن نتقدم قيد أنملة الى الأمام , ان هي لا زالت في موضع يسمح لها أن تضع العصي في الدواليب بآرائها الغير منضبطة , والغير موضوعية , والعدائية للشعب , كأنها تصطنع معركة مع الشعب بشكل مباشر ومقصود لغاية في نفسها .

* (ان اللجنة تمثل جميع أطياف المجتمع وتياراته السياسية لذا فإن الاختلاف بوجهات النظر طبيعي ( .

قولك هنا , حقيقة الشعب لا يعتبره كذلك , ولو انك نظرت باحصائية بسيطة , لما يعتقده عموم الشعب في تمثيل هذه اللجنة لجميع أطيافه , لوجدت أن الأمر لا يتعدى عقول أعضاء اللجنة فقط .

الشعب لا زال يستفسر حتى اللحظة : كيف عُينت اللجنة , وكيف تم اختيارها , وما هي الأسس التي تم الاختيار عليها ؟! نام الشعب ليلته , وفي الصباح تفاجأ بوجود لجنة , كيف , لماذا , متى ؟ لا يعلم .

الكثير من أعضاء اللجنة لم يسمع الشعب بهم , إلا من خلال تعداد الأسماء في وسائل الأعلام , من هم ؟ ماذا قدموا ؟ أين انتاجهم السياسي حتى يكونوا أعضاء في هذه اللجنة ؟

بل الكثير من أعضاء اللجنة عبارة عن أشخاص مبهمين للشعب , لا يعرفهم ولا يعرفوا الشعب . حتى يقتنع الشعب بأن هؤلاء الأشخاص يمثلون أطياف هذا الشعب .

على كل يبقى الشعب الأردني , ينظر الى مثل هذه اللجان , كما نظر الى اللجان التي سبقتها , وأغلب الشعب الأردني , والأغلبية الصامتة ان صح التعبير , غير متفائلة بعمل هذه اللجنة , ويعتقد أن قراراتها ومقترحاتها ستبقى حبراً على ورق , وستلحق بلجنة الميثاق الوطني الثاني لعام 1991 , و تبقى المقترحات مجرد وثيقة معروضة على المواقع الرسمية الأردنية .

ولن نستبق الأحداث , ننتظر النتائج والمقترحات , وعندها نحكم على عمل اللجنة , لأن المقترحات لا يمكن أن تأخذ حيّز التفعيل , إلا أن تنال ثقة الشعب , وتنال قناعته , والشعب الأردني ليس شعبا جاهلا , ولا هو بسيطا في اطلاعه وتجاربه مع مثل هذه اللجان , بل هو من أرقى الشعوب وأكثرها علما , ولكن قعر الزجاجة التي وضعمتونا فيها نتيجة سياستكم واقتراحاتكم وتنظيراتكم الاقتصادية قبل السياسية , عطّلت أي تفاؤل عند الشعب .

وللحديث بقية ان شاء الله تعالى , ان بقي في العمر بقية .