كيف يمكن أن يؤدي إفراطك في العمل إلى موتك؟

28 مايو 2021
كيف يمكن أن يؤدي إفراطك في العمل إلى موتك؟

 

دقت دراسة جديدة أجراس الإنذار فيما يتعلق بالتبعات المحتملة للعمل ساعات أطول من المعتاد، إذ أظهرت أن من يعملون أكثر من 54 ساعة في الأسبوع، يتزايد خطر تعرضهم للوفاة جراء الإفراط في العمل، في ظل بيانات تفيد بأن ذلك يودي سنويا، بحياة نحو 750 ألف شخص.

لم تعبأ ليزا تشوي، المحللة في مجال المال والأعمال، في البداية بأعراض مرضية شعرت بها، وكان ينبغي أن تُنذرها بأنها تعاني من مشكلة صحية ما.

فتشوي، البالغة من العمر 53 عاما، سيدة نشيطة للغاية، تتمتع بلياقة بدنية جيدة، وتتبع نظاما غذائيا نباتيا، وتتجنب الأطعمة الغنية بالدهون، كما تستقل الدراجة بانتظام، ما جعلها – للوهلة الأولى – بعيدة كل البعد، عن سمات وصفات “الضحايا النموذجيين للأزمات القلبية”.

لكن تشوي، التي تتخذ من مدينة سياتل الأمريكية مقرا لعملها، كانت تعمل لنحو 60 ساعة أسبوعيا، بما في ذلك خلال فترات المساء والعطلة الأسبوعية. فضلا عن ذلك، كانت هذه السيدة تدير مشروعات معقدة ذات طابع رقمي، وتلتزم بإتمام إنجاز الكثير من المهام في إطار زمني محدود. وبالنسبة لها، كان هذا العبء معتادا بكل معنى الكلمة، إذ كانت تقول دائما: “عملي حافل بالضغوط، وعادة ما انخرط فيه، على نحو يشعرني بالإرهاق”.

غير أن تشوي بدأت أخذ الأعراض المرضية التي تواجهها على محمل الجد قبل شهور قليلة، عندما شرعت فجأة، في الشعور وكأن سندانا ما يضغط على صدرها. وتبين لاحقا في المستشفى، أنها تعاني من تمزق في أحد شرايينها، وهي علامة مُميزة للإصابة بما يُعرف بـ “التسلخ التلقائي للشريان التاجي”، وهي حالة مرضية في القلب نادرة الحدوث نسبيا، تصيب النساء والشبان تحت سن الخمسين، بشكل خاص.

وعندما قيل لتشوي إنها ستحتاج إلى تدخل جراحي لعلاج شريانها، كان أول ما جال بخاطرها – للمفارقة – أنه لا يوجد لديها وقت كافٍ لذلك، فـ “أنا أعكف على وضع جدول يخص عملية نقل العاملين من مكان لآخر، وأتولى القيام بكل الأمور المتعلقة بذلك بنفسي”.

ولا يشكل ما مرت به هذه السيدة حالة فريدة من نوعها؛ فهناك الكثيرون ممن يجدون أنفسهم في حالة صحية متداعية بسبب العمل المكثف. وقد أُجريت مؤخرا دراسة جديدة، يُقال إنها الأولى من نوعها على الإطلاق، على صعيد محاولة تحديد الأمراض التي يتحمل العالم أعباء مواجهتها جراء العمل لساعات طويلة. وأظهرت هذه الدراسة مدى قتامة الصورة على هذا الصعيد.

وفي ورقة بحثية نُشِرَت في 17 مايو/أيار، قال باحثون من مؤسسات تشمل منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية، إن 750 ألف شخص تقريبا يفارقون الحياة سنويا، بسبب الجلطات وأمراض القلب الإقفارية الناجمة عن العمل لساعات طويلة. ويشمل هذا النوع من أمراض القلب، الذي يُعرف كذلك بـ “أمراض القلب التاجية”، المعاناة من ضيق الشرايين.

ورغم أن “التسلخ التلقائي للشريان التاجي”، لا يندرج على قائمة أمراض القلب الإقفارية التقليدية، فإنه يتشابه مع هذه الأمراض، في أن التوتر وارتفاع ضغط الدم، يشكلان أحد أبرز العوامل المُسببة لها جميعا.

وتشير هذه الأرقام إلى أن عدد الوفيات جراء الإفراط في العمل، يزيد عن نظيره الناجم عن الإصابة بمرض مثل الملاريا، ما يعني أننا إزاء أزمة صحية عالمية، تتطلب إبداء اهتمام من جانب الأفراد والمؤسسات والشركات والحكومات، على حد سواء. ومن شأن عدم التوصل إلى حل لهذه المشكلة، استمرارها، بل وتفاقمها على الأرجح كذلك، حسب “بي بي سي”.