أ.د. مصطفى عبروط
أعاد نجاح رؤساء لجان بلديات في عملهم وانجازاتهم على الواقع في مدة قصيرة بعد التعيين ، ولا سيما الكبرى منها، فتح النقاش مجددًا حول جدوى تعيين رؤساء البلديات مقابل انتخابهم. فرغم قِصر مدة عمل هذه اللجان، يلمس المواطن المتابع مثلي في مدن كبرى مثل الزرقاء وإربد تحسنًا وإنجازا واضحًا، بل وجذريًا، في خدمات النظافة، وتعبيد الشوارع، وتنظيم العمل البلدي، ومستوى المتابعة والرقابة.
ويُسجَّل لبلدية كبرى كالزرقاء التي اتجول فيها واسمع الناس مثالٌ لافت؛ إذ وصلت مديونيتها كما تابعنا في سنوات سابقة إلى أكثر من مائة مليون دينار، بينما تشير المعطيات اليوم إلى قدرتها على دفع الرواتب دون اللجوء إلى الاستدانة من البنوك، مع تحقيق وفر مالي كما سمعت من غير مسؤولين في البلديه يُقدَّر بنحو سبعة ملايين دينار، خلال فترة قصيرة نسبيًا من عمل اللجنة البلدية. ويعزو كثيرون كما اسمع من الميدان هذا التحسن إلى وضوح القرار، والمساءلة المباشرة، والحد من التدخلات والواسطات.والمحسوبيات والبعد عن شعارات قد لا تنفذ على الواقع
في المقابل، يطرح آخرون رأيًا مغايرًا، يتمسك بأهمية استمرار انتخاب رؤساء البلديات وأعضائها، بما في ذلك البلديات الكبرى مثل الزرقاء وإربد والسلط والكرك، أو كل البلديات أو كما كان من عام ٢٠٠٣-٢٠٠٧ بتعيين رئيس البلديه ونصف الاعضاء ونصف الاعضاء انتخاب انطلاقًا من الحرص على المسار الديمقراطي، وتجنب أي انطباع خارجي او اصوات من الداخل بتراجع المشاركة الشعبية في إدارة الشأن المحلي.
وهنا يبرز سؤال جوهري:
إذا استمر خيار الانتخاب، فهل نحن مستعدون لتحمّل تبعاته؟
إن استمرار الانتخابات يفرض تحديًا حقيقيًا على المواطن في حسن الاختيار، وانتقال البعض من منطق القربى والعاطفة والمناطقية والمصالح الشخصيه إلى منطق الكفاءة والقدرة على الإنجاز. فرئيس البلدية اليوم لم يعد مجرد موقع خدماتي، بل هو قائد اداري تنموي، مطالب بإدارة الموارد ، وإغلاق المديونية، وجذب الاستثمار، وتسويق المدينة، وبناء فرق عمل فاعلة.
وهذا يتطلب مرشحين ذوي خبرة إدارية، وتاريخ مهني واضح، وتأهيل علمي وسيرة ذاتيه ناجحه وبرامج قابلة للقياس، وتقييمًا دوريًا للأداء، لا يقل عن مرة كل ستة أشهر.
أما إذا أُسيء الاختيار من قبل الناخب ، فإن المسؤولية تقع أولًا وأخيرًا على المواطن نفسه، الذي قد يجد لاحقًا أنه أسهم – بحسن نية – في إيصال من لا يملك القدرة على الإدارة، ثم يعود ليشكو من التذمر وضعف الإنجاز وتردي الخدمات أو تراجعها ، حتى لو كان المنتخب قريبًا أو صديقًا أو ابن منطقة.
من هنا، يرى كثيرون أن تعيين رؤساء البلديات، خصوصًا الكبرى منها، هو الخيار الأقرب لتحقيق الاستقرار والإنجاز السريع، لأن المواطن في النهاية يريد بلديات تنموية، وقيادات إدارية محترفة، تعمل بدقة وسرعة، وبعيدة عن آفة الواسطة والمحسوبية السلبية اينما وجدت التي لم تُنتج عبر السنوات إلا مزيدًا من التذمر وتراجع الأداء.
فليست القضية تعيينًا أو انتخابًا بحد ذاتهما، بل من يدير البلدية وكيف تُدار. غير أن التجربة أثبتت، في حالات عديدة، أن الإدارة المهنية الخاضعة للمساءلة الواضحة قادرة على إنقاذ البلديات من المديونية، واستعادة ثقة المواطن، وتحويل البلدية من عبء مالي إلى رافعة تنموية.
ويبقى القرار، أيًا كان شكله، بحاجة إلى هدف واحد لا خلاف عليه:
خدمة المواطن، وبناء بلديات قادرة على الاعتماد على ذاتها، والإنجاز لا الشعارات التي قد ترفع ولا تنفذ نهائيا فيدخل البعض في دوامة جلد الذات والتي لا يرغب بها أحد والأساس هو النقد البناء وقدرة وتحمل المسؤول على النقد البناء والمسؤول الذي لا يتحمل النقد البناء لا يستحق أن يبقى في مكانه أو يرشح نفسه رئيسا لبلدية أو عضوا في مجلس بلدي أو اي مكان عام وخاص
للحديث بقيه






