نتنياهو يناور لتعطيل خطة ترامب.. التزام بالتهدئة علناً وتصعيد عسكري على عدة جبهات

11 ثانية ago
نتنياهو يناور لتعطيل خطة ترامب.. التزام بالتهدئة علناً وتصعيد عسكري على عدة جبهات

وطنا اليوم:تزعم حكومة الاحتلال أن تجديد العدوان على غزة، الذي أسفر عن استشهاد 24 فلسطينياً في اليوم الأخير، مردّه انتهاك اتفاقية وقف النار من قبل حركة “حماس” بدخول بعض جنودها المنطقة الحرام وفتح النار على قواتها، بيد أنها تحاول فعلياً تعطيل المرحلة الثانية منها، وتكريس أجواء الحرب لاعتبارات سياسية وداخلية.
بالتزامن تواصل ستة طواقم من 21 دولة الاجتماعات داخل قاعدة أمريكية في بلدة “كريات غات” الإسرائيلية (عراق الشباب الفلسطينية المهجّرة) بغية صياغة خطط المرحلة الثانية من خطة ترامب التي باتت أممية، تشمل موضوع إعادة التعمير في غزة، بناء مناهج تعليم، بل حتى تأهيل أئمة المساجد، وبناء قوات دولية تشرف على نزع سلاح القطاع، التي تحتاج لشهور كثيرة، طبقاً لتقديرات جهات إسرائيلية تسوّغ ذلك بالقول، اليوم، إن الدول المشاركة لا تسارع لإرسال قوات للقطاع بمهمة نزع سلاح “حماس” خوفاً من الاحتكاك وتعريض جنودها للخطر.
ويستبعد الوزير في حكومة الاحتلال زئيف إلكين (الليكود) أن تقوم قوات دولية بتفكيك سلاح “حماس”، منوّهاً أن ذلك منصوص عليه في بند أساس وجزء لا يتجزأ من خطة ترامب، ولذا على إسرائيل أن تفعل ذلك في نهاية المطاف بنفسها.
وحول الخطة بشكل عام حذّر إلكين، في حديث للإذاعة العبرية الرسمية اليوم، من أن هناك مصالح كثيرة لترامب والإدارة الأمريكية خاصة بهم، وهم لا يعملون عندنا ولهم مصالح في دول عربية وإسلامية، مبرراً فكرة معاودة الحرب عند الحاجة.

رسمياً، قال رئيس حكومة الاحتلال، في منشور في تطبيق “إكس”، إن إسرائيل ملتزمة باتفاقية وقف النار في غزة، لكنه على الأرض يصعّد على عدة جبهات؛ فقد تجدد القصف الإسرائيلي لرفح وخان يونس، صباح اليوم الأحد، وكذلك تشهد الجبهة اللبنانية تصعيداً في الهجمات والاعتداءات وفي التصريحات، بذريعة أن “حزب الله” يعيد ترميم نفسه ويستعد لتنفيذ عملية كبرى ضد أهداف إسرائيلية.
هذه الرغبة بالتصعيد وتوتير الأوضاع أكثر فأكثر في المنطقة هي الدافع الأساس خلف زيارة نتنياهو الاستفزازية، في الأسبوع الفائت، لقمة جبل الشيخ، المحتلة منذ عام ونيف، وهي ترتبط باحتياجات العلاقات العامة، ولا مبرر أمنياً حقيقياً لها. نتنياهو الذي يشكك معظم الإسرائيليين بروايته الرسمية حول الحرب، ويطالبون بلجنة تحقيق، يحاول هندسة وعيهم مجدداً والفوز بصورة “سيّد الأمن” الذي يدير حرباً كبرى على عدة جبهات، ويحقق فيها انتصارات، طمعاً بأن هذه الصورة ستحسّن هيبته ومكانته في الذهنية الإسرائيلية العامة، وتثمر عن نتائج انتخابية تبقيه في سدة الحكم، علماً أن إسرائيل تقترب من الانتخابات العامة (أكتوبر 2026، وهناك احتمال كبير بأن تجري قبل ذلك).
وترى جهات إسرائيلية أن نتنياهو، بسعيه لتجديد الحرب، يبحث عن تعطيل خطة ترامب كونها تشمل بنداً حول “مسار آمن لدولة فلسطينية”، وهذا من شأنه أن يوظف ضده في الجولة الانتخابية القادمة نظراً لمعارضة أغلبية الإسرائيليين لفكرة “الدولتين”، خاصة الآن بعد الحرب، فهم يرون بها “هدية للإرهاب بعد السابع من أكتوبر”.

عن مآرب نتنياهو
على هذه الخلفية، ترجّح صحيفة “هآرتس” العبرية، في افتتاحيتها اليوم الأحد، أن نتنياهو يرغب بتجديد الحرب في غزة ولبنان من أجل صدّ عملية تطبيق خطة ترامب المكونة من عشرين بنداً، خطة “مسار السلام في الشرق الأوسط” من وجهة نظر الإدارة الأمريكية. وتوضح “هآرتس” أن خطة ترامب هذه لا تحظى بما يكفي من جهد أمريكي لتطبيقها على الأرض، وإسرائيل من جهتها تقوم باستغلال الفراغ من أجل إنتاج واقع يحول دون التقدم بها.
ومن هنا تستنتج الصحيفة العبرية ضرورة أن تعي الإدارة الأمريكية مآرب نتنياهو، وتقول إنه على ترامب وقفه وفرملته، مثلما تكرّر أيضاً دعوتها لتشكيل لجنة تحقيق رسمية ورفض نية الحكومة تشكيل لجنة تحقيق حكومية تكون “وسيلة للتغطية على فشلها وإخفاقاتها”.
في الأثناء، ومنذ الإعلان عن نهاية الحرب على غزة رسمياً، يصعّد الإسرائيليون مطلبهم بتشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث السابع من أكتوبر وبالحرب على غزة، فقد تظاهر عشرات الآلاف في تل أبيب، خلال الليلة الماضية، مطالبين بالتحقيق بالإخفاقات عبر لجنة تحقيق رسمية.
وتعتبر أغلبية الإسرائيليين أن الطريق الوحيدة لمحاسبة المسؤولين، تصحيح الأخطاء، واستخلاص الدروس، والاستشفاء العام، ومنع تكرار الإخفاقات، تكمن بلجنة تحقيق رسمية، بمعنى لجنة مستقلة يرأسها قاضٍ متقاعد، كما حصل في الماضي، حيث شُكلت لجان كهذه، مثل لجنة التحقيق الرسمية “أغرانات” بعد حرب 1973، لجنة تحقيق كاهان بعد حرب لبنان الأولى عام 1982، ولجنة فينوغراد بعهد حرب لبنان الثانية عام 2006، ولجنة أور بعد قتل وإصابة عشرات من المواطنين العرب في إسرائيل خلال تظاهرهم في مطلع الانتفاضة الثانية عام 2000، وغيرها.

لجنة تحقيق حكومية
لكن حكومة الاحتلال تريدها لجنة تحقيق حكومية، وهذا يعني تبرئة ذاتية مسبقة من تهم الفشل والاستهتار التي ستدين قادتها وتحملهم المسؤولية عن الفشل، وعندئذ المساس بمكانتهم وشعبيتهم وحظوظ انتخابهم، لا سيما أن إسرائيل دخلت عام انتخابات، وكل حدث سيؤثر على وعي ومواقف الإسرائيليين، وبالتالي على سلوكهم السياسي والانتخابي. لذلك، ومنذ وقف الحرب رسمياً، تتزايد الانتقادات والضغوط في الشارع الإسرائيلي من أجل لجنة تحقيق رسمية ويقود هذا الحراك العائلات الثكلى التي تعتبر أن النزيف مستمر، وأن دائرة الوجع لا تنغلق طالما غابت لجنة تحقيق رسمية مستقلة.
ويرى المعلق السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” بن درور يميني أن “لجنة تحقيق حكومية” “كذبة كبيرة” وتدعو للسخرية.
وكذلك الباحث ميخائيل ميليشتاين، الذي يقول، ضمن مقال في الصحيفة ذاتها، إنه لا بديل عن لجنة تحقيق رسمية، خاصة أنها ستكشف أيضاً عن أن المجتمع الدولي يئس من محاولات فهم سياسة إسرائيل وبدأ يصيغ الواقع بدلاً منها في الحلبة الفلسطينية.

من سيحقق بقناعات وتوجهات الإسرائيليين؟
في سياق متصل لا بد من السؤال: من سيحقق بمواقف، أقوال ومعتقدات وأفعال معظم الإسرائيليين؟ فقد كشف استطلاع “معهد إسرائيل للديمقراطية” أن 84% من اليهود في البلاد يمنحون علامة ممتاز لأداء الجيش حول سلوكه الأخلاقي. في المقابل يعتقد 45% فقط أن تحقيقات جيش الاحتلال بما حصل بالحرب صادقة، مثلما يكشف أن 62% منهم يرفضون التحقيق مع جنود يشتبه بمشاركتهم بتعذيب أسرى فلسطينيين، بل يؤيدون “قتل مخربين حتى بدون أن يشكلوا أي تهديد”!.