على الحكومة ان تبت في هذا الامر والا فإن الفوضى ستعم!

دقيقة واحدة ago
على الحكومة ان تبت في هذا الامر والا فإن الفوضى ستعم!

وطنا اليوم:منذ عدة شهور هناك ازمة قائمة وتتفاعل وتحّول جهود واهتمام الجسم الاعلامي عن القضية الابرز في القيام بالدور المنوط به وهو نقل الاحداث وترجمة توجهات الدولة الاردنية الداخلية والخارجية والدفاع عن مصالح هذا الوطن ، الى البحث في كيفية مواجهة هذه الازمة التي تهدد مستقبل الاعلام في الاردن ، وتؤثر على توجهات الحكومة الحالية في تنفيذ استراتيجية اعلامية وطنية تنهض بالاعلام الاردني.

تلك الازمة تمثلت في تفعيل نقابة الصحفيين لمادة في نظام النقابة الداخلي هي “المادة 43 فقرة 4 – ألف دينار اشتراك سنوي لكل من المؤسسة الصحفية والمؤسسة الإعلامية التي تصدر مطبوعة صحفية يومية او لديها موقعا إلكترونيا اخباريا او محطة فضائية او محطة تلفزة أرضية او محطة إذاعية.”

هذه المادة التي تم تعديلها واضافتها بموجب نظام معدل للنظام الداخلي لنقابة الصحفيين نظام رقم 131 لسنة 2018 وبات يقرأ مع النظام رقم 83 لسنة 2003 “النظام الأصلي”

المادة التي وردت في النظام المعدل دون استشارة او موافقة شركات الاعلام من مواقع إخبارية وصحف وتلفزيون وإذاعة ، او الالتفات الى رأيها فيما اذا كانت ترغب بالاشتراك في نقابة مهنية مهمتها تنظيم وخدمة أعضائها من الصحفيين بالمعنى المقصود في قانون نقابة الصحفيين ، لا سيما وان شركات الاعلام مسجلة بحسب قانون الشركات وتتبع رقابيا لهيئة الاعلام لغايات التسجيل.

ولغويا واصطلاحا فإن كلمة “اشتراك” تعني ان هناك عرض يقدم مقابل هذا “الاشتراك” ويكون للطرف الاخر الحرية في قبوله او رفضه وليس فرضه!!

الامر الذي يثير مسألة دستورية في احقية مؤسسة ونقابة مهنية في فرض رسوم على شركات لا تخضع لإحكام قانونها ، ولا توجد أي صلة او خدمات ممكن ان تقدمها النقابة للشركات الإعلامية.

إضافة الى تعارض فرض مثل هذه الرسوم من مؤسسة أهلية خاصة وتخالف بشكل مباشر احكام الدستور الأردني الذي حصر فرض الرسوم والضرائب بيد الحكومة الأردنية واتبعها بأسباب فرضها لتحقيق خدمات عامة تعود بالنفع على المواطنين بصفتها صاحبة الولاية العامة والمسؤولة عن توفير الخدمات الأساسية من بنى تحتية وبناء مستشفيات ومدارس ، وبالتالي فإن ما تتقاضاه من رسوم وضرائب محكوم بأنظمة مالية واضحة.

وهو الامر الذي لا يتوافق مع ما جاء بمنطوق المادة 43 فقرة 4 من النظام الداخلي لنقابة الصحفيين ، التي فرض بموجبها مبلغ مقطوع على شركات تجارية خارج اطار ومحددات قانون النقابة ، ودون ان يكون هناك أي خدمات تقابل ما نصت عليه المادة من التزام مالي ، وهو ما يصل الى حد الإذعان في هذه المادة.

وعليه فإن على الحكومة صاحبة الولاية العامة ان توقف فورا العمل بهذه المادة لتعارضها مع احكام الدستور وقانون الشركات والاثار السلبية على الاستثمار في هذا القطاع والعراقيل التي تحول دون تقدمه ، وتجعل منه قطاع طارد للاستثمار.

كما ان اثار تطبيق هذه المادة يتعارض مع اهداف النقابة في إيجاد فرص عمل لمنتسبيها من خلال الشراكة مع المؤسسات الإعلامية ودعم جهود نموها وتوسع اعمالها لتكون قادرة على استيعاب عدد اكبر من منتسبي النقابة ، حيث سيتسبب استمرار تعنت النقابة في تطبيق هذه المادة في الغاء عدد كبير من الوظائف في المؤسسات الصحفية ، لتوفير الأموال المطلوبة للنقابة وتسديد الالتزامات التي رتبتها هذه المادة.

كما ستؤدي لا محالة الى توجه العديد من الشركات الإعلامية التي لن تستطيع الوفاء بمطالب النقابة الى اغلاق شركاتهم وانهاء خدمات العاملين لديهم من أعضاء نقابة الصحفيين.

وبينما يجب النظر الى قطاع الاستثمار في الاعلام نظرة ايجابية في اطار رؤية التحديث الاقتصادي ، والتركيز على دعم هذا القطاع ، وتوفير حوافز نموه وجذب استثمارات خارجية ، تحد الببئة الطاردة من فرص النجاح في هذا الاتجاه.

بالإضافة الى الصورة السلبية التي سوف تترسخ عن الحريات الإعلامية في الأردن ، والقيود التي تفرض بشكل غير مباشر على المؤسسات الإعلامية والصحفية ، وهو ما سيؤثر على ترتيب الأردن وفقا للمؤشر السنوي لحرية الصحافة العالمي ، والذي سجل تراجعا العام الحالي حيث احتل الاردن المرتبة 147 ، بدلا من تقدمه على سلم الترتيب.

وكان على نقابة الصحفيين ان توجه جهودها في توفير تمويل نشاطاتها الوجهة الصحيحة والتي تتمثل في ايجاد شراكة مع المؤسسات الاعلامية لتوسيع قاعدة التوظيف لديها من اعضاء النقابة والخريجين من كليات الاعلام ، وبالتوازي التوجه نحو الجامعات الخاصة والرسمية لتحصيل دعم وتبرعات منها كجزء من مسوؤليتها الاجتماعية من خلال ما تتقاضاه تلك الجامعات من رسوم جامعية لطلبة كليات الاعلام فيها ، والذين لا يجد اغلبهم فرص عمل لتحقيق طموحاتهم ومستقبلهم الوظيفي.

وعليه وفي ضوء المسؤوليات الملقاة على الحكومة الاردنية الحالية ، واصرارها على مواجهة كل التحديات وحل كل ما يعيق تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وتعزيز فرص الحصول على فرص عمل لا سيما وان قطاع الاعلام يشهد بطالة كبيرة في ضوء مخرجات الجامعات في تخصصات الاعلام واعداد الخريجين العاطلين عن العمل.

حيث ان ترك هذا الموضوع دون تدخل حكومي مبني على مراجعة قانونية مستندة للدستور والقانون ، يفتح الباب امام نقابات مهنية او عمالية لتعديل انظمتها وفرض مبالغ مالية على الشركات العاملة في اطار نطاق عمل اعضائها ، بما يعنيه ذلك من فوضى التشريعات والانظمة.